بلا هدف وبلا وعي هرباً إلى السراب، في محاولة يائسة للبحث عن ملاذ آمن وسط طلقات الرصاص التي تغتال الطفولة قبل أن تخترق الأجساد، يحمل طفل في عمر الزهور أخاه الأصغر، بحثاً عن نسمات هواء ليس فيها رائحة الرصاص والقصف؛ إذ لا يشعر بثقل شقيقه على يديه، فالهموم التي أُثقل بها قلبه جرّاء الحصار الإسرائيلي لمستشفى الشفاء لليوم السادس على التوالي، هي أكثر وزناً من جسد واهن.
مجموعة من الصور رصدت ترنح الطفل الذي لا يتجاوز عمره ال 9 سنوات، وهو يمر أمام الخيمة التي يستكين فيها تحت وطأة النيران، منتظراً مصيره داخل المجمع الطبي الذي استحال مسرحاً للعمليات العسكرية الإسرائيلية في حرب غزة.
وقد أعربت منظمة الصحة العالمية، الأربعاء، عن قلقها الشديد إزاء مداهمة الجيش الإسرائيلي لمستشفى الشفاء بقطاع غزة، مشيرة إلى أنها فقدت الاتصال بالطواقم الطبية هناك.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس، الأربعاء، على منصة إكس: «تقارير التوغل العسكري في مستشفى الشفاء مقلقة للغاية. فقدنا الاتصال مجدداً بالطواقم الطبية في المستشفى. نحن قلقون للغاية على سلامتهم وسلامة مرضاهم».
ومن جانبه، أعلن البيت الأبيض في بيان، الأربعاء، أن أمريكا لا تؤيد قصف المستشفيات، بعد أن قال الجيش الإسرائيلي إنه ينفذ عملية ضد حماس في مستشفى الشفاء في غزة.
طفل آخر ليس أفضل حالاً من سابقيه؛ إذ يقف حافي القدمين برفقة ثلاثة أطفال آخرين يضعون أيديهم فوق رؤوسهم جرّاء طلقات الرصاص التي تتساقط كالمطر لتنتهك براءتهم، المطر أيضاً يتساقط هناك فوق المجمع الحكومي التابع لوزارة الصحة الفلسطينية وعلى رؤوس الأطفال؛ لذا يهرب أحدهم كاشفاً عن وجهه فقط، ولسان حاله يتساءل عن العملية الدقيقة التي أعلن الجيش الإسرائيلي داخل المستشفى الذي يعج بالأطفال والنساء والمرضى، يسأل دون أن ينطق: «ما ذنبه هو وباقي الأطفال.. بأي ذنب قتلوا؟».
فيما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء أنه «لا يوجد مكان في غزة لن نصل إليه»؛ وذلك بعد اقتحام الجيش الإسرائيلي مستشفى الشفاء في قطاع غزة.
وواصلت إسرائيل غاراتها على قطاع غزة، منذ السابع من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في اليوم ال38 للقتال، وشددت حصارها على مستشفيات شمال قطاع غزة، التي بات أغلبها مشلولاً، بما في ذلك مستشفى الشفاء أكبر مستشفيات القطاع، نتيجة نفاد الوقود.
وتوقفت 23 مستشفى من أصل 35 عن العمل بشكل كامل، فيما لا تزال القوات الإسرائيلية تحاصر العديد من المستشفيات، وتمنع الدخول إليها أو الخروج منها للطواقم الطبية والمسعفين.