كثر الحديث في السنوات القليلة الماضية عن ذروة الطلب على النفط وذلك على خلفية مكافحة التغير المناخي والتطورات التقنية في الطاقات النظيفة وانتشار السيارات الكهربائية.ومن بين من حددوا موعدا لذروة الطلب كانت شركة bp التي أطلقت توقعاتها في خضم الجائحة عام 2020 متوقعة وبشكل مثير أن العالم تجاوز ذروة الطلب وأنها باتت خلفنا، مشيرة إلى أن ذروة الطلب تم تسجيلها عام 2019!التعافي الاقتصادي الذي انبثق عن خروج العالم من عنق زجاجة الجائحة وذيولها الاقتصادية وما صاحبه من نمو مطرد في الطلب العالمي على النفط وارتفاعات قياسية في أسعاره، مزق تلك التوقعات تمزيقا، ووضعها في سلة المهملات مع نظيراتها التي راهنت في السابق على ذروة وشيكة للطلب على النفط.
ولكن في ضوء عدم صحة تنبؤاتها السابقة، ها قد أطلت علينا bp مجددا بتوقعات محدثة لموعد ذروة الطلب.ولكن هذه المرة أقرت بأن الطلب على النفط سيستمر لفترة أطول بكثير عما توقعته سابقا وبكميات أكبر أيضا. حيث ترى في السيناريو الأقرب إلى واقع الأسواق اليوم بأن استهلاك النفط العالمي سيبقى فوق الـ 100 مليون برميل يوميا حتى عام 2030، ليبدأ بالتراجع التدريجي بعد ذلك إلى نحو الـ 80 مليون برميل يوميا بحلول عام 2050.والمثير للانتباه أن bp باتت تقر بأن صناعة النفط والغاز ستحتاج إلى استثمارات جديدة ومستمرة بالرغم من هذا التراجع الذي تتوقعه في الطلب على الأمد الطويل، مشيرة إلى أن الانخفاض الطبيعي في الإنتاج يجب أن يقابله استثمارات موازية في قطاع المنبع، متوقعة حاجة العالم إلى استثمارات في النفط والغاز تتراوح ما بين 250 إلى 550 مليار دولار سنويا.وهذا يشكل حقيقة إقرارا بما كان ينبه له ويحذر منه كبار منتجي أوبك والخليج العربي على مدار السنوات الماضية.