أثينا – (أ ف ب)
توجّه الناخبون اليونانيون إلى مراكز الاقتراع، الأحد؛ للمشاركة في انتخابات عامة جديدة هي الثانية في خمسة أسابيع، ويسعى خلالها رئيس الوزراء السابق المحافظ كيرياكوس ميتسوتاكيس لتعزيز مكاسبه، وانتزاع أغلبية مطلقة تتيح له تشكيل «حكومة مستقرة».
وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها عند السابعة صباحاً (04,00 ت غ)، ويتوقع أن تبدأ استطلاعات النتائج الأولية بالظهور مع إقفالها في السابعة مساء.
ويسعى ميتسوتاكيس (55 عاماً)، المتخرج من جامعة هارفرد الأمريكية المرموقة، إلى ولاية ثانية من أربعة أعوام، معوّلاً على تمكّنه من قيادة البلاد للخروج من تبعات الجائحة، وتحقيق نموّ اقتصادي قوي في العامين الماضيين.
وفاز رئيس الوزراء المنتهية ولايته في الانتخابات التي أجريت في 21 أيار/مايو، لكنه لم يحصد أغلبية كافية تتيح له تشكيل الحكومة الجديدة من دون عقد تحالفات، ما دفعه للاحتكام مجدداً إلى صناديق الاقتراع ودعوة 9,8 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم.
وحاز حزب الديمقراطية الجديدة الحاكم منذ أربع سنوات 40,8% من الأصوات، متقدماً على حزب سيريزا اليساري بزعامة رئيس الحكومة السابق أليكسيس تسيبراس، والذي حاز 20% من الأصوات. وحل ثالثاً حزب باسوك كينال الاشتراكي، محققاً 11,5% من الأصوات.
ولم تمنح هذه النتيجة ميتسوتاكيس سوى 146 من أصل 300 مقعد في مجلس النواب، في حين عليه الفوز ب151 مقعداً لتشكيل حكومة دون التحالف مع أي طرف.
وتجري عملية الاقتراع، الأحد، وفق نظام انتخابي مختلف يراهن عليه ميتسوتاكيس؛ إذ سينال الحزب الفائز في هذا الاقتراع مكافأة تصل إلى خمسين مقعداً إضافياً، ما يؤمن له أغلبية مستقرة بحال حافظ على تفوّقه، وهو ما ترجّحه بشكل واسع استطلاعات الرأي.
لكن السياسي المحافظ يخشى أن يحجم الناخبون عن الإدلاء بأصواتهم، في ظل تراجع حدة المنافسة بين المرشحين.
وفي مسعى لحضّ مواطنيه على التصويت، أعاد ميتسوتاكيس التلويح هذا الأسبوع بإجراء دورة ثالثة في حال لم يحصل على الأغلبية الكافية بنتيجة الأحد.
وقال، الجمعة، قبيل بدء فترة الصمت الانتخابي: «آمل في ألّا نضطر للالتقاء مجدداً مطلع آب/أغسطس»، مؤكداً أن ذلك «ليس على سبيل المزاح.. يجب تعزيز ومواصلة كل المكاسب التي حققناها».
وسبق لميتسوتاكيس، وهو وريث عائلة سياسية كبرى وابن رئيس وزراء سابق، أن لوّح بإجراء انتخابات في وسط العطلة الصيفية بحال لم يحقق أهدافه، ما لقي تنديد المعارضة ووسائل إعلام اعتبرته محاولة «ابتزاز» للناخبين.
ورقة اقتصادية رابحة
وحقق ميتسوتاكيس فوزاً ساحقاً على تسيبراس في انتخابات 2019، وتولى منصب رئاسة الوزراء، متعهداً بوضع حدّ لأزمة اقتصادية امتدت عقداً من الزمن.
وكانت تلك الانتخابات الأولى التي تجريها اليونان في حقبة ما بعد خطة الإنقاذ الأوروبية، وأتت بينما كان العمال والشركات على السواء يعانون من عبء الضرائب التي فرضها تسيبراس وحزبه بضغط من المانحين الدوليين لتحقيق فائض في الميزانية.
وعلى مدى الأعوام الأربعة التي تلت الفوز، خفّف ميتسوتاكيس من عبء الضرائب، إلا أن تبعات «كوفيد-19» حرمت أثينا من العائدات السياحية التي تعدّ من أبرز روافد اقتصادها. لكن البلاد استعادت عافيتها في العامين الماضيين، وحققت نموّاً بنسبة 8,3 في المئة في 2021، و5,9 في المئة في 2022.
وفي حين ساهم في ذلك إنفاق الحكومة أكثر من 57 مليار يورو في سبيل الحد من تبعات الأزمة الصحية والتضخم، يرى محللون أن ميتسوتاكيس استفاد من مرونة القيود الأوروبية على الإنفاق في حقبة ما بعد الجائحة.
واستغل رئيس الوزراء المنتهية ولايته الورقة الاقتصادية في معركته الانتخابية، وركز على أن عهد المحافظين شهد خفض الضرائب بنسبة 50 في المئة وزيادة الناتج المحلي بإجمالي 29 مليار يورو، والشروع في أوسع تحديث لشبكة البنى التحتية منذ 1975.
وبدا أن هذه الرسالة فعلت فعلها لدى الناخبين الذين تؤرقهم ذكريات السنوات العجاف؛ حيث كانت العناوين تركّز على فقدان الوظائف وزيادة النفقات وإشهار الشركات إفلاسها.
وقالت ماريا فرانيي، وهي محامية تبلغ 40 عاماً، إن حزب ميتسوتاكيس «أعاد اليونان إلى الساحة العالمية، وجعلها لاعباً مؤثراً في الاتحاد الأوروبي، من خلال إنجازاته الاقتصادية».
«أجندة خفية»
في المقابل، لم تلقَ وعود تسيبراس بزيادة الأجور آذاناً صاغية.
فهو بالنسبة إلى كثيرين لا يزال رئيس الوزراء (2015-2019) الذي كاد أن يدفع باليونان خارج منطقة اليورو، والمسؤول الذي قام باستدارة مفاجئة انتقل عبرها من التعهد بوقف إجراءات التقشف، إلى الموافقة على إجراءات إنقاذ اقتصادي أكثر إيلاماً.
وحذّر تسيبراس الذي خسر أربع عمليات اقتراع في مواجهة ميتسوتاكيس، اثنتان منها على المستوى الوطني، من أن منح المحافظين أغلبية قوية سيوفر لهم «شيكاً على بياض» لتمرير «أجندة خفية» من سياسات لا تخدم مصالح المجتمع.
وستطرح أي هزيمة جديدة لتسيبراس بمزيد من الإلحاح، مسألة بقائه على رأس حزب انبثق من اليسار الراديكالي، غير أنه عمل في السنوات الأخيرة على إعادة تركيزه على خطّ وسطي.
وأظهرت انتخابات أيار/مايو أن العديد من الناخبين الشبان الذين غالباً ما يصوّتون لصالح اليسار، أحجموا عن ذلك.
وقالت فينيا يورياكودا (29 عاماً)، إن على أحزاب اليسار «الإنصات لمخاوف الشباب ومحاولة جذبهم بأساليب عمل مبتكرة» في حال أرادت العودة للحكم.