فيلينوس: إبراهيم مرعي
يجتمع قادة دول حلف شمال الأطلسي في العاصمة الليتوانية فيلينيوس، اليوم الثلاثاء وغداً الأربعاء، في قمة تهيمن عليها الحرب الروسية الأوكرانية، واستبعد قادة الحلف انضمام أوكرانيا للتحالف الدفاعي الغربي، لكنهم في المقابل ينظرون في بدائل مثل «إنشاء مجلس أوكرانيا الأطلسي»، وشكل جديد للتعاون وضمانات دفاعية وأمنية لتوفير الدعم المالي والعسكري والاستخباري لكييف، إلى جانب رفع مطلب الجدول الزمني للترشح للعضوية.
لا ضم.. وأشكال جديدة للتعاون
قدم الأمين العام لحلف «الناتو» ينس ستولتنبرغ خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس الاثنين، بمشاركة الرئيس الليتواني جيتاناس نوسيدا، موجزاً عن أعمال قمة الحلف التي تعقد اليوم، أشار فيه بشكل ضمني إلى استبعاد انضمام أوكرانيا، وتحدث عن إنشاء «مجلس أوكرانيا الأطلسي» على أن يتم تدشينه اليوم بمشاركة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
فيما أكد مسؤول رفيع المستوى ل«الخليج» بأن عضوية أوكرانيا مستبعدة تماماً، لأن الظروف لا تسمح بذلك، «لكن سيتم تقديم شتى أشكال الدعم لها».
وأوضحت مصادر في أروقة الحلف، أن القمة ستخصص شكلاً جديداً للتعاون هو «مجلس أوكرانيا الأطلسي» الذي يستند إلى اجتماعات تُعقد «أربع مرات في السنة» بين كييف وأعضاء الحلف على «قدم المساواة». وستسمح هذه الإجراءات «بتحسين وتكثيف كبير» للعلاقات بين كييف ودول الحلف، «لكي تدافع أوكرانيا عن نفسها من أي اعتداءات مستقبلية». وبانتظار انضمام محتمل، قد يحدد أعضاء الناتو «الضمانات الدفاعية» التي تقدّمها دول الحلف لكييف.
تقوية الدفاع ورسالة إلى روسيا
وقال ستولتنبرغ إنه سيتم خلال القمة اتخاذ خطوات مهمة إقليمية لتقوية دفاع الحلف مدعومة ب 300 ألف جندي على أهبة الاستعداد، وهذه تعتبر رسالة واضحة «بأننا سندافع عن كل بوصة من أراضي دول الحلف وأوكرانيا». وأشار إلى أن فنلندا سوف تشارك لأول مرة في قمة الحلف،وقال «نتطلع لانضمام السويد في أقرب فرصة ممكنة». وقال إنه سيلتقي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لبحث مسألة انضمام السويد، خصوصاً أن أنقرة أكدت أكثر من مرة أن الشروط التي طلبتها من ستوكهولم لم تنفذ، وتحديداً مسألة وجود التنظيمات الكردية التي تعمل على الأراضي السويدية والتي تتهمها أنقرة بالإرهاب، وأضيف إليها مؤخراً مسألة حرق نسخة من المصحف التي اعتبرتها أنقرة تحدياً للمسلمين لن تسمح به واعتباره بمثابة «فعل شائن».
وتحدث ستولتنبرغ عن اجتماع عقده مع أردوغان قبل أسبوعين بشأن انضمام السويد، ووصفه بالمثمر والإيجابي. لكن القرار النهائي لتركيا سوف يتخذ اليوم على ضوء نتيجة اجتماع يعقده أردوغان مع رئيس وزراء السويد أولف كريستنسون، لمعرفة ما إذا كانت أنقرة سوف تقبل بتوضيحات استوكهولم وبالتالي تسهل انضمامها.
الضمانات الأمنية والدفاعية
بحجة أهمية انضمام كييف إلى الناتو لثني موسكو عن شن هجمات جديدة في المستقبل، دعت أوكرانيا ودول من أوروبا الشرقية إلى وضع خارطة طريق واضحة خلال قمة الحلف في ليتوانيا. وأمل زيلينسكي الأحد بأن تثمر قمة الحلف عن «أفضل النتائج الممكنة»، وأن تترجم تطلّعات أوكرانيا للانضواء في التحالف.
لكن واشنطن وبرلين مترددتان إزاء فكرة المضي أبعد من الوعد الذي قطعه الحلف بأن أوكرانيا ستنضم في أحد الأيام من دون تحديد جدول زمني واضح، لأن ضم أوكرانيا، وهي في خضم حرب للحلف، يعني الدخول في حرب مع روسيا. وأعرب الرئيس الأمريكي جو بايدن الأحد عن أمله بأن يضع قادة التحالف العسكري «مساراً عقلانياً لتمكين أوكرانيا من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي». وفي تصريح لشبكة «سي إن إن» الإخبارية الأمريكية قال بايدن «هناك مؤهلات أخرى يجب توافرها، بما في ذلك إرساء الديمقراطية».
ولكن لإظهار دعمهم، تتفاوض عدة دول تحظى بثقل كبير في الحلف حول التزامات محتملة لتوريد أسلحة على المدى الطويل لمساعدة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها. وستضاف تعهدات الأسلحة إلى عشرات مليارات الدولارات من المعدات التي تم تسليمها إلى أوكرانيا.
ترحيب ألماني
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس، الاثنين، إن اقتراح الولايات المتحدة بشأن توفير ضمانات أمنية لأوكرانيا على غرار تلك التي تحصل عليها إسرائيل، هو واحد من عدة خيارات قيد البحث، وأضاف أن المحادثات بهذا الشأن لم تقترب بعد من النهاية. وكان بايدن قال الأحد إن واشنطن مستعدة لتوفير الأمن لأوكرانيا على غرار ما تقدمه لإسرائيل بما يشمل «الأسلحة التي يحتاجونها، والقدرة على الدفاع عن أنفسهم».
إزالة عائق
أعلن مسؤول غربي، الاثنين، أن حلف الأطلسي سيزيل عائقاً أساسياً أمام عضوية أوكرانيا في الحلف. وقال المسؤول لوكالة فرانس برس إن اجتماع الحلفاء في ليتوانيا سيتخلى عن مطلب «خطة عمل العضوية» اللازمة لترشيح أوكرانيا. وأضاف أن «الحلفاء في حلف الأطلسي سيتّخذون هذه الخطوة كمؤشّر على أنّ أوكرانيا أحرزت تقدّماً في طريقها نحو عضوية حلف شمال الأطلسي».
ورحب وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا بهذه الخطوة باعتبارها «قراراً منتظراً منذ فترة طويلة أدّى إلى إبطاء طريقنا نحو حلف الأطلسي».
لكنّ المسؤول الغربي حذّر من أن هذه الخطة «هي مجرد واحدة من الخطوات في عملية الانضمام إلى حلف الأطلسي»، موضحاً أنه «حتى مع شطبها سيبقى على أوكرانيا أن تستكمل إصلاحات إضافية قبل انضمامها إلى الحلف».