ميامي – أ ف ب
وصل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى مقر محكمة في ميامي، تبحث في عشرات التهم المتعلقة بإساءة التعامل مع أسرار حكومية، في أخطر تحقيقات جنائية تهدد فوزه برئاسة البلاد؛ حيث تم أخذ بصماته، ووُضع رهن الاعتقال لدقائق.
وعُزِّزت الإجراءات الأمنية حول قاعة المحكمة الفيدرالية في وسط مدينة ميامي؛ حيث من المقرر أن يرد ترامب على التهم الموجهة إليه في أول قضية جنائية فيدرالية تقام على رئيس أمريكي سابق.
ونقلت وسائل إعلام عن ترامب، قوله بعد وصوله إلى المحكمة: اليوم هو أكثر الأيام حزناً في تاريخ أمريكا.
وجاء ذلك في وقت أكدت مصادر أنه سيتم وضع ترامب قيد الاعتقال، والمحاكمة بتهم جنائية قبل استجوابه. وبحسب مصادر إعلامية فقد دامت عملية اعتقال ترامب عشر دقائق.
وأوضح مصدر قضائي، أن ترامب سيُحاكم مثلما يحاكم المتهمون الآخرون. ستؤخذ بصماته رقمياً، وستحمّل صورة له في سجلات المحكمة، لكن لن تُنشر للجمهور.
وكان العشرات من أنصار ترامب قد تجمعوا قرب قاعة المحكمة، بينهم أشخاص كانوا يضعون قبعات كُتب عليها شعار: «لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً»، فيما حمل آخر لافتة كتب عليها: «إنديكت جاك سميث»، وهو المحقق الخاص المكلّف بالإشراف على التحقيق.
وكانت الشرطة مستعدة لحدوث احتجاجات واضطرابات محتملة، لكن الأجواء كانت احتفالية، مع بث محطة إذاعية محلية موسيقى السالسا الكوبية. وانتقد ترامب، الذي توجه إلى مقر المحكمة الفيدرالية، ضمن موكب في رحلة استغرقت 25 دقيقة من ملعب الغولف الذي يملكه في ميامي، على منصته «تروث سوشل»، صباح الثلاثاء، سميث واصفاً إياه بأنه «أخرق».
ويواجه ترامب 31 تهمة تتعلق بالاحتفاظ بوثائق سرية بشكل غير قانوني، يُعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات، وجرائم أخرى. وقال الجمهوري إنه سيدفع ببراءته، لكنه لن يُدلي بأي تصريح من المحكمة، بعد انتهاء الجلسة.
وقال ترامب للمذيع المحافظ هوي كار الاثنين: «سأقول فقط غير مذنب».
وأضاف: «لم أرتكب خطأ. القانون المتعلق بالسجلات الرئاسية ليس حتى حدثاً إجرامياً. لا يوجد إجرام هنا. إنه أمر سخيف».
– عرقلة عمل المحققين
وترامب متّهم بالاحتفاظ بأسرار حكومية، أخذها معه بشكل غير قانوني إلى دارته في فلوريدا لدى انتهاء ولايته في 2021، وبرفض إعادتها، والتآمر لعرقلة عمل المحققين الذين كانوا يسعون لاستعادتها. ويُتهم أيضاً بكشف أسرار حساسة لأشخاص لا يحملون تصاريح أمنية، في قضية أكثر خطورة من القضايا الأخرى التي واجهها، ويمكن أن تصل عقوبتها إلى عقود من السجن.
وتعهد المرشح الأوفر حظاً للفوز في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في 2024، بالبقاء في السباق بغض النظر عن نتيجة القضية، مطلقاً للمرة الأولى في تاريخ أمريكا حملة تتواجه فيها معركتان، قانونية وانتخابية.
وتتضمن لائحة الاتهام المكونة من 49 صفحة، صوراً تُظهر الصناديق التي كان يفترض أن تكون في الأرشيف الوطني، مكدسة في قاعات رقص وغرف نوم وحمام في منتجع مارالاغو، مقر سكن ترامب في بالم بيتش. ورفض الرئيس لائحة الاتهام واعتبرها «سخيفة».
وعززت الإجراءات الأمنية حول «محكمة ويلكي دي فيرغسون جونيور» في ميامي، مع إعلان جماعات يمينية عزمها على التظاهر، ومن بينها فرع محلي لمنظمة «براود بويز» المتطرفة. وقال رئيس بلدية ميامي الجمهوري فرانسيس سواريز للصحافيين: «نأمل أن يكون الغد سلمياً. نشجع الناس على أن يكونوا مسالمين في إظهار مشاعرهم».
ويُتوقع أن يتوجه ترامب، بعد الجلسة، إلى ناديه للغولف في بيدمنستر بنيوجيرزي؛ ليعيد التأكيد على براءته أمام أنصاره.
وليست تلك المتاعب القانونية الوحيدة للرئيس السابق؛ إذ يُتهم بالاحتيال المالي في نيويورك في قضية من المقرر أن تبدأ جلساتها في مارس/آذار المقبل.
وينظر المحقق الخاص جاك سميث الذي يقود تحقيقات قضية الوثائق السرية، في دور ترامب في أحداث الكابيتول عام 2021، بينما ينظر محققون فيدراليون في مساعٍ له لقلب نتيجة انتخابات 2020.
– العين بالعين
واتحد حلفاء ترامب في الكونغرس ومنافسوه في سباق البيت الأبيض دفاعاً عنه، بعد توجيه الاتهام الأخير له، فشجبوا استخدام الحكومة القضية «سلاحاً» ضد المحافظين.
وواجه بعض المشرعين الجمهوريين انتقادات بسبب خطاباتهم التي يمكن أن تحض على العنف، ومن بينهم النائب عن لويزيانا كلاي هيغينز الذي طلب من أنصاره «شد الأحزمة»، والنائب عن أريزونا أندي بيغز الذي كتب في تغريدة: «بلغنا الآن مرحلة الحرب. العين بالعين».
وتُعرف المنطقة الجنوبية لفلوريدا بأنها «محكمة صاروخية»، وهو تعبير يُستخدم للدلالة على المحاكم التي تضغط من أجل العدالة السريعة، أو البتّ بالقضايا بشكل سريع، بحيث لم تستبعد السلطات استكمال المحاكمة قبل انتخابات عام 2024.
وسينصبّ التركيز في الإجراءات الأولية على القاضية آيلين كانون، وهي من القضاة الذين عينهم ترامب، واختيرت لهذه القضية عشوائياً، وسيكون لها تأثير في مدى سرعة تحرك الأمور.
وأصدرت كانون أحكاماً لصالح ترامب في وقت سابق في القضية، ما أدى إلى عرقلة التحقيقات لأسابيع، إلى أن قضت محكمة استئناف محافظة بأنها تصرفت خارج نطاق سلطتها. وسيشرف قاضٍ آخر على جلسة توجيه الاتهام.