«الخليج» – وكالات
منذ السابع من أكتوبر تدور عمليات قصف ومعارك عنيفة في محيط مستشفيات غزة، بين الجيش الإسرائيلي الذي يحاول التقدم وحركة حماس، ما يهدد حياة آلاف الفلسطينيين العالقين في مرافق صحية، حذرت منظمات دولية من أن وضعها «كارثي» وينذر بتحولها إلى «مشرحة».
ويواصل الجيش الإسرائيلي عملياته البرية في شمال القطاع، حيث شدد الطوق وعمليات القصف قرب مستشفيات ومراكز صحية كانت تؤوي آلاف النازحين هرباً من القصف في شمال غزة، وأبرزها مجمع الشفاء الطبي الأكبر في قطاع غزة.
- أكثر من 20 مستشفى خارج الخدمة
والسبت، وقعت انفجارات وتبادل كثيف لإطلاق النار في مدينة غزّة بشمال القطاع، حسب صور لوكالة فرانس برس.
وقال وكيل وزارة الصحة في قطاع غزة الفلسطيني، يوسف أبو الريش، الأحد، إن غارة إسرائيلية دمّرت مبنى قسم أمراض القلب في مجمع الشفاء الطبي في شمال غزة، مع احتدام القتال بمحيط مستشفيات القطاع.
وأوضح مدير قسم الجراحة في مستشفى الشفاء مروان أبو سعدة، أن «إسرائيل قصفت غرفة العناية المركّزة»، مؤكداً أنهم «يطلقون النار ويقصفون كل مكان حول المستشفى، لا يمكنكم الدخول أو الخروج من المستشفى. الوضع في المستشفى خطير جداً جداً».
وأضاف أن «الأشخاص الذين حاولوا ترك المستشفى أطلِق عليهم النار في الشارع، وبعض منهم قُتل، وآخرون منهم جُرحوا، لا أحد يستطيع دخول المستشفى، ونحن لا نستطيع الخروج منه، إطلاق النار في كل مكان».
وأكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أن 20 من أصل المستشفيات ال36 في غزة باتت «خارج الخدمة».
- الوضع الصحي ينحرف نحو الهاوية
وحذّرت منظمة أطباء بلا حدود يوم الأحد، من أنه «في حال لم نوقف سفك الدماء فوراً عبر وقف لإطلاق النار أو الحد الأدنى من إجلاء المرضى، ستصبح هذه المستشفيات مشرحة».
وأكد الجراح محمد عبيد الموجود داخل المستشفى في رسالة صوتية نشرتها «أطباء بلا حدود» عبر منصة «إكس»، انقطاع المياه والكهرباء والغذاء داخل المستشفى عن نحو 600 مريض خضعوا لعمليات جراحية، ووجود ما بين 37 و40 طفلاً و17 شخصاً في العناية المركزة.
وأضاف: «يمكننا أن نرى الدخان حول المستشفى»، مشيراً إلى أن الجيش الإسرائيلي «قصف كل شيء في محيط المستشفى، وقصف المستشفى مراراً»، مشدداً على أن الوضع «سيئ جداً جداً».
وكان مدير مجمع الشفاء محمد أبو سلمية حذّر من أن «الطواقم الطبية عاجزة عن العمل، والجثث بالعشرات لا يمكن التعامل معها أو دفنها»، مؤكداً أن «المستشفى محاصر تماماً والقصف مستمر في محيطه».
من جهته، أعرب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس عن قلقه في ساعة مبكرة الأحد من «فقدان الاتصال» مع محاوريه في الشفاء.
- مستشفى الشفاء
وينال مستشفى الشفاء في قطاع غزة حصة كبيرة من القصف، ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا والمصابين.
وينصب تركيز إسرائيل منذ أسابيع على هذا المستشفى بسبب اتهامات لحركة «حماس» باستخدامه كغطاء لمراكز عملياتها تحت الأرض.
وفي وقت سابق، بثّ الجيش الإسرائيلي مكالمة يزعم فيها أن مسؤولاً طبياً في غزة يقول إن «حماس» تخزن الوقود تحت مستشفى الشفاء.
ونشر الجيش الإسرائيلي تسجيلاً لما يقول إنه مكالمة هاتفية يعترف فيها مسؤول طبي في غزة بأن احتياطيات «حماس» من الوقود أكثر من نصف مليون لتر، يتم تخزينها مباشرة تحت مستشفى الشفاء في مدينة غزة، وهو الأكبر في القطاع.
ومن جهته كذب الجيش الإسرائيلي السبت، التقارير التي تحدثت عن استهداف قواته مستشفى الشفاء في غزة ووصفها ب«الكاذبة»، فيما يحتدم القتال في القطاع الفلسطيني المحاصر.
وصرّح المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري في مؤتمر صحفي متلفز: «خلال الساعات الماضية انتشرت معلومات كاذبة بأننا نطوّق مستشفى الشفاء ونقصفه، هذه تقارير كاذبة».
وأضاف هاغاري أن «حماس تكذب بشأن ما يحدث في المستشفيات».
وتابع: «الأمس، سارعت إلى اتهامنا بالمسؤولية عن الهجوم على مستشفى الشفاء. قمنا بفحص أنظمتنا، وخلصنا إلى أن ما حصل نتيجة خلل في صاروخ أطلقته الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة»، وأكد مجدداً وجود «ممر محدد للخروج والدخول من الجانب الشرقي للمستشفى».
ووفقاً له، تم «إخلاء» مستشفى الرنتيسي للأطفال في شمال غزة بعد القضاء على «مسلح كان يحتجز ألف غزاوي رهائن».
ولم تقتصر المعارك على محيط مستشفى الشفاء، بل تدور أيضاً قرب مستشفيات أخرى في شمال غزة منها المستشفى الإندونيسي، وقال مديره عاطف الكحلوت إن نقص الوقود اللازم لتشغيل المولدات، دفع إلى قطع الكهرباء عن محطة تحلية المياه وأجهزة طبية.
- مستشفى المعمداني
وأقدم الجيش الإسرائيلي على قصف المستشفى المعمداني منتصف الشهر الماضي، في غزة أثناء وجود مئات العائلات النازحة، ما أدى إلى سقوط الضحايا.
وأشار الدفاع المدني في غزة إلى أنّ «الأطفال والنساء قطعت أشلاء نتيجة المجزرة المروعة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في مستشفى المعمداني».
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أشرف القدرة في بيان، إن 471 فلسطينياً قُتلوا وأصيب أكثر من 314 آخرين، فيما وصفها «بالمذبحة الإسرائيلية» في المستشفى الأهلي العربي المعمداني بالقطاع.
ونفى الجيش الإسرائيلي مسؤوليته عن الهجوم، قائلاً إن معلومات المخابرات العسكرية تشير إلى أن المستشفى «تعرض لهجوم صاروخي فاشل شنته حركة الجهاد الفلسطينية في القطاع».
لكن متحدثاً باسم «الجهاد» نفى رواية إسرائيل بمسؤولية الحركة عن ضرب مستشفى غزة.
ويعد مستشفى النصر من المستشفيات المستهدفة في غزة، حيث قصفت إسرائيل بوابة مستشفى النصر للأطفال في التاسع من الشهر الجاري، وهي تقع غرب غزة وفق وسائل إعلام فلسطينية.
وقال بكر قاعود، مدير مستشفى الرنتيسي في غزة: «تحت التهديد الإسرائيلي بالقصف قمنا بإجلاء جميع الطواقم الطبية والجرحى والنازحين وحتى الحالات المرضية التي تعتمد على الأكسجين». وأضاف: «حضر الصليب الأحمر ببعض الإسعافات وأخرجها وكانت تتراوح ما بين 3 و7 حالات»، وفق ما نقلت وكالة أنباء العالم العربي.
وأشار إلى أن المستشفى يتعرض منذ يومين للقصف من الناحية الغربية، ما أدى إلى دخول النيران للطابق الأرضي وأسفر عن حالات اختناق.
وتابع: «مجمع النصر الطبي الآن خالٍ من المرضى والطواقم الطبية، ربما ما تبقى فقط بقسم الجراحة حالتان لا تستطيعان الحركة، من تبقى معهم عائلاتهم ولا نعلم مصيرهم».
وأكد بكر قاعود، أنه تم إخلاء مجمع النصر الطبي الذي يضم 4 مستشفيات، من المرضى والطواقم الطبية بعد تهديد إسرائيلي بالقصف.
- المستشفى الإندونيسي
استهدف القصف الإسرائيلي محيط المستشفى الإندونيسي بشمال قطاع غزة منذ أيام.
ورداً على ذلك، أوضحت وزارة الخارجية الإندونيسية أن الغرض من المستشفى الإندونيسي في غزة هو خدمة الفلسطينيين «بشكل كامل».
المستشفى الإندونيسي في غزة منشأة بناها إندونيسيون لأغراض إنسانية خالصة ولخدمة الاحتياجات الطبية للفلسطينيين في غزة، وتديره السلطات الفلسطينية بمساعدة عدد قليل من المتطوعين الإندونيسيين.
محيط مستشفى القدس تعرّض أيضاً للقصف الإسرائيلي، وقال الجيش الإسرائيلي إنه حدد موقع عناصر من «حماس» في المبنى المجاور للمستشفى، ونفذ غارة جوية ضدهم.
وتلقى الهلال الأحمر الفلسطيني، الجمعة، تهديداً من القوات الإسرائيلية بقصف مستشفى القدس في غزة ومطالبة ب«إخلاء فوري» للمستشفى، الذي يؤوي حالياً أكثر من 400 مريض و12 ألف مدني نازح، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.
ووجّه الهلال الأحمر الفلسطيني نداءً عاجلاً إلى المجتمع الدولي، قائلاً: «نطالب العالم بالتحرك الفوري والعاجل لمنع وقوع مجزرة جديدة كالتي حدثت في مستشفى الأهلي المعمداني».
- 7 سيارات إسعاف فقط
في الصدد نفسه، يعاني القطاع الصحي في القطاع المحاصر، شحَّ سيارات الإسعاف بعد استهداف معظمها من قبل القوات الإسرائيلية أو عدم توافر الوقود لتشغيل بعضها الآخر.
وأعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، السبت، أن 7 سيارات إسعاف فقط تعمل من أصل 18 تابعة للجمعية في غزة والمناطق الشمالية.
وأكدت الجمعية في بيان لها، أن باقي سيارات الإسعاف معرضة لخطر التوقف التام عن العمليات خلال الساعات المقبلة بسبب نفاد الوقود، كما ذكرت أن فرق الهلال الأحمر الفلسطيني تشهد سقوط العديد من الضحايا والجرحى، إلا أنها تواجه تحديات في الوصول إليهم بسبب استهداف الجيش الإسرائيلي لسيارات الإسعاف التي تقترب من المناطق المتضررة.
وسقط حتى الآن أكثر من 11078 فلسطينياً، بينهم أكثر من 4506 أطفال ضحايا للقصف الإسرائيلي على غزّة، حسب وزارة الصحّة هناك.
وفي إسرائيل، أدى الهجوم إلى مقتل 1200 شخص، وفق السلطات الإسرائيلية التي تؤكد أن «هذه الحصيلة ليست نهائيّة».