بعدما ترافق اسم برشلونة بما أطلق عليه أسلوب «تيكي تاكا» الذي بدأه مدربه الهولندي السابق الراحل يوهان كرويف، وأتقنه بيب غوارديولا، أدرك المدرب الحالي تشافي هرنانديس أنه من أجل العودة إلى منصة التتويج يجب تغيير الأمور.
عاد برشلونة إلى منصة تتويج الدوري المحلي للمرة الأولى منذ 2019، بفضل سلاح جديد- غريب عليه هو الدفاع الذي لعب الدور الرئيس في إزاحة غريمه ريال عن العرش، بعدما تلقت شباكه 13 هدفاً فقط في 34 مرحلة.
واعتقد كثر أن رحيل صخرة الدفاع جيرار بيكيه، سيترك فراغاً كبيراً في الخط الخلفي للفريق الكتالوني، لكن اعتماد تشافي بشكل كبير على الأوروغوياني رونالد أراوخو أثبت أن الرهان عليه كان موفقاً عندما قررت الإدارة ضمه في صيف 2018 من بوسطن ريفر الأوروغوياني في صفقة بلغت 1.7 مليون يورو فقط من دون المكافآت.
إلا أن رحلة أراوخو البالغ حالياً 24 عاماً في «كامب نو» لم تكن وردية في بدايتها، إذ عانى للتأقلم على بعد نحو 10 آلاف كيلومتر من موطنه.
والأمر لا يتعلق بإصابات عاناها في مستهل مشوار بدأه مع الفريق الرديف، بل واجه صعوبة في التأقلم مع حياته الجديدة وحتى مع اللغة، لأنه قادم من ريفيرا القريبة جداً من الحدود البرازيلية والتي يتحدث سكانها لغة «بورتونيول»، وهي مزيج من البرتغالية والإسبانية وفق ما كشف أراوخو نفسه في إحدى المقابلات.
لكنه لم يستسلم وأظهر شخصيته القتالية في التعامل مع حرق المراحل التي تؤثر نفسياً على أي مراهق كان، فكيف الحال إذا كان الأمر يتعلق بالدفاع عن ألوان أحد أعرق وأهم الأندية في أوروبا والعالم بأجمعه.
وفي مقابلة نشرتها صحيفة «ذي غارديان» البريطانية في فبراير/شباط الماضي، قال أراوخو الذي وصل إلى برشلونة حين كان في التاسعة عشرة من عمره: «كرة القدم تسارعت، في السابعة عشرة من عمري، كنت لا أزال في بلدتي الصغيرة، ألعب للفريق المحلي هوراكان ريفيرا، ثم انتقلت إلى مونتيفيدو على سبيل التجربة مع رينتيستاس».
تابع «لعبت مع فريق تحت الـ19 عاماً لخمسة أشهر، ثم رُفّعت إلى فريق الكبار الذي يلعب في الدرجة الثانية ثم نقلوني إلى بوسطن ريفر»، ورأى أن «الانتقال من ريفيرا إلى برشلونة في غضون عامين كان جنونياً».
- على حلبة الثيران
من الترعرع تحت أجنحة والد يعمل في التشجير، وأم في تنظيف المنازل والاستمتاع بسلام الطبيعة والحيوانات، وجد أراوخو نفسه يرتدي قميصاً ثقيلاً جداً على أي لاعب كان في ظل تاريخ ومكانة برشلونة.
قرّر أراوخو ألا يهاب التحدي مهما عظم شأنه وواجه الضغوط الناجمة عن ارتداء ألوان «بلاوغرانا» بتمارين يومية كان أبرزها في «حلبة الثيران» لأكاديمية «لا ماسيا»، وهي عبارة عن حلبة محاطة بسور من الشبابيك الحديدية المتحركة على إطارات ترتد منها الكرة عند تسديدها باتجاهها، ما يصقل موهبة السيطرة على الكرة.
باتت هذه الحلبة المكان المفضل للشاب الأوروغوياني الذي شعر أن كل شيء حوله مختلف على بعد آلاف الكيلومترات من موطنه.
اعتبر أن الانتقال إلى برشلونة كان «قفزة» في حياته، مضيفاً «في الأشهر الثمانية الأولى سكنت بالقرب من ملعب التمارين» ثم قرر استعادة شيء من حنين حياته في الوطن بانتقاله إلى منزل عند سفح الجبل في باليخا «مع غابات الصنوبر، ما أن تترك المنزل حتى تجد نفسك في ملاذ الجبال، لكن عندما انضممت إلى الفريق الأول واضطررت للسفر كل ثلاثة أيام، عدت إلى أسفل التل».
اضطر أراوخو إلى تغيير الكثير مما تعلمه كروياً في الأوروغواي «حيث اللعب مباشر أكثر، تطوّر الأمر هناك بعض الشيء، لكن الحارس ما زال يركل الكرة بعيداً كل ما كانت في حوزته أو يمرّرها لنا كمدافعين كي نقوم بركلها بعيداً نحو منطقة الخصم، الصعود بالكرة من الدفاع لم يكن موجوداً».
وتابع «لم نكن نعمل حقاً على الناحية التكتيكية، كل ما تفعله كمدافع هو الدفاع، هذا كل ما في الأمر، في أوروبا يطلبون منك أكثر من ذلك، كان عليّ أن أتغيّر كثيراً».