«الخليج» – وكالات
مع تواصل القصف الإسرائيلي واستمرار تدهور الأوضاع الإنسانية بغزة، ومع دخول الحرب الدامية شهرها الثاني، تلوح في الأفق دعوات واقتراحات دولية لوقف التصعيد بالقطاع المحاصر، والمطالبة بـ«وقف إطلاق النار» بصورة تامة، أو الاتفاق على «هدنة إنسانية» عاجلة.. فما الفرق بين الاثنين وأيهما أقرب للتطبيق في غزة؟
ونقلت وسائل إعلام عالمية عن مصادر، أن هناك مفاوضات جارية مع إسرائيل بوساطة قطرية حول «هدنة من ثلاثة أيام» في مقابل إطلاق سراح 12 رهينة «نصفهم أمريكيون».
وأكدت المصادر، أن إحراز تقدم حول الهدنة متوقف حالياً على «مدة» الهدنة وشمال قطاع غزة الذي يشهد عمليات قتالية واسعة النطاق.
وذكر مصدر مطلع أن المفاوضات تهدف إلى تأمين إطلاق سراح 10 إلى 15 رهينة لدى «حماس»، مقابل هدنة إنسانية لمدة يوم أو يومين في غزة، مبيناً أن المفاوضات تجري بتنسيق مع واشنطن، وأن الهدنة تسمح لحماس بجمع تفاصيل عن المحتجزين المدنيين، وتأمين إطلاق سراح عشرات آخرين.
ولفت المصدر إلى أن الولايات المتحدة ودولاً أخرى كثفت الضغوط على إسرائيل لتحقيق هذا.
من جهتها، كشفت مصادر مصرية لـ«سكاي نيوز عربية»، الأربعاء، أن القاهرة تقترب من التوصل إلى هدنة إنسانية في القطاع، تشمل تبادل أسرى، وذلك بعد اتصالات مكثفة تجريها القاهرة في هذا الشأن.
وذكر مصدر أمني مصري أيضاً، أنه يتوقع وقف إطلاق النار لما يتراوح بين 24 و48 ساعة، أو تحديد نطاق العمليات الرئيسية خلال الأسبوع المقبل مقابل إطلاق سراح المحتجزين.
وأعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مراراً، رغبتها في إقرار هدنة إنسانية في غزة، من أجل تأمين خروج مئات الأجانب والرهائن البالغ عددهم 241 لدى حركة «حماس»، لكن حكومة الحرب الإسرائيلية، أعلنت مراراً أنه لا وقف لإطلاق النار قبل الإفراج عن الرهائن لدى الحركة.
وتدعو منظمات إغاثية دولية ودول ومسؤولون أمميون ودول عربية إلى «وقف فوري لإطلاق النار».
ما الفرق بين الهدنة ووقف إطلاق النار؟
وعلى الرغم من الفروق الواضحة بين آلية «وقف إطلاق النار» و«الهدنة الإنسانية»، من حيث الزمن والهدف، فإن هناك تشابهاً بينهما في نقطة تعليق الأعمال القتالية.
ويتفق العسكريون على أنه على الرغم من عدم وجود تعريف رسمي أو صريح لـ«وقف إطلاق النار»، فإنه يمكن وصفه بأنه اتفاق بين طرفين متحاربين يُمكّن من وقف أو تعليق العمليات القتالية، بما يؤدي إلى استتباب الأمن ووصول المساعدات الإنسانية وإجلاء الجرحى من جبهات القتال، ويوقف الحرب تمهيداً لإرساء السلام بالطرق الدبلوماسية والتسوية السلمية.
ويتميز وقف إطلاق النار في الحرب، بكونه يُعلن لفترة محددة وداخل نطاقٍ جغرافي محدد، ومن هنا يبرز الفرق الجوهري بينه وبين اتفاق السلام، لكونه يمكن أن يخص جبهةَ قتال محددة بينما توجد جبهات أخرى مشتعلة. كما أن وقف إطلاق النار قد يتضمن بنداً يحدد وقف استعمال أسلحة دون أخرى.
وقد يدوم وقف إطلاق النار أحياناً فترات طويلة أكثر مما اتُفق عليه مبدئياً، بل إنه قد يتحول إلى سلام غير مقنن. وأحياناً يكون وقف إطلاق النار من جانب واحد إبداء لحسن النية أو احتراماً لمناسبة معينة، أو من أجلِ إتاحة الوقت اللازم لجهود الوساطة أو المفاوضات.
ويتميز وقف إطلاق النار بحسب العسكريين عن الهدنة، بكونه لا يتضمن في العادة شروطاً ذات طبيعة سياسية أو عسكرية، وإنما يقتصر على وقف الأعمال القتالية مؤقتاً وفي نطاق جغرافي محدد.
بينما تتطلب الهدنة مفاوضات تحدد شروطها، كما تحدد سلطات القوة المتغلبة على الأراضي الخاضعة لها من تراب الطرف المتغلب عليه، كما تُناقش أمور السيادة والوجود العسكري والحوزة الترابية.
وفي الغالب فإن هدف الهدنة هو تفادي مزيد من الخسائر البشرية والمادية بعد أن يتبدى مسار الحرب ورجحان كفة طرف على آخر بشكل مطلق.
لكن وقف إطلاق النار والهدنة يتشابهان في كونهما قراراً سياسياً في المقام الأول، فقد تعلن السلطة السياسية الهدنة أو تطلبها، بينما لا يزال جيشها في حالة حرب ويقاتل بالفعل.
الولايات المتحدة لا تؤيد «وقف إطلاق النار»
وفي حين تشدد الولايات المتحدة على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، فقد بدأت في الدعوة إلى «هدنات إنسانية»، ولكن ليس وقف إطلاق النار.
ودعا البيت الأبيض لـ«هدنات إنسانية مؤقتة»، للسماح بإدخال مساعدات إلى غزة أو لإجلاء مدنيين، لكنه رفض حتى الآن مناقشة وقف شامل لإطلاق النار، معتبراً أن من شأنه هذه الخطوة أن تخدم حركة حماس.
وأكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، هذا الموقف، قائلاً: «نحن لا نؤيد وقفاً عاماً لإطلاق النار في هذه المرحلة».
وأضاف: «كما قلت سابقاً، نعتقد أن وقفاً عاماً لإطلاق النار من شأنه أن يفيد حماس في توفير مساحات لها لأخذ النفس والوقت لمواصلة التخطيط لهجمات إسرائيل وتنفيذها».
وتحظى الدعوات إلى هدنة إنسانية بدعم من كندا وعدد متزايد من الدول الأوروبية مثل المملكة المتحدة وإسبانيا وهولندا.
وتركّزت المعارك بين الجيش الإسرائيلي وحماس الأربعاء في مدينة غزة في شمال القطاع المحاصر، بعد دخول الحرب شهرها الثاني.
وأعلنت إسرائيل أن جيشها بات «في قلب مدينة غزة»، بينما تتكثف عمليات القصف الجوي والمدفعي الذي أودى حتى الآن بـ10569 قتيلاً، بينهم 4324 طفلاً و2823 سيدة، إضافة إلى إصابة 26475 مواطناً وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
وإضافة إلى الموت والدمار الذي يحيط بهم من كل صوب، يعاني الفلسطينيون نقصاً كبيراً في الماء خصوصاً، والمواد الغذائية والأدوية، فيما تستمر معاناة المستشفيات التي تحتاج إلى الوقود.
وأظهرت لقطات التقطها مراسل لوكالة فرانس برس، عدداً من السكان الذين ما زالوا في مدينة غزة، يصطفون أمام صهاريج من أجل التمكن من الحصول على المياه.
وشنّت حماس قبل شهر هجوماً مباغتاً غير مسبوق في تاريخ إسرائيل على مستوطنات غلاف غزة حيث قتل 1400 شخص قضوا في اليوم الأول للهجوم.