أطلق رئيس رابطة رؤساء البلديات في فرنسا ديفيد ليسنار دعوة للمسؤولين المنتخبين والمواطنين للتجمع الاثنين الساعة 12:00 ظهراً (10:00 بتوقيت غرينتش) أمام البلديات في أنحاء البلاد، وذلك وسط صدمة وتنديد كبيرين من تحوّل الشغب إلى الاعتداء على المنازل، حيث تم الاعتداء على منزل رئيس بلدية وإشعال النيران فيه، ما أسفر عن إصابة زوجته وأحد أبنائه جرّاء ذلك الهجوم.
وأكد ليسنار لوكالة فرانس برس أن 150 مقراً بلدياً أو مبنى بلدياً هوجم منذ الثلاثاء.
كما أعلنت وزارة الداخلية استهداف عشرة مراكز شرطة وعشر ثكنات للدرك ليل السبت. وتم توقيف 719 شخصاً في البلاد بتهمة حيازة أدوات يمكن استخدامها أسلحة أو مقذوفات. ومن جهتها توعدت الحكومة الفرنسية، الأحد، بالتعامل بصرامة مع العنف.
هوجم في فرنسا الأحد منزل رئيس بلدية في حادث لقي تنديداً واسعاً، وذلك بعد ليلة خامسة من أعمال الشغب التي سجلت تراجعاً مقارنة بالليلة السابقة.
في مؤشر إلى خطورة الأزمة التي تشهدها البلاد منذ مقتل الشاب نائل (17 عاماً) برصاص شرطي الثلاثاء أعلن الإليزيه أن الرئيس إيمانويل ماكرون سيشرف مساء الأحد على اجتماع لتقييم التطورات.
وصباح الأحد، قال رئيس بلدية لاي-لي-روز جنوب باريس فنسان جانبران إن مشاغبين اقتحموا فجراً منزله بسيارة أثناء وجود زوجته وولديه قبل إضرام النيران بهدف إحراقه.
وأوضح على تويتر أن ما جرى محاولة اغتيال جبانة بدرجة لا توصف، بينما كان موجوداً في بلدية البلدة التي يقطنها نحو 30 ألف نسمة.
وأشار مقربون من المسؤول المنتمي إلى حزب الجمهوريين (يمين معارض) لـ”فرانس برس” إلى أن زوجته أصيبت بجروح في ركبتها، بينما تعرّض أحد ولديه لإصابة طفيفة أثناء محاولة الفرار من المعتدين.
ومع تزايد الهجمات على رؤساء البلديات ومسؤولين منتخبين في فرنسا أكدت رئيسة الوزراء إليزابيت بورن الأحد من لاي-لي-روز أن الحكومة لن تتسامح مع أي عنف، وأنه سيتم تطبيق أقصى درجات الحزم في العقوبات.
- الحكومة تتوعد
وفي المقابل توعّدت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن، الأحد، بالتعامل بصرامة مع العنف، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد اضطرابات مستمرة بعد مقتل شاب برصاص الشرطة، الثلاثاء.
وفي حديثها لوسائل الإعلام، قالت إليزابيث بورن: “سنواجه العنف باليقظة، وبصرامة، وبتغليظ العقوبات على من يهاجم المسؤولين، وسنقف إلى جانب المسؤولين المحليين المنتخبين، ونحن جاهزون لمواجهة العنف”.
وأضافت أنه ستتم تعبئة الحكومة حتى يعود الهدوء إلى كل أنحاء البلاد، وأن الحكومة طلبت من القضاء والادعاء العام التعامل بأكبر صرامة ممكنة مع مثيري العنف.
وأشارت إليزابيث بورن إلى أن ما تعرض له منزل رئيس بلدية في باريس، الأحد، أمر صادم، ولن نتسامح معه، وقد سخرنا كل الإمكانيات لمواجهة العنف، حيث تم تسخير 45 ألف شرطي، وطائرات هيلوكوبتر، ودرونات، ومركبات مصفحة”.
إطلاق النار على شرطي
استُهدف شرطي بطلق ناري أصاب سترته الواقية أثناء أعمال عنف في نيم (جنوب شرق) ليل الجمعة تخطى عدد الموقوفين خلالها 1300، وهو رقم قياسي منذ اندلاع أعمال الشغب الثلاثاء.
ويواجه القضاء الفرنسي سيلاً من الإجراءات الجنائية التي تستهدف أشخاصاً يشتبه في أنهم من مثيري الشغب، ما يضع محاكم المدن الكبرى تحت الضغط.
ليلة أكثر هدوءاً
وكتب وزير الداخلية جيرالد دارمانان في تغريدة: “ليلة أكثر هدوءاً بفضل العمل الحازم لقوات حفظ الأمن”.
وأكدت وزارة الداخلية صباح الأحد إصابة 45 عنصراً من الشرطة والدرك بجروح، وإضرام النيران في 577 عربة و74 مبنى، وتسجيل 871 حريقاً على الطرق.
وعمدت الوزارة لليلة الثانية على التوالي إلى تعبئة 45 ألف عنصر من قوات الشرطة والدرك، بينهم سبعة آلاف في باريس وضواحيها، إضافة إلى تعزيزات أمنية في مدن مثل مرسيليا وليون وغيرها من الأنحاء التي تعرّضت على مدى الليالي الأربع الماضية لأعمال شغب ونهب وتخريب.
وتمّ الإبلاغ عن عدد محدود من الحوادث ليل السبت في مدينتي مرسيليا وليون، الأكبر في فرنسا بعد العاصمة.
في مرسيليا التي شهدت ليل الجمعة حوادث كبرى وعمليات نهب، عمل جهاز أمني ضخم ليل السبت على تفريق مجموعات من الشباب كان عددهم أقل من اليوم السابق.
ونشرت أجهزة إنفاذ القانون أعداداً من القوات الخاصة للشرطة والدرك، قامت بتفريق مجموعات من الشبان أثارت الفوضى في المدينة الجنوبية، وفق مراسلي فرانس برس.
وقال متحدث باسم شرطة بوش-دو-رون: “لا نرى على الإطلاق مشاهد النهب التي وقعت أمس”. مشيراً إلى توقيف 56 شخصاً بحلول منتصف الليل.
مناطق الاشتباكات
من جهتها، دعت القنصلية الصينية في مرسيليا مواطنيها منذ السبت إلى تجنّب المناطق التي تشهد تظاهرات واشتباكات.
وذكرت وسائل إعلام صينية رسمية أن حافلة تقل سياحاً صينيين استهدفت بالحجارة الخميس. وقال مصدر في شرطة مرسيليا لوكالة “فرانس برس”: إن مثيري الشغب طوقوا الحافلة قبل أن تتدخل الشرطة وتنهي الاعتداء.
كما سُجّل عدد قليل من الحوادث في الضواحي الباريسية، حيث اندلعت شرارة الاحتجاجات.
وتعرّض عدد من عناصر الشرطة لإطلاق مفرقعات نارية من مجموعات شباب في فينيو جنوب العاصمة.
وسعياً لضبط أعمال العنف، فرضت السلطات المحلية في العديد من البلدات حظر تجول مساء، وأوقفت حركة النقل العام اعتباراً من الساعة 21:00 (19:00 بتوقيت غرينتش).
تدقيق مروري
قضى نائل برصاصة في الصدر أطلقها شرطي من مسافة قريبة أثناء عملية تدقيق مروري في ضاحية نانتير غرب باريس. ووُجهت إلى الشرطي الموقوف البالغ 38 عاما تهمة القتل العمد.
وأثار مقتل الشاب صدمة في فرنسا وصل صداها إلى الجزائر التي تتحدر منها عائلته.
وفي ظل أعمال العنف، ألغى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة دولة الى ألمانيا كان من المقرر أن تبدأ الأحد وتستمر ليومين، بعدما اختصر أيضا مشاركته في قمة للاتحاد الأوروبي استضافتها بروكسل الجمعة.
ويطرح جزء من الأوساط السياسية مسألة فرض حال الطوارئ في البلاد وهي مسألة تلقى متابعة حثيثة في الخارج وخصوصا أن فرنسا تستضيف في الخريف كأس العالم للركبي ومن ثم دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس في 2024.
إجراءات استثنائية
ويسمح فرض حال الطوارئ للسلطات الإدارية باتخاذ إجراءات استثنائية مثل منع التجول.
وقامت دول عدة بتحديث نصائح السفر لرعاياها الى فرنسا، ودعتهم الى تجنب زيارة المناطق التي تشهد أعمال شغب.
وشارك المئات في مراسم تشييع الشاب السبت من مسجد ابن باديس إلى مقبرة مونت فاليريان في نانتير، علما بأن العائلة طلبت عدم حضور الصحافيين لتغطية مراسم الوداع.