الخليج – متابعات
تسود ما يقارب من نصف سكان العالم حالة من القلق، من جرّاء الأزمة الناجمة عن مشكلة دين خطرة؛ إذ إن 3.3 مليار شخص يعيشون في دول غارقة في الاستدانة، الأمر الذي جعل حرصها على الهروب من المجاعة أكثر إلحاحاً من الإنفاق على الصحة والتعليم، بعدما تراجعت قدرة السكان على الحصول على غذاء صحي، وبات العالم يترقب كارثة تنموية، في ظل تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الذي أكد أن نحو 50% من دول العالم، غارقة في أزمة ديون سحيقة.
علاوة على ذلك، فإن هدف القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية بكل أشكاله التي حددتها الأمم المتحدة من قبل بحلول عام 2030، سيبقى بعيد المنال.
بلدان مجبرة على الإنفاق
«عالم غارق في الاستدانة وكارثة إنمائية تغذيها أزمة ديون ساحقة»، هكذا وصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الوضع حالياً لقرابة 50% من دول العالم.
وقال في تصريحات، مؤخراً، أثناء تقديم تقرير الدين العالمي في عام 2022، والذي يحمل اسم «عالم من الديون»، وأعدته مجموعة الأمم المتحدة للاستجابة للأزمات العالمية، إن نصف البشرية يعيشون في بلدان مجبرة على الإنفاق على خدمة الدين أكثر مما تنفق على الصحة والتعليم، وهو ما يجعل نصف العالم «يغرق في كارثة تنموية».
وحذر الأمين العام من أن 3.3 مليار شخص في العالم يعانون؛ بسبب وضع حكومات بلدانهم سداد فوائد الدين أولويةً بدلاً من الاستثمارات الأساسية في أهداف التنمية المستدامة، أو التحول في مجال الطاقة.
وأضاف أنه وفقاً للتقرير، تعاني 52 دولة مشكلة دين خطرة، كما أكد دعمه لدعوات توفير مساعدات مالية عاجلة لتلك الدول.
وأشار غوتيريس إلى أن الدين العام وصل في العام الماضي إلى رقم قياسي بلغ 92 تريليون دولار، تتحمل منه الدول النامية 30 في المئة.
واستقرّ عدد الجياع في العالم عام 2022 بعد سبع سنوات من الارتفاع، لكنه يبقى أعلى من مستويات ما قبل جائحة «كوفيد19» وبعيداً عن المسار ليتم القضاء على الجوع بحلول عام 2030، وفق وكالات تابعة للأمم المتحدة، الأربعاء.
وقالت الوكالات، في تقرير لها، إن ما بين 691 مليون شخص و783 مليوناً عانوا الجوع العام الماضي، أي ما يقرب من 9.2 في المئة من سكان العالم.
وأوضحت كل من منظمة الأغذية والزراعة «فاو»، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية «إيفاد»، واليونيسيف وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية، أن هذا التقرير هو «لمحة عن العالم الذي ما زال يتعافى من جائحة عالمية، ويكافح تبعات الحرب في أوكرانيا التي تسببت في المزيد من الاضطرابات في أسواق الغذاء والطاقة».
ومنذ عام 2019، أغرقت هذه الأزمات 122 مليون شخص في براثن الجوع وفقاً للأمم المتحدة، مع تضرر النساء وسكان المناطق الريفية بشكل خاص.
لا وقت للتهاون
وأشارت الوكالات في تقريرها السنوي عن حالة الأمن الغذائي والتغذية العالميين إلى أنه «ليس هناك أي وقت للتهاون؛ إذ إن الجوع ما زال يرتفع في إفريقيا وغرب آسيا ومنطقة البحر الكاريبي».
وأوضحت أن هذا التقرير هو «لمحة عن العالم الذي ما زال يتعافى من جائحة عالمية، ويكافح تبعات الحرب في أوكرانيا التي تسببت في المزيد من الاضطرابات في أسواق الغذاء والطاقة».
وسمح الانتعاش الاقتصادي بعد جائحة «كوفيد19» بتحسن الوضع «لكن ليس هناك أدنى شك في أن التقدم المتواضع الذي أُحرز، قوّضه ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والطاقة التي تضخمت بفعل الحرب في أوكرانيا»، وفق التقرير.
أكبر تحدٍ في العالم
وأشارت الوكالات إلى أنه إذا فشل العالم في مضاعفة جهوده وتوجيهها بشكل أفضل، فإن «هدف القضاء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية بكل أشكاله بحلول عام 2030 سيبقى بعيداً من أن يتحقق»، مشيرة إلى أنه إذا لم تتسارع وتيرة التقدم، فقد يبقى في عام 2023 نحو 600 مليون شخص يعانون نقص التغذية، خصوصاً في إفريقيا.
وحذّرت في التقرير أن العوامل الرئيسية لانعدام الأمن الغذائي، المتمثلة في الصراعات والصدامات الاقتصادية والكوارث المناخية، وانعدام المساواة المتزايدة، تشكل «وضعاً طبيعياً جديداً».
وقال رئيس «إيفاد» ألفارو لاريو «ما نفتقر إليه هو الاستثمارات والإرادة السياسية، لتنفيذ حلول واسعة النطاق».
وتواجه منطقة القرن الإفريقي، أسوأ موجة جفاف منذ 40 عاماً؛ إذ يعيش أكثر من 23 مليون شخص «في مجاعة شديدة» في الصومال وكينيا وإثيوبيا، وفق ما حذّر برنامج الأغذية العالمي.
وقالت رئيسته التنفيذية، سيندي ماكين، الأربعاء، «الجوع آخذ في الارتفاع فيما أصبحت الموارد التي نحتاج إليها بشكل عاجل لحماية الفئات الأكثر ضعفاً قليلة بشكل خطر. بصفتنا نعمل في المجال الإنساني، نحن نواجه أكبر تحدٍ شهدناه على الإطلاق».
إضافة إلى ذلك، قالت الأمم المتحدة: إنه بسبب التأثير «المستمر» للجائحة في الاقتصادات، وارتفاع أسعار الغذاء، «تراجعت قدرة السكان على الحصول على غذاء صحي في كل أنحاء العالم».
وعجز أكثر من 3.1 مليار شخص من تحمل تكاليف نظام غذائي متوازن في عام 2022، ما تسبب في نقص تغذية «حالات هزال وتقزم».
تحت خط الفقر
من جانبه، حذر أبو بكر الديب، مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، في تصريحات خاصة ل«الخليج»، من اندلاع أزمة غذاء، وارتفاع معدلات الجوع في العالم إذا امتدت الحرب في أوكرانيا، وزادت حدة التوترات الجيوسياسية بين الصين وأمريكا، ولم يتحرك العالم، لمواجهة التغييرات المناخية، أو إذا تعطل أو تعثر اتفاق الحبوب الروسي الأوكراني برعاية الأمم المتحدة.
وأوضح أن ملايين البشر وخاصة في قارة إفريقيا والدول الفقيرة، يترقبون اتفاق تصدير الحبوب من أوكرانيا، لما تمثله روسيا وأوكرانيا من ثقل كبير في سوق الحبوب والقمح العالمي.
وأضاف أن العقوبات الغربية على موسكو والتي تجاوزت ال 14 ألف عقوبة، أضرت بسلاسل الإمداد، ورفعت كُلفة الشحن، وزادت من كُلفة الوقود والغذاء، موضحاً أنه في حال فشل أو تعطيل اتفاق الحبوب، سيصبح الوضع أسوأ، وقد يدخل ملايين الأشخاص في 41 دولة تحت خط الفقر المُدقع، أو التحول لمجاعة فعلية خاصة في عام 2024.
وأكد أن ارتفاع أسعار الغذاء ومعدلات التضخم عالمي، وسيؤدي إلى توسيع مساحة التوترات الجيوسياسية والنزاعات بين الدول، مشيراً إلى أن هذه الديون تكاد تغرق اقتصاد العالم، خاصة الدول الفقيرة بعد أن بلغت قيمتها 305 تريليونات دولار.