واشنطن – أ ف ب
حين نشر الجيش الأمريكي إعلاناً ترويجياً في عام 2021 يُظهر جندية نشأت في كنف عائلة مؤلفة من والدتَين، اعتبر الليبراليون، أن القيادة العسكرية تزداد قوة وتنوّعاً، إلا أن المحافظين رأوا في ذلك ضعفاً في صفوف ضباط عسكريين يعملون على أجندة سياسية ليبرالية على حساب الاستعداد القتالي.
وبعدما أعاد نشر مقطع فيديو حينها يقارن الإعلان بصور محارب روسي حليق الرأس ومفتول العضلات، كتب السيناتور الأمريكي تيد كروز على «تويتر»: «أن يكون الجيش ضعيفاً ويعتمد ثقافة ال«ووك» (woke؛ أي اليقظة حيال الإساءات العنصرية والتمييز) ليس الفكرة الفضلى».
وهاجم كروز الديمقراطيين ووسائل الإعلام، لمحاولتهما تحويل القوات الأمريكية «إلى جيش من المنحلين».غير أن كروز (52 عاماً)، والذي رفض مقترحات انضمام النساء إلى صفوف المقاتلين على أساس أنها طروحات «مجنونة»، ليس الوحيد.
ودفعت الدعوة الواضحة إلى اتّباع ثقافة ال«ووك» في الجيش الأمريكي، اليمينيين إلى الحنين إلى حقبة تسبق استيلاء التقدميين الساعين إلى فرض القيم اليسارية على الأمريكيين على الحياة العامة، وفق قولهم.
ودخل المشرّعون الجمهوريون الذين سيطروا على مجلس النواب هذا العام في حرب مع قادة في البنتاغون يتهمونهم بالتركيز المفرط على التنوع والمساواة والشمول. ويرى الجمهوريون، أن التلقين حول العدالة العرقية والهوس بتغيّر المناخ جعلا من العسكريين أشخاصاً ناعمين، ما أدّى إلى تراجع في التجنيد ساء في عهد الرئيس الديمقراطي جو بايدن.
وانتشر هذا الازدراء بالقيادة العسكرية في القاعدة الشعبية للجمهوريين وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي ألقى خطابات هاجم فيها الجنرالات «الضعفاء» الذي يهتمّون بالصوابية السياسية أكثر من «محاربة أعدائهم».
«الصين تضحك»
من جهته، قال حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس: إن «الصين تضحك» على الاعتماد المفترض لضمائر جندرية محددة في قيادة الجيش الأمريكي. والعام الماضي، دخل وزير الدفاع لويد أوستن في مشادة انتهت بصراخ في مجلس النواب عندما اتهم عضو في الكونغرس أوستن بالسماح للبنتاغون «باحتضان الاشتراكية» من خلال «تدريب إلزامي على استخدام الضمائر».
واعتبرت المحللة السياسية ريسا بروكس، أن الأمثلة على هذا النوع من النقد كثيرة، وتضرّ بأمن الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن الهجمات في الأغلب تكون عبثيّة، وتعتمد على معلومات غير صحيحة.
مؤخراً، كتبت بروكس، أن هذه الانتقادات «تقوّض التماسك الداخلي للجيش، وتسيّس الرقابة، وتصرف انتباه الكونغرس والشعب الأمريكي عن مشاكل الأمن القومي». وأضافت: «على الذين رأوا الهجمات منذ فترة طويلة على حقيقتها – بتحيز أدائي أكثر مما هو انتقاد موضوعي لمشاكل فعلية – أن يفعلوا المزيد لمواجهتها».
في ظل قيادته الجمهورية الجديدة، يستخدم مجلس النواب المنقسم بشدة، سلطته للتركيز على انتشار ثقافة ال«ووك» في الجيش، ولفرض تغييرات في السياسة على هذا الأساس.
وناقش المشرّعون عشرات التعديلات لقانون السياسة الدفاعية البالغة ميزانيته 886 مليار دولار حول ما يُسمى موضوعات «الحرب الثقافية»، من سياسة الإجهاض إلى لقاحات كوفيد، والتنوع العرقي.
– حقائق قاسية
طُرحت أيضاً مقترحات لوقف أو تخفيف الدعم العسكري لأوكرانيا، وتحدي المراسيم المناخية للبيت الأبيض، وأخرى لا علاقة لها بالجيش. وعلى الرغم من أنه لا فرصة لإقرار المشروع في مجلس الشيوخ الذي يقوده الديمقراطيون، ينبغي التوصل إلى حلّ وسط لطرح مشروع بايدن للمحافظة على تمويل الجيش.
في غضون ذلك، بدأ الضباط العسكريون بالتراجع، ووضعوا في الواجهة كبار الضباط المسلحين بحقائق قاسية وباردة تدحض بعض الهجمات السياسية التي تستهدفهم. سئلت الرقيب جوان باس مؤخراً عن «تدريب الضمائر» في سلاح الجو، وكان عليها أن تشرح ألا تدريب من هذا النوع.
وقال قائد فيلق مشاة البحرية الجنرال ديفيد بيرغر في منتدى عام في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إن ثقافة ال«ووك» لا تدعو إلى القلق أبداً في صفوف الجنود.