روما – أ ف ب
الكسندرا ساج يواجه أكثر من 300 شخص يُشتبه في صلتهم بمنظمة ندرانغيتا، أكثر عصابات المافيا الإيطالية نفوذاً، أحكاماً قاسية هذا الأسبوع في إيطاليا في ختام مسار قضائي استمر ثلاث سنوات.
وطلبت النيابة العامة إنزال عقوبة السجن لمدة تصل إلى 5 آلاف عام ضد 322 متهماً.
وتُصنف مافيا ندرانغيتا في منطقة كالابريا جنوب إيطاليا من أقوى شبكات الجريمة المنظمة وأكثرها ثراءً بفعل تحكمها بجزء كبير من تجارة الكوكايين المهرّب إلى أوروبا.
وتنتشر في نحو أربعين دولة، وتشدد قبضتها في موطنها الأصلي، كما تسللت إلى كل دوائر الحياة العامة وعاثت فيها الفساد وفرضت قوانينها الصارمة على السكان.
منذ كانون الثاني/يناير 2021، استمع ثلاثة قضاة في كالابريا لآلاف الساعات إلى شهود، بينهم أعضاء تائبون في المافيا تعاونوا بعدها مع القضاء، بشأن أنشطة عائلة مانكوزو وشركائها، وهي عصابة مهمة في ندرانغيتا تهيمن على مدينة فيبو فالينتيا.
وقال الخبير في شؤون المافيا أنتونيو نيكاسو لوكالة فرانس برس، إنها محاكمة مهمة، لأنها تستهدف إحدى أهم عائلات ندرانغيتا المتمركزة في كالابريا ولها تداعيات دولية.
من المتوقع أن تصدر المحكمة حكمها مطلع الأسبوع المقبل.
وهذه «المحاكمة الضخمة» لعدد كبير من المتهمين المنتمين إلى العصابة الإجرامية نفسها، والتي تجري في مكان سري تحت مراقبة مشددة في بلدة لاميزيا تيرمي، هي الأكبر ضد المافيا منذ أكثر من 30 عاماً.
ويُتهم هؤلاء بالضلوع في تأسيس عصابات مافيوية والقتل ومحاولة القتل والاتجار بالمخدرات واستغلال النفوذ والإخفاء القسري وغسل الأموال.
متهمون بارزون
ويحاكم الزعيم المافيوي لويجي مانكوزو (69 عاماً)، بشكل منفصل بعد توقيفه في عام 2019 خلال مداهمات أدت إلى اعتقال أكثر من 300 شخص يُشتبه في صلتهم بالمافيا.
وطلب الادعاء عقوبة السجن لمدة 30 عاماً ضد العشرات من أقرب المتعاونين مع مانكوزو، ولا سيما المسؤولين عن إقامة علاقات مع المافيا الأخرى.
في إشارة إلى تسلل «ندرانغيتا» إلى الاقتصاد، تجري محاكمة قادة سياسيين وعناصر في الشرطة ورجال أعمال.
ومن أشهرهم البرلماني السابق جانكارلو بيتيلي، وهو محامٍ معروف وعضو سابق في مجلس الشيوخ عن حزب سيلفيو برلوسكوني يُشتبه في تأديته دور الوسيط بين مافيا ندرانغيتا ومسؤولين سياسيين وماليين ومؤسسات رسمية، ويواجه حكماً بالسجن لمدة 17 عاماً.
وتم بالفعل الحكم على 67 متهماً بعد اختيار الإجراء المعجل، وأدلى خمسون تائباً بشهادات مذهلة، بينهم ابن شقيق لويجي مانكوزو، إيمانويل.
وكشفوا أسراراً عن مخابئ الأسلحة في المقابر أو استخدام سيارات الإسعاف لنقل المخدرات، كما تحدثوا عن تحويل مياه البلدية لري مزارع الماريجوانا.
ووجد معارضو المافيا جراء نافقة أو رؤوس ماعز أو حتى دلافين على عتبات منازلهم، كما تم إحراق سيارات وتكسير واجهات المحال.
وتعرض بعضهم للضرب أو لمحاولات قتل بأعيرة نارية، واختفى آخرون دون العثور على جثثهم.
150 عائلة
بعد أن تم التقليل من أهميتها لفترة طويلة، نمت منظمة «ندرانغيتا» بهدوء لعقود، فيما كانت السلطات تركز جهودها على مافيا صقلية «كوزا نوسترا» التي تمحورت حولها أحداث فيلم «العراب» الشهير (ذا غادفاذر).
وتم تنظيم أول محاكمة ضخمة ضد أعضائها في باليرمو في عام 1986، والتي أفضت إلى إدانة 338 متهماً.
وتشير تقديرات الخبراء إلى أن مافيا ندرانغيتا تضم في عدادها 150 عائلة وتحقق إيرادات سنوية تبلغ 50 مليار يورو في جميع أنحاء العالم.
وتمكنت إيطاليا في السنوات الأخيرة، بمساعدة الشرطة الدولية «الإنتربول»، من إحكام قبضتها على الشبكة الإجرامية، ما أسهم في تعرف الشرطة في العالم إلى أنشطة ندرانغيتا على أراضيها ومهاجمتها.
ويرى خبراء أن هذه المحاكمة، على الرغم من أهميتها، لن تؤدي إلى تعطيل أنشطة «ندرانغيتا».
وقال نيكاسو: «لا أعتقد أن عملية للشرطة كافية لتدمير ندرانغيتا» مشيراً إلى أولويات أخرى كالتوظيف والتعليم وتغيير المفاهيم، موضحاً «هذا ما نحتاج إليه للتعامل مع منظمة إجرامية».