جنيف – (أ ف ب)
نددت الأمم المتحدة، الثلاثاء، بمشروع قانون الهجرة الذي أقرّه البرلمان البريطاني، مشدّدة على أن البند المتعلق بمنع المهاجرين الذين وصلوا إلى المملكة المتحدة بشكل غير قانوني من طلب اللجوء في هذا البلد، يتعارض مع القانون الدولي، ويرسي سابقة مثيرة للقلق.
وقال رئيس المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، ورئيس المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، في بيان مشترك، إن مشروع القانون «يتعارض مع التزامات البلاد بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان واللاجئين».
«عواقب وخيمة»
وحذّر المسؤولان الأساسيان في الأمم المتحدة عن هذا الملف في بيانهما، من أن هذا القانون «ستكون له عواقب وخيمة على الأشخاص الذين يحتاجون إلى الحماية الدولية».
وهذا النص المثير للجدل أقرّه البرلمان البريطاني ليل الاثنين-الثلاثاء، ويُعتبر حجر الزاوية في مشروع رئيس الوزراء، ريشي سوناك، لمحاربة الهجرة غير الشرعية، الملف الذي وضعه في أعلى سلم أولوياته.
ولا يزال يتعين على الملك تشارلز الثالث التوقيع على النص ليصبح قانوناً ساري المفعول، لكن هذه «المصادقة الملكية» مجرد إجراء شكلي.
وفي بيانهما المشترك، قال تورك وغراندي، إن مشروع القانون ينشئ سلطات احتجاز تتمتع بصلاحيات واسعة وتخضع لإشراف قضائي محدود.
وقال غراندي في البيان إن التشريع الجديد «يقوّض بشكل كبير الإطار القانوني الذي وفر الحماية للكثيرين، ويعرّض اللاجئين لمخاطر جسيمة في انتهاك للقانون الدولي».
وفي بيانهما، ذكر المسؤولان الأمميان أن اتفاقية اللاجئين لعام 1951 تعترف صراحة بأنه يمكن أن يضطر اللاجئون لدخول بلد اللجوء بشكل غير قانوني.
وشددا على أن الطرق الآمنة والقانونية نادراً ما تكون متاحة لمعظم الفارين من الحروب، الذين غالباً ما يكونون غير قادرين على الحصول على جوازات سفر، أو تأشيرات.
«سابقة»
وحذّر تورك من خطر أن يرسي هذا التشريع البريطاني «سابقة» قانونية تتبعها دول أخرى.
وقال إن هذا النص «يشكل سابقة مقلقة في مجال تفكيك الالتزامات المتعلقة باللجوء، قد تميل لاتباعها دول أخرى، بما في ذلك في أوروبا».
ونبّه رئيس المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إلى أن هذا الأمر «قد يكون له تأثير سلبي في مجمل المنظومة الدولية لحماية اللاجئين وحقوق الإنسان».
وتريد لندن من هذا القانون وقف تدفق المهاجرين الذين يصلون بأغلبيتهم عبر بحر المانش على متن قوارب صغيرة، تنطلق من السواحل الفرنسية القريبة.
وفي 2022، وصل إلى سواحل إنجلترا على متن هذه القوارب أكثر من 45 ألف مهاجر، في رقم قياسي.
وهذا النص الذي أثار انتقادات واسعة داخل المملكة المتحدة ومن جانب منظمات حقوقية دولية، ينص خصوصاً على منع المهاجرين الذين وصلوا بشكل غير قانوني إلى الأراضي البريطانية من طلب اللجوء في هذا البلد.
الترحيل إلى رواندا
وبعد احتجاز المهاجرين غير النظاميين، تريد الحكومة ترحيلهم بأسرع ما يمكن، إما إلى بلدانهم الأصلية، وإما إلى بلد ثالث، مثل رواندا، أياً كان البلد الذي أتوا منه.
وأبرمت بريطانيا، في العام الماضي، اتفاقاً مع رواندا، لإرسال مهاجرين غير شرعيين إلى البلد الإفريقي، لكن لم يتم تنفيذ أي عمليات ترحيل بعد بموجب هذا الاتفاق المثير للجدل.
وكان مقرراً إجراء أول عملية ترحيل في يونيو/ حزيران 2022، لكن الرحلة الجوية تم إلغاؤها بعد قرار من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وفي نهاية يونيو/ حزيران، أعلن القضاء أن هذا الاتفاق غير قانوني، لكن الحكومة البريطانية أعلنت في الحال عزمها على استئناف هذا الحُكم.
وفي بيانهما المشترك قال تورك وغراندي، إن التشريع البريطاني الجديد لا يتضمن أي ضمانات بأن طالبي اللجوء سيكونون قادرين على الحصول على الحماية في رواندا.
ويخضع الأطفال غير المصحوبين بذويهم لنطاق القانون الجديد.
وحذر المسؤولان الأمميان من أنه من دون ترتيبات ترحيل قابلة للتطبيق، سيبقى مئات آلاف المهاجرين في بريطانيا إلى أجل غير مسمى في أوضاع قانونية محفوفة بالمخاطر.
وقال تورك إن «إجراء عمليات الإبعاد في ظل هذه الظروف يتعارض مع حظر الإعادة القسرية والطرد الجماعي والحق في الإجراءات القانونية الواجبة ومع الحياة الأسرية والخاصة ومع مبدأ المصالح الفضلى للأطفال المعنيين».
من جهته، قال غراندي إن محاولات بريطانيا تسريع إجراءات اللجوء «سيقوّضها بشكل كبير التشريع الجديد».
وبحسب تورك وغراندي فإن القانون الجديد سيعرض المهاجرين غير الشرعيين «لخطر الاحتجاز والفقر المدقع».
وحضّ تورك «حكومة المملكة المتحدة على تجديد هذا الالتزام بحقوق الإنسان من خلال عكس هذا القانون، وضمان أن حقوق جميع المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء يتم احترامها وحمايتها، والالتزام بها».