الخليج – متابعات
تصدرت شعارات «الاستقرار مع أردوغان»، و«التغيير مع أوغلو» حملات المرشحين لانتخابات الرئاسة التركية، وكل شعار يتحدى الآخر، فالرئيس التركي المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان، يؤكد أن التصويت لمصلحته سيضمن الاستقرار بعد أن حصل تحالفه على أغلبية برلمانية.
وفي المقابل يطالب منافسه مرشح المعارضة كمال كيلتشدار أوغلو (74 عاماً) زعيم حزب الشعب الجمهوري (اشتراكي ديمقراطي)، بالتغيير الشامل سياسياً واقتصادياً، والابتعاد كثيراً عمّا كان يتبعه أردوغان.
وبالتالي فإن انتخابات الأحد، لن تحدد فقط من سيقود البلاد؛ بل وطريقة حكمها، وإلى أين يتجه اقتصادها ومسار سياساتها الخارجية.
- أزمة اقتصادية
بعد عقدين في السلطة، بدا أردوغان مهدداً بتداعيات الأزمة الاقتصادية، لكنه تصدّر نتائج الدورة الأولى لثالث انتخابات رئاسية يخوضها خلافاً لكل التوقعات.
ويبدو أن أردوغان (69 عاماً) هو الأوفر حظاً للفوز في الدورة الثانية في مواجهة أوغلو (74 عاماً)، كما تكشف استطلاعات الرأي الأخيرة.
وخلافاً لانتخابات 2014 و2018 لم يفز بالمعركة من الدورة الأولى، لكنه يخوض الدورة الثانية الأحد من موقع قوة، بعدما حصل على 49.5% من الأصوات مقابل 45% لمنافسه كيلتشدار أوغلو.
وأثبتت نتائج الدورة الأولى أن الرئيس التركي لا يزال بطل الأغلبية المحافظة؛ إذ حصل على 49.5 في المئة من الأصوات، مقابل 44.9 في المئة لكليشدار أوغلو، ما يعكس الدعم القوي الذي يتمتع به الرئيس على الرغم من تفاقم أزمة غلاء المعيشة، واستطلاعات الرأي التي أظهرت قبل الانتخابات تقدم مرشح المعارضة الرئيسي.
وعزت مراكز الاستطلاعات في وقت لاحق تلك النتيجة إلى زيادة غير متوقعة في دعم القوميين وقت التصويت.
يقول أردوغان إن التصويت لمصلحته سيضمن الاستقرار، بعد أن حصل تحالفه على أغلبية برلمانية.
ويسعى الرئيس التركي أردوغان إلى تمديد حكمه إلى عقد ثالث، ويعزز من فرصه فوز الأغلبية البرلمانية التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية وحلفاؤه في انتخابات 14 مايو/ أيار، علاوة على الدعم الذي حصل عليه، الاثنين، بعد إعلان السياسي القومي سنان أوغان، الذي حل ثالثاً في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة، تأييد الرئيس التركي في جولة الإعادة.
لن تحدد انتخابات اليوم فقط من سيقود البلاد؛ بل وطريقة حكمها، وإلى أين يتجه اقتصادها ومسار سياساتها الخارجية.
أما كليشدار أوغلو، الذي حصل هو الآخر على دعم جديد من زعيم يميني متشدد، فمدعوم من تحالف من ستة أحزاب معارضة، منها حزب الشعب الجمهوري الذي يتزعمه.
ودافع أردوغان، الزعيم الأطول بقاء في السلطة في تركيا الحديثة، عن الاعتبارات الدينية وأسعار الفائدة المنخفضة، مع تأكيد النفوذ التركي في المنطقة وتقليص صلات البلد العضو في حلف شمال الأطلسي مع الغرب.
وتجري الانتخابات بعد ثلاثة أشهر من وقوع زلازل مدمرة في جنوب شرق تركيا، أودت بحياة أكثر من 50 ألفاً.
أردوغان هو أقوى زعيم للبلاد منذ أسس مصطفى كمال أتاتورك الجمهورية التركية الحديثة قبل قرن من الزمان. وأبعد أردوغان وحزبه العدالة والتنمية البلاد عن نهج أتاتورك العلماني.
كما ركَّز أردوغان الصلاحيات في رئاسة تنفيذية، مقرها قصر يضم ألف غرفة على مشارف أنقرة، وترسم من خلاله السياسات فيما يخص الشؤون الاقتصادية والأمنية والمحلية والدولية.
في الاقتصاد، يقول خبراء: إن دعوات أردوغان لخفض أسعار الفائدة، أدت إلى ارتفاع التضخم لأعلى مستوى في 24 عاماً عند 85 في المئة العام الماضي، كما أدت إلى هبوط الليرة إلى عُشر قيمتها مقابل الدولار على مدار العقد الماضي.
أدى شراء أردوغان لأنظمة دفاع جوي روسية إلى فرض عقوبات أمريكية على أنقرة، استهدفت صناعة الأسلحة، في حين أثار قربه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تشكيكاً من منتقدين بخصوص التزام أنقرة إزاء حلف شمال الأطلسي. كما أثارت اعتراضات أنقرة على طلبي السويد وفنلندا الانضمام للحلف العسكري توترات.
ومع ذلك، توسطت تركيا في اتفاق سمح بتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، ما يشير إلى دور ربما يلعبه أردوغان ضمن الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في أوكرانيا. ولم يتضح إلى الآن ما إذا كان هناك خليفة محتمل له القدرة على أن يحظى بنفس المكانة التي اكتسبها أردوغان على الساحة الدولية، وهي نقطة أثارها في حملته الانتخابية.
تحالف حزبا المعارضة الرئيسيان، حزب الشعب الجمهوري العلماني والحزب الصالح القومي المنتمي ليمين الوسط، مع أربعة أحزاب أصغر على أساس برنامج من شأنه إلغاء الكثير من السياسات التي اتسم بها حكم أردوغان.
وتعهدت هذه الأحزاب بإعادة استقلال البنك المركزي، والتخلص من سياسات أردوغان الاقتصادية غير التقليدية، كما أن المعارضة تعتزم إلغاء رئاسته التنفيذية والعودة للنظام البرلماني السابق، فضلاً عن إعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم.
كما تهدف الأحزاب إلى تحسين العلاقات مع الحلفاء الغربيين بما في ذلك الولايات المتحدة، وإعادة تركيا إلى برنامج طائرات «إف-35» المقاتلة الذي استُبعدت منه بعد شراء الدفاعات الصاروخية الروسية.
ويعتقد محللون أن السياسات التي تعهدت بها المعارضة قد تحفز الاستثمار الأجنبي.
وسعياً وراء الدعم من الناخبين القوميين في جولة الإعادة، زاد كليشدار أوغلو من حدة نبرته المناهضة للمهاجرين في الأسبوعين الماضيين، وتعهد بإعادة المهاجرين إلى بلادهم.
وكان الصراع التركي المستمر منذ أربعة عقود مع حزب العمال الكردستاني عاملاً مهماً في الحملة الانتخابية، إلى جانب دور الأحزاب السياسية الكردية الرئيسية.
وعلى الرغم من أن حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد ليس جزءاً من تحالف المعارضة، فإنه يعارض بشدة أردوغان بعد حملة استهدفت أعضاءه في السنوات الماضية، ما دفعه إلى إعلان تأييده لكليشدار أوغلو.