رغم عدم تخطي مسيرته شهرها التاسع مع الأهلي المصري، تعلّم المدرب السويسري مارسيل كولر درس عدم الاعتماد على مجموعة بعينها، ما قد يؤدي إلى إنهاك بدني وذهني للاعبيه، فوسّع دائرة خياراته وكسب رهان استعادة لقب دوري أبطال إفريقيا والسيطرة على كرة القدم المحلية.
تسلّم كولر في سبتمبر 2022 فريقاً منهكاً بدنياً وذهنياً، رحل عنه مدربه الجنوب إفريقي بيتسو موسيماني، ليأتي البرتغالي ريكاردو سواريش، لكن ولاية الأخير لم تتجاوز الأشهر الثلاثة، وسط حالة لم يعتد عليها الأهلي من السخط الجماهيري والتخبط الإداري.
مدرّب لا يعرفه الكثيرون في مصر، باستثناء بعض متوسطي العمر الذين تابعوا مسيرته مع منتخب سويسرا، فيما أمضى كامل مسيرته كلاعب وسط مع نادي غراسهوبرز.
حتى من قرأوا سيرته الذاتية شكّكوا في قدرة مدرب منتخب النمسا وأندية كولن وبوخوم الألمانيين وسانت غالن وغراسهوبرز وبازل سابقاً، على تجاوز إحباطات موسم كارثي خرج منه فريق العاصمة خاسراً لدوري الأبطال في النهائي أمام الوداد المغربي، كأس مصر في الدور عينه، ومنهياً الدوري المحلي في المركز الثالث، بعيداً عن مركزي البطل والوصيف للمرة الأولى منذ ثلاثين عاماً.
لكن الأحد الماضي، احتفل الأهلي بالتتويج بلقب دوري الأبطال مرة حادية عشرة قياسية، وثالثة في السنوات الأربع الأخيرة، بعدما ثأر من الوداد نفسه.
قبل ذلك، وُجّهت انتقادات لموسيماني (قاد الأهلي إلى لقبي أبطال إفريقيا 2020 و2021) للإفراط في الاعتماد على مجموعة بعينها، ما تسبب في حالة من الإجهاد أصابت اللاعبين في المراحل الحاسمة من الموسم، وتسببت في خسارة الدوري المصري مرتين متتاليتين.
يقول لاعب الأهلي ومدربه السابق والخبير الكروي المخضرم طه إسماعيل لفرانس برس «تحمّل موسيماني خسارة الأهلي للقب الدوري مرتين، وبصفة أكبر لقب دوري أبطال إفريقيا العام الماضي بسبب سياسته في اختيار اللاعبين».
وفسّر «الشيخ طه»: «في نهائي دوري الأبطال، لم يكن الأهلي قادراً على مجاراة لاعبي الوداد بدنياً، الاعتماد على مجموعة بعينها والإعداد البدني أثر بصورة سلبية في المراحل الحاسمة».
في الموسم قبل الماضي، فرّط الأهلي في تقدمه أمام كل من البنك الأهلي (1-1)، بيراميدز (2-2)، الإسماعيلي (1-1)، والجونة (3-3)، ليفقد لقب الدوري في الأسابيع الأخيرة لمصلحة الزمالك، رغم الظروف الإدارية الصعبة التي مر بها هذا الأخير.
تكرّر الأمر الموسم الماضي ورافقه سقوط أكثر من لاعب بإصابات عضلية، أبرزهم قلبا الدفاع محمد عبد المنعم وياسر إبراهيم، لاعب الوسط عمرو السولية، والجناح الجنوب إفريقي بيرسي تاو.
- تشكيلات وتغييرات متوازنة
استفاد ابن الثانية والستين من الدرس موسّعاً دائرة اختياراته، سواء في دوري الأبطال أو في الدوري المصري الذي بات مرشحاً فوق العادة لاستعادته.
شارك 29 لاعباً في مباريات الأهلي الـ 14 في دوري الأبطال، فكان عبد المنعم والظهير الأيسر التونسي علي معلول من يشاركان في كل مبارياته. استخدم أكبر عدد مقارنة بمنافسيه الوداد وماميلودي صنداونز الجنوب إفريقي (24)، والترجي التونسي والرجاء المغربي (25).
شرح قائد الأهلي الأسبق وليد صلاح الدين «تعامل كولر مع قائمة الأهلي بذكاء، ونجح في تجهيز وإراحة اللاعبين، وهذا ساعده في الوقت الحاسم».
تابع اللاعب السابق الذي حقق معه لقب دوري الأبطال 2001 «بعد الوصول للدور النهائي، نجح كولر في تجهيز لاعبيه الأساسيين بإراحتهم في مباريات الدوري. حتى في دوري الأبطال كانت تشكيلاته وتغييراته متوازنة، ما منح الفرصة للجميع لدخول المباريات بجاهزية فنية وبدنية».
- تطويع الأفكار
كان الأهلي على وشك توديع دوري الأبطال مبكراً بعد خسارته من صنداونز 2-5 في الجولة الرابعة من دور المجموعات، فتأهل بشق النفس على حساب الهلال السوداني.
خسر قبلها أمام ريال مدريد الإسباني 1-4 وفلامنغو البرازيلي 2-4 في مونديال الأندية، فواجه كولر انتقادات أخرى لاتباعه سياسة اللعب المفتوح أياً كان منافسه والظروف. خسارة صنداونز القاسية كانت درساً آخر أدركه السويسري جيداً، وساعده على تطويع أفكاره.
خاض بعدها ثماني مباريات في دوري الأبطال، فاز في ست منها وتعادل مرتين (كلاهما في الدار البيضاء مع الرجاء والوداد). سجّل 16 هدفاً ولم يستقبل سوى هدفين (ذهاباً وإياباً من الوداد في الدور النهائي).
في المجمل، قاد كولر الأهلي في 47 مباراة في مختلف المسابقات حقق فيها 35 فوزاً و8 تعادلات و4 هزائم كلها في مباريات خارجية (اثنتان في كأس العالم للأندية ومثلهما في دوري الأبطال).
يقول كولر: «جماهير الأهلي لا تتوقف عن المطالبة بالفوز بكل البطولات، وهذه فلسفة الفريق بشكل عام. يمكنني أن أتفهم ذلك».
ربما مازال الوقت مبكراً للحكم على تجربة كولر مع الأهلي، فالعام الأول من تعاقده الذي يمتد لموسمين لم ينته بعد، إلا أن المقدمات تؤدي حتماً إلى النتائج التي تتحدث عن نفسها حتى اللحظة.