إعداد – أحمد البشير:
أمضى الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، شهوراً في العمل على عرقلة حملة حاكم فلوريدا الحالي، رون ديسانتيس، الذي كان هو وفريقه ينظرون إليه منذ فترة طويلة على أنه أخطر منافسيه في الحزب الجمهوري. لكن ديسانتيس حاول البقاء ثابتاً في المعركة، متجاهلاً هجمات ترامب المتصاعدة، وأعلن دخوله حلبة المنافسة للوصول إلى البيت الأبيض.
أدى دخول رون ديسانتيس السباق نحو زعامة البيت الأبيض لعام 2024 ضد الرئيس السابق، دونالد ترامب، إلى صدام بين اثنين من أكثر الشخصيات البارزة في الحزب الجمهوري، حيث يحاول حاكم فلوريدا الإطاحة برجل هيمن على الحزب الجمهوري على مدى السنوات السبع الماضية.
وأمضى ترامب الذي نصّب نفسه على أنه الأوفر حظّاً في ترشيح الحزب الجمهوري، شهوراً منذ أن أطلق حملته الخاصة في العمل على إعاقة ديسانتيس، الذي صعد ليصبح حاكم ولاية نيويورك في عام 2019، حيث تجاهل الأخير جميع محاولات ترامب لإقصائه، والتي تضمنت الهجوم على سجله السياسي وحياته الشخصية.
وقال أليكس كونانت، الخبير الاستراتيجي في الحزب الجمهوري «إن الحملة الانتخابية على وشك أن تصبح أكثر قوة، وسيكون على ديسانتيس الرد بالمثل، ويقيم مؤتمرات صحفية ويهاجم خصومه بلا هوادة».
لكن ديسانتيس، وخلال حدث الإعلان عن ترشحه رسمياً، هاجم، على استحياء، خصمه الرئيسي ترامب، من دون ذكره بالاسم. وهي استراتيجية تذكّرنا بعام 2016، عندما فشل الخصوم الجمهوريون لترامب من مهاجمته مباشرة خوفاً تنفير مؤيديه، وافتراض أن نجمه سينطفئ من تلقاء نفسه.
ترك العمل القذر
وقال ديسانتيس في أول ظهور له على منصة «تويتر»: «لا بديل عن النصر، وعلينا إنهاء ثقافة الخسائر المتلاحقة التي أصابت الحزب الجمهوري خلال السنوات الأخيرة. يجب أن نتطلع إلى الأمام، وليس إلى الوراء».
وفي مقابلة لاحقة مع قناة «فوكس نيوز»، قال ديسانتيس إنه يجب على جميع المرشحين المشاركة في المناظرات الأولية للحزب الجمهوري المخطط لها، والتي هدد ترامب بمقاطعتها، مضيفاً: «لا أحد له الحق في أي شيء في هذا العالم».
ويبدو أن ديسانتيس يعتزم، خلال الوقت الحالي على الأقل، ترك «العمل القذر»، المتمثل في مهاجمة دونالد ترامب لحلفائه، الذين سيستغلون الثغرات والهفوات التي تصدر عن ترامب ضده، لا سيما في ما يتعلق بسياساته.
قضية الإجهاض
والآن، وبعد أن دخل السباق رسمياً، يستعد حلف ديسانتيس لتكثيف هجماته ضد الرئيس السابق، إذ يخطط فريقه للتركيز على الخلافات السياسية بين الجمهوريين، ما يجعل قضية ترامب «تنحرف عن مسارها نحو اليسار»، في بعض القضايا، وأبرزها الإجهاض.
ويعتقد فريق ديسانتيس أن ترامب ضعيف بشكل خاص مع الناخبين الجمهوريين الأساسيين بشأن الإجهاض. وعلى الرغم من أن الرئيس السابق عيّن قضاة المحكمة العليا الذين أسقطوا قضية «رو ضد ويد»، إلا أنه أثار حفيظة النشطاء المناهضين للإجهاض، برفضه القول ما إذا كان يدعم فرض حظر فيدرالي على هذه الإجراءات.
وسيكون على ديسانتيس، وداعميه، أن يسيروا بحذر، فمن أجل الفوز بالترشيح سيحتاج إلى تشكيل ائتلاف يضم منتقدي ترامب، ومؤيديه، وعليه ألا يخاطر بتنفير قسم كبير من الحزب في حال سعى وراء مهاجمة ترامب بقوة. وإدراكاً لهذا التحدي تخطط حملة ديسانتيس الانتخابية للابتعاد عن النقد المرتبط مباشرة بالعديد من التشابكات القانونية لترامب.
وفي غضون ذلك، أمضى ترامب شهوراً في مهاجمة ديسانتيس بلا هوادة، وأطلق عليه لقب«Ron DeSanctimonious»، أي «رون المنافق».
وقال أليكس فايفر، المتحدث باسم الحملة الانتخابية لدونالد ترامب: «إن إطلاق رون ديسانتيس لحملته الفاشلة هو مجرد مثال آخر على أنه ليس مستعداً لهذه اللحظة الحرجة. لا يعرف الناخبون رون ديسانتيس بعد، لكنهم سيكتشفون أن لديه سجلاً في استهداف الضمان الاجتماعي، ومحاولة زيادة الضرائب، والتصويت ضد تمويل الجدار الحدودي مع المكسيك».
استطلاعات الرأي
وأظهرت استطلاعات الرأي، في العام الماضي، أن لدى ديسانتيس قاعدة شعبية مساوية لقاعدة ترامب، وأنه يتفوق عليه أيضاً في بعض الأحيان. وتشير الأرقام الآن، إلى أن ترامب حصل على أكثر من 50 في المئة من الأصوات في العديد من استطلاعات الرأي للناخبين الجمهوريين، بينما يتبعه ديسانتيس بأرقام مزدوجة.
وأظهر مجموع استطلاعات الرأي من «ريل كلير بوليتيكس»، أنه حتى إذا قام ديسانتيس بتوحيد جميع الناخبين الذين لا يصوتون لترامب، فإنه سيظل خلف ترامب.
ومن الواضح أن حملة ترامب تنظر إلى حاكم فلوريدا باعتباره التهديد الأكثر إلحاحاً للرئيس السابق. وليس من الواضح بالضبط مقدار الأموال التي جمعتها المجموعات المستقلة التي تدعم ترامب، لكن أفرادها يهاجمون ديسانتيس على التلفزيون في ولايات رئيسية منذ أشهر.
ومع ذلك، فإن لدى حاكم فلوريدا الكثير من الأموال الخاصة، ففي في نهاية الشهر الماضي، كان لديه 88 مليون دولار في صندوق «أصدقاء رون ديسانتيس»، وكان المبلغ جُمع من أجل حملته الانتخابية في فلوريدا، ويمكن تحويله إلى دعم ترشحه للرئاسة. وبحسب ما ورد، فلدى ديسانتيس أيضاً نحو 30 مليون دولار تسيطر عليها لجنة مستقلة، ويمكن لحلفائه استخدامها لدعم حملته.
من جهته، أبلغ ترامب عن جمعه تبرعات بقيمة 18.8 مليون دولار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023، مع 13 مليون دولار في حساب حملته الرئيسي. ولدى معظم المرشحين الجمهوريين الآخرين للرئاسة مبالغ أقل من المال.
وعمل حاكم فلوريدا أيضاً على بناء أرضية جيدة لحملته من خلال تودده إلى المسؤولين المحليين ووسطاء السلطة في الولايات الرئيسية التي يتم الصويت فيها مبكراً في مسابقة ترشيح الحزب الجمهوري. وفي رحلته الأخيرة إلى ولاية أيوا، أعلن حصوله على تأييد أكثر من 36 مشرعاً، وهو الرقم الأكبر الذي يحصل عليه أي مرشح حتى الآن.
وسلّط ديسانتيس الأضواء على ولايته فلوريدا، بتحويلها إلى مختبر للأفكار المحافظة، مع تسهيله الحصول على أسلحة نارية، وشنّه حرباً على كل الطروحات التقدمية، ولا شك في أن تدابيره الصادمة جعلته يُعرف على نطاق واسع.