الخليج – متابعات
في مثل هذا اليوم 22/ 6 من العام 1986 أحرز أسطورة كرة القدم الأرجنتينية الراحل دييغو أراماندو مارادونا هدفه باليد في مرمى إنجلترا، والذي يعد أحد أكثر الأهداف إثارة للجدل في التاريخ، والذي مهد لحمل منتخب التانغو لهذه النسخة من كأس العالم.
لم يولد أسطورة كرة القدم الأرجنتينية الراحل مارادونا وفي فمه ملعقة من ذهب حسبما كان يصف نفسه دائماً، بل وجد نفسه منذ لحظة ميلاده في الـ 30 من شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 1960، في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، محاطاً بمجموعة من ظروف البؤس والحرمان والفقر، فكغيره من أبناء الحي نشأ وترعرع في تلك البيئة القاسية، «التي تفتقد لجميع أساسيات الحياة الآدمية العادية».
كان مارادونا الخامس بين ثمانية أشقاء، بالإضافة إلى والديه، ولعب شقيقان له هما «هيوجو» و«إدواردو» كرة القدم كمحترفين، لكنهما لم يحققا أي شهرة تذكر
طفولة قاسية
على الرغم من قسوة الظروف التي عاشها مارادونا في طفولته فإن أسرته كانت متماسكة وشجعته على ممارسة كرة القدم، وبدأت موهبته في البزوغ مبكراً في سن العاشرة عندما كان يلعب مع نادي «إستريلا روجا»، وانتقل بعدها للعب في عدة أندية مثل «أرجنتينوس جونيورز» بين عامي 1974 و1976، ثم كمحترف في نفس النادي حتى عام 1981، انتقل بعد ذلك إلى نادي بوكا جونيورز.
وفي الخامسة عشرة من عمره تمكّن الشاب دييغو من تحقيق الحلم الأول، بعد أن منحته إدارة فريق «أرجنتينيوس جونيورس» منزلاً بالعاصمة، الأمر الذي كان بمثابة انتصار كبير للفتى الذي كان يتحدث بتأثر عن أبيه العامل الذي يستيقظ يومياً في الرابعة فجراً ليستطيع تدبير شؤون أسرته الكبيرة.
حقق مارادونا أول لقب مع فريقه في السادسة عشرة من عمره، وفي عام 1982 لعب أولى مبارياته مع منتخب الأرجنتين ضد منتخب المجر؛ حيث بدأ ميلاد نجم وأسطورة جديد في كرة القدم؛ حيث مثّل الأرجنتين في بطولة العالم للشباب بسن الـ 18 عاماً وكان نجم هذه البطولة، وفاز بها بعد الفوز على الاتحاد السوفييتي بنتيجة 3- 1، في النهائي.
وفي العام نفسه انتقل الفتى الذهبي إلى نادي برشلونة الإسباني.
في عام 1983 فاز مارادونا مع نادي برشلونة ببطولة كأس إسبانيا بعد هزيمة ريال مدريد، لم يحصل مارادونا على الإعجاب الكامل من إدارة نادي برشلونة الإسباني، فانتقل عام 1984 إلى نادي نابولي الإيطالي.
وكانت تلك الفترة بمنزلة قفزة نوعية لنادي نابولي الذي كان وصيفاً للدوري الإيطالي مرتين، في 1988 و1987، حيث فاز الفريق بالدوري الإيطالي موسمي 1986و1989، وفاز بكأس إيطاليا عام 1987 وتوج بكأس الاتحاد الأوروبي عام 1989 وكأس السوبر الإيطالي عام 1990.
وعانى مارادونا في أوروبا كثيراً من ضغط وسائل الإعلام وقوانين الأندية الصارمة التي لم تكن تناسبه أبداً، فقرر العودة إلى مسقط رأسه الأرجنتين، وحصل ذلك بانتقاله إلى نادي نيولز أولد بويز، لكن الأمور لم تسرْ على ما يرام؛ حيث ابتعد عن الملاعب لفترة طويلة بسبب الإصابات ومشاكل صحية، وخاض 5 مباريات فقط ولم يسجل أي هدف.
وقرر مارادونا تكرار تجربته مع بوكا جونيورز الذي لم تسنح له فرصة اللعب فيه لفترة طويلة في بداية مشواره، وبالفعل قضى مع الفريق 3 مواسم، لكن المشاكل القانونية والصحية والإصابات ظلت تطارده طوال تلك الفترة، ليقرر بالنهاية التوقف عن ممارسة كرة القدم عام 1997.
أشهر أهدافه
وفي عام 1986 حقق مارادونا بطولة كأس العالم مع منتخب بلاده؛ حيث قاد المنتخب الأرجنتيني في مباراة ربع نهائي كأس العالم ضد إنجلترا، وسجل خلالها أشهر هدفين في تاريخ اللعبة، حيث انتهى الشوط الأول من المباراة آنذاك بالتعادل السلبي، وفي مطلع الشوط الثاني سجل هدفاً بيده في مرمى الحارس بيتر سيلتون، فاحتجّ الإنجليز طويلاً، لكن الحكم التونسي، علي بن ناصر، لم يكترث وأصر على احتساب الهدف، وبعد أربع دقائق سجل مارادونا أجمل هدف في تاريخ كؤوس العالم، بعدما انطلق بالكرة من منتصف الملعب، وقدّم لمحات فنية ساحرة بقدمه اليسرى، ليراوغ ستة لاعبين إنجليز، بمن فيهم الحارس، قبل أن يودع الكرة بكل هدوء في الشباك، ليفوز وفاز على ألمانيا الغربية بنتيجة 3- 2 في المباراة النهائية.
ووصل مارادونا مع منتخب بلاده أيضاً في كأس العالم عام 1990 إلى المباراة النهائية، إلا أن فريقه خسر أمام منتخب ألمانيا الغربية بنتيجة 1- 0 في المباراة النهائية، بالإضافة إلى مشاركته في كأس العالم عام 1994 في مباراتين، سجل هدفاً في إحداهما.
أفضل لاعب في العالم
وحقق دييغو مارادونا لقب أفضل لاعب في العالم، حسب استطلاع رأي أجراه الاتحاد الدولي لكرة القدم في القرن العشرين، ولكن حدث هناك جدل كبير بسبب هذا الحدث، فقد ثار مارادونا غضباً بسبب تكريم الأسطورة البرازيلي «بيليه» إلى جانبه في لجنة خاصة أنشأتها الفيفا، عندها رفض دييغو مارادونا مشاركة المنصة مع الأسطورة البرازيلي.
وعيّـن في عام 2008، مدرباً لراقصي التانغو، وعلى الرغم من تباهي الأرجنتينيين بمجموعتهم اللامعة في ذلك الوقت وعلى رأسهم ليونيل ميسي، وسيرجيو أغويرو، فإن الأرجنتين خرجت على يد المنتخب الألماني في ربع نهائي كأس العالم 2010 بسبب خسارتهم 4-0، وبعدها لم يتم تجديد عقد مارادونا مع المنتخب.
وفاة مارادونا
تعرّض مارادونا في آخر حياته لوعكة صحية، وكان لديه مشاكل في القلب، وبقي على إثرها في المستشفى لأسابيع قبل أن يتم الإعلان عن وفاته في الـ 25 من نوفمبر/تشرين الثاني عام 2020، وكان في الـ 60 من عمره عند وفاته، طويت بعدها صفحة أحد أشهر لاعبي كرة القدم في العالم، والذي يعتبره الكثيرون بأنه أسطورة كرة القدم، وأنه أفضل لاعب في التاريخ.
فعلى الرغم من خيبات الأمل التي تعرض لها، فإن دييغو بقي محبوباً في الأرجنتين؛ كونه الابن المحلي الذي نهض بنفسه من بدايات متواضعة جداً للوصول إلى قمة النجومية والعالمية على المنصة الدولية.