شهدت مدن العاصمة السودانية الخرطوم، أمس الثلاثاء، يوماً جديداً من اشتباكات عنيفة وانفجارات تجددت بين الجيش وقوات الدعم السريع، طالت محيط جسري شمبات والحلفايا، وأعلن الجيش أنه كبّد الحركة الشعبية خسائر فادحة، في معارك شهدتها منطقة النيل الأزرق العسكرية، فيما رفضت وزارة الخارجية أمس اقتراح قمة «الإيقاد «الرباعية للنظر في نشر قوات حفظ سلام لحماية المدنيين، بينما حذّر السفير الأمريكي لدى الخرطوم، جون غودفري، من أن «انتصاراً عسكرياً لأي من الطرفين المتصارعين سيتسبب بكلفة بشرية غير مقبولة وضرر للبلاد».
وأفاد شهود بأن اشتباكات عنيفة اندلعت في أحياء أبو آدم وجبرة جنوبي الخرطوم، بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، مع تحليق مستمر للطيران العسكري. وفي أم درمان، أشار الشهود إلى تجدد الاشتباكات المسلحة في أنحاء المدينة، ما أدى إلى تصاعد ألسنة اللهب والدخان.
وحسب الشهود، حلق طيران الاستطلاع الحربي في سماء المدينة، وأطلق مجموعة من القذائف الصاروخية على مواقع متفرقة لقوات الدعم السريع.
تمشيط شبه اليومي
وأجبرت العمليات النوعية المتواصلة للجيش والتمشيط شبه اليومي في مناطق جنوب أم درمان، ارتكازات وتجمعات قوات لدعم السريع على التراجع عن بعض النقاط التي كانت تتواجد فيها.
وذكر الجيش في بيان مقتضب، أن «قوات العمل الخاص بمنطقة أم درمان العسكرية تمشط مناطق «عابدين التجاني الماحي» من جيوب ميليشيات الدعم السريع، وهروب جماعي للميليشيات المتمردة».
فيما أفاد قادمون من محطة المواصلات الرئيسية في منطقة «الشِقلة» جنوب أم درمان، بخلو المحطة من المواصلات، مشيرين أيضاً إلى خلو سوق الخضار من التجار والمواطنين نتيجة للتطور الميداني وتقدم الجيش جنوب وغرب المحطة.
وفي الخرطوم بحري، جرت اشتباكات عنيفة بين الطرفين باستخدام الأسلحة الثقيلة والخفيفة.
وأوضح شهود عيان أن الجيش هاجم قوات الدعم السريع في محيط جسر شمبات، مع سماع دوي انفجارات وإطلاق للرصاص في محيط جسر الحلفايا.
وأشار الشهود إلى أن «الجيش انتشر بكثافة في عدة أحياء في الخرطوم بحري لإجبار قوات الدعم السريع على الخروج من داخل منازل المواطنين».
من جهة أخرى، أعلن الجيش، أمس، أنه كبد الحركة الشعبية خسائر فادحة في معارك شهدتها منطقة النيل الأزرق العسكرية.
وقال القوات المسلحة، إنها «تدحر متمردي الحركة الشعبية قيادة المتمرد «جوزيف توكا»، وتكبدها خسائر كبيرة في منطقة النيل الأزرق العسكرية محلية الكرمك، وتستلم منهم عتاداً وسلاحاً وتقتل العشرات».
على صعيد آخر، قالت وزارة الخارجية السودانية أمس في بيان تفيد حكومة السودان منظمة الإيقاد بأن عدم احترام آراء الدول الأعضاء سيجعلها تعيد النظر في جدوى عضويتها في المنظمة.
وأكدت رفضها لنشر أي قوات أجنبية في السودان وستعتبرها قوات معتدية.
ورحب البيان بقمة تعقد غداً الخميس تستضيفها مصر.
مخرج تفاوضي
إلى ذلك، حذّر السفير الأمريكي لدى الخرطوم، جون غودفري، من أن «انتصاراً عسكرياً لأي من الطرفين المتصارعين سيتسبب بكلفة بشرية غير مقبولة وضرر للبلاد».
وأشار غودفري، في بيان نشرته السفارة إلى ضرورة «التوصل إلى مخرج تفاوضي من الأزمة».
وشدد على أنه لا يمكن أن يعني ذلك العودة إلى «الوضع الراهن الذي كان قائماً قبل 15 إبريل»، حين أمسك رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو «حميدتي»، بمقاليد الحكم بعد إطاحة المدنيين في 25 اكتوبر.
وتابع البيان: «يجب على الأطراف العسكرية إيجاد مخرج تفاوضي للأزمة لتقليل الضرر الذي يلحق بالبلاد ومعاناة الشعب السوداني»، مشيراً إلى أن «الدعوات التي تطلقها بعض الأصوات داخل الأطراف العسكرية والجهات الفاعلة الأخرى لرفض أي تسوية تفاوضية للنزاع ومواصلة القتال غير مسؤولة، وتتعارض مع رغبة المدنيين السودانيين في إسكات البنادق».
(وكالات)
منظمة دولية تدعو للتحقيق في جرائم حرب بدارفور
دعت منظمة حقوقية دولية أمس الثلاثاء محكمة العدل الدولية الى التحقيق في «جرائم حرب» مرتكبة في إقليم دارفور.
وأفادت هيومن رايتس ووتش أن «عدة آلاف من مقاتلي الدعم السريع» وحلفاء لها هاجموا أواخر مايو/أيار بلدة مستري بإقليم دارفور.
وأوضحت في تقرير مطوّل أن هؤلاء حاصروا البلدة التي يقدر عدد سكانها بزهاء 46 ألف نسمة باستخدام «دراجات نارية وخيول وشاحنات بيك-أب»، وأطلقوا النار على «الذين حاولوا الفرار».
ونقلت عن شهود أن المهاجمين نهبوا «طول اليوم ممتلكات السكان، إذ سرقوا الماشية، والبذور، والأموال، والذهب، والهواتف، والأثاث.. بعد نهب المنازل، أشعل المهاجمون النار فيها».
وأشارت الى أن القوات المهاجمة «أعدمت 28 فرداً على الأقل من إثنية المساليت وقتلت وجرحت عشرات المدنيين»، وهي إحدى أبرز المجموعات العرقية غير العربية في غرب دارفور.
ونقلت المنظمة عن شهود قولهم إن المهاجمين «لاحقوا الأشخاص الذين يبحثون عن الأمان في المدارس والمسجد»، وهاجموا «بشكل متكرر قاعات الدراسة بحثاً عن الرجال ونفذوا إعدامات ميدانية بحق الذين وجدوهم».
ورأت المنظمة أن «العديد من هذه الانتهاكات المرتكبة في سياق النزاع المسلح في السودان ترقى إلى جرائم حرب»، داعية المحكمة الجنائية الدولية الى التحقيق في هذه الهجمات.
وقال الباحث في المنظمة جان-باتسيت غالوبان «يُظهر القتل الجماعي بحق المدنيين والتدمير الكامل لبلدة مستري ضرورة اعتماد رد دولي أقوى على النزاع الآخذ في الاتساع».
وتتولى المحكمة التحقيق في انتهاكات جسيمة ارتكبت في دارفور خلال نزاع بدأ عام 2003 وامتد زهاء عقدين من الزمن، أوقع نحو 300 ألف قتيل وشرّد 2.5 مليون شخص، بحسب الأمم المتحدة.
(أ ف ب)