5
يتوفر الآن فيلم أوبنهايمر Oppenheimer للمشاهدة في دور السينما بعد شهور من الانتظار، وهو الفيلم الذي يروي فيه كريستوفر نولان قصة الفيزيائي اللامع جي روبرت أوبنهايمر الذي لعب دورا رئيسيا في تطوير القنبلة الذرية خلال الحرب العالمية الثانية، والذي تتضمن قصة حياته العديد من الإنجازات العظيمة والمعضلات الأخلاقية الكبيرة.
ويتتبع فيلم أوبنهايمر Oppenheimer الجديد لكريستوفر نولان في ملحمة مدتها ثلاثة ساعات كاملة قصة الفيزيائي الشهير منذ أيامه الأولى كعالم إلى دور كرئيس لمشروع مانهاتن، وهو الفيلم الذي يأتي بتصوير استثنائي باللونين الأبيض والأسود ويضم طاقما من ألمع النجوم، بما في ذلك كيليان ميرفي في دور اوبنهايمر واميلي بلانت كزوجته كيتي وروبرت داوني جونيور في دور الجنرال ليزلي جروفز.
ويتناول فيلم أوبنهايمر العديد من الموضوعات الهامة والصعبة، بما في ذلك المعضلة الأخلاقية حول صنع القنبلة الذرية ومسؤولية العلماء عن استخدام أبحاثهم العلمية، وكعادة المخرج كريستوفر نولان فإن الفيلم يركز على عرض الحياة المعقدة لعالم مؤثر صنع التاريخ.
من هو أوبنهايمر Oppenheimer ؟
وكان روبرت أوبنهايمر فيزيائيا نظريا أمريكيا لعب دورا محوريا في تطوير القنبلة الذرية الأولى خلال الحرب العالمية الثانية، وغالبا ما يشار إليه باسم “أبو القنبلة الذرية” نظرا لقيادته لمشروع مانهاتن، وهو مشروع بحثي سري للغاية نجح في صنع أول سلاح نووي في العالم.
وبعيدا عن مساهماته العلمية، كان أوبنهايمر Oppenheimer معروفا أيضا بحبه للأدب والشعر وحبه للتدريس، ومع ذلك، لم تكن حياته خالية من التحديات، حيث واجه تحقيقات وتعرض لإلغاء تصريحه الأمني خلال حقبة الحرب الباردة المبكرة بسبب مزاعم عدم الولاء، واستمر إرث أوبنهايمر كعالم لامع رغم الآثار الأخلاقية لعمله على تطوير الأسلحة النووية.
وولد روبرت أوبنهايمر في 22 أبريل 1904 في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة لعائلة ثرية، حيث كان والده يوليوس أوبنهايمر مهاجرا ألمانيا أصبح مستوردا ناجحًا للمنسوجات، بينما كانت والدته إيلا فريدمان فنانة.
أفضل وثائقيات التكنولوجيا والعلوم على نتفلكس Netflix
لا يفوتك أيضا:
والتحق أوبنهايمر بمدرسة مجتمع الثقافة الأخلاقية في مدينة نيويورك أثناء تعليمه المبكر، ثم درس لاحقا في جامعة هارفارد، حيث تخصص في الكيمياء قبل أن ينتقل إلى الفيزياء التي أصبحت محور تركيزه الأساسي، وواصل دراسته ، التحق بجامعة كامبريدج ثم في جامعة غوتينغن في ألمانيا، حيث حصل على درجة الدكتوراة في الفيزياء النظرية بإشراف من ماكس بورن الذي يعتبر من أشهر الفيزيائين في القرن العشرين.
حقائق عن أوبنهايمر Oppenheimer
وهذه بعض الحقائق الهامة عن أوبنهايمر Oppenheimer:
معجزة مبكرة
أظهر أوبنهايمر قدرات فكرية رائعة في سن مبكرة، حيث كان يجيد التحدث باللاتينية واليونانية بطلاقة في سن العاشرة، كما كان لديه تعطش نهم للمعرفة والخوض في العديد من المجالات المختلفة خارج الفيزياء.
محب للأدب والشعر
لم يكن أوبنهايمر Oppenheimer عالما فحسب، بل كان أيضا عاشقا للأدب والشعر، واشتهر عالم الفيزياء الأمريكي الشهير باقتباسه ومناقشته لأعمال ويليام شكسبير وجون دون وغيرهم من عمالقة الأدب.
تفوق أكاديمي مذهل
وفيما التحق أوبنهايمر بجامعة هارفارد المرموقة حيث درس الكيمياء، لكنه سرعان ما تحول إلى الفيزياء، وكان Oppenheimer قد حقق تفوقا أكاديميا كبيرا بالحصول على درجة الدكتوراة من جامعة غوتنغن في ألمانيا في سن 23 عاما فقط.
الشغف بالتدريس
بالإضافة إلى مساعيه العلمية، كان أوبنهايمر متحمسا للتدريس، حيث شغل مناصب تدريسية في جامعات كاليفورنيا وبيركلي ومعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، حيث ألهم ووجه العديد من الفيزيائيين الشباب الذين أصبحوا فيما بعد من العلماء المؤثرين.
قيادة مشروع مانهاتن
وكان أحد أهم المعالم في حياة أوبنهايمر هو قيادته لمشروع مانهاتن، وهو مشروع بحث وتطوير سري خلال الحرب العالمية الثانية نجح تحت إشرافه في إنشاء أول قنبلة ذرية في العالم، مع اختبار ترينيتي في يوليو 1945.
المعضلة الأخلاقية
على الرغم من نجاح مشروع مانهاتن لتطوير أول قنبلة ذرية، كان أوبنهايمر على وعي بشدة بشأن الآثار المترتبة على عمله، حيث كان مدركا جيدا للدمار الذي يمكن أن تسببه الأسلحة النووية، وهو ما جعله يصبح لاحقا مدافعا صريحا عن السيطرة الدولية على الطاقة الذرية.
الاتهام بعدم الولاء
ورغم مجهوداته الكبيرة في قيادة مشروع الولايات المتحدة لتطوير أول قنبلة ذرية، إلا أن أوبنهايمر Oppenheimer واجه اتهامات بعدم الولاء للولايات المتحدة، وهو ما أدى لسلسلة مع التحقيقات الأمنية معه خلال حقبة الحرب الباردة، وذلك بدعوى ارتباطه بجمعيات سياسية لها توجهات يسارية، وهو ما أدى في النهاية إلى إلغاء التصريح الأمني الخاص به في عام 1954، وهو القرار الذي أدى لجدل كبيرا ولا يزال من أبرز القرارات المثيرة للجدل في التاريخ الأمريكي.
معاناة من مشاكل الصحة العقلية
وعانى أوبنهايمر مع مشاكل مرتبطة بالصحة العقلية طوال حياته، حيث عانى من فترات من الاكتئاب والقلق، وهي المشاكل التي تفاقمت بسبب الضغط الشديد والعبء الأخلاقي لعمله على مشروع تطوير القنبلة الذرية.
واجه مأساة عائلية
وفي عام 1944، انتحر فرانك شقيق أوبنهايمر الأصغر، وهو الحدث المأساوي الذي أثر عليه بعمق وزاد من صراعاته العاطفية.
مساهمات اوبنهايمر ما بعد الحرب
بعد الحرب العالمية الثانية، لعب أوبنهايمر Oppenheimer دورا محوريا في تشكيل سياسة حكومة الولايات المتحدة بشأن الأسلحة النووية، كما واصل مشاركته في البحث العلمي ودافع عن الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية وضرورة مراقبة التسلح.
القيادة الأكاديمية
عمل أوبنهايمر كمدير لمعهد الدراسات المتقدمة في برينستون بولاية نيوجيرسي الأمريكية خلال الفترة من عام 1947 إلى عام 1966، ونجح خلال فترة ولايته بإنشاء بيئة محفزة فكريا وجذب العقول الرائدة من مختلف التخصصات.
وعلى الرغم من إنجازاته الكبيرة، إلا أن حياة أوبنهايمر Oppenheimer أخذت منحى سيئنا بعد الجدل الأمني حول ولائه، ورغم أنه استمر في المشاركة في البحث العلمي، لكن مساهماته طغت عليها الأحداث السابقة إلى حد ما، وتوفى الفيزيائي الشهيرة في 18 فبراير 1967 تاركا وراءه إرثا معقدا من التألق العلمي والمعضلات الأخلاقية.