أصدرت الهيئة الاتحادية للرقابة النووية الإماراتية رخصة تشغيل الوحدة الرابعة لمحطة براكة للطاقة النووية، لصالح شركة نواة للطاقة، على أن تبدأ العمل وإنتاج الطاقة بحلول منتصف العام المقبل.
وبذلك، أصبحت شركة نواة للطاقة مفوضة بتشغيل الوحدة الرابعة من محطة براكة للطاقة النووية الواقعة في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي، على مدى الأعوام الستين المقبلة.
من جهته، قال مدير عام الهيئة الاتحادية للرقابة النووية كريستر فيكتورسن، في مؤتمر صحفي للهيئة الاتحادية للرقابة النووية يوم الجمعة إنه بحلول منتصف العام المقبل على الأرجح ستكون الوحدة الرابعة قد بدأت العمل وإنتاج الطاقة بشكل تجاري.
بدوره، قال السفير حمد الكعبي، المندوب الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ونائب رئيس مجلس إدارة الهيئة الاتحادية للرقابة النووية في المؤتمر الصحفي، إن برنامج الإمارات للطاقة النووية السلمية سيلعب دوراً رئيسياً في توفير 25 في المئة من الطاقة النظيفة؛ ومن ثم، دعم جهود الإمارات لتحقيق أهدافها في ما يتعلق بالحياد المناخي لعام 2050.
وحول إمكانية توسع البرنامج الحالي أو الخطط الإماراتية المتعلقة بإنتاج الوقود النووي، قال الكعبي رداً على سؤال «CNN الاقتصادية»، إن «الإمارات لم تتخذ قراراً نهائياً بعد لجهة بناء مفاعلات جديدة أو توسيع المحطة الحالية؛ ولكن توجد دائماً خطط للمستقبل إن كان من ناحية توسيع البرنامج الحالي أو اعتماد تقنيات جديدة».
كانت الهيئة أجرت عملية مراجعة منهجية لطلب إصدار رخصة التشغيل، الذي تضمن تقييماً شاملاً ومراجعة تصميم المحطة النووية، وتحليلاً جغرافياً وديموغرافياً لموقعها، إلى جانب مراجعة تصميم المفاعل النووي، ونظم التبريد والسلامة، والتدابير الأمنية، وإجراءات الاستعداد للطوارئ، وإدارة النفايات المشعّة.
ووفقاً لفيكتورسن، فإن عملية التقييم المطوّلة تطلبت إجراء أكثر من 170 عملية تفتيش صارمة مع طلب معلومات إضافية للوحدة الرابعة، كما شاركت الهيئة في تمارين محلية ودولية، منها تمرين براكة الإمارات 2023؛ الذي استمر لمدة 36 ساعة مع 21 جهة اتحادية و19 جهة محلية، إذ فعّلت خلاله مركز عمليات الطواري لديها لاختبار الجاهزية للتعامل مع حالات الطوارئ النووية.
الطاقة النووية وكوب 28
بالتزامن مع استعداد الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف كوب 28 آخر نوفمبر تشرين الثاني الجاري، فإن الطاقة النووية النظيفة ستكون على طاولة النقاش أيضاً.
قال الكعبي في المؤتمر الصحفي للهيئة الاتحادية للرقابة النووية إن كوب 28 سيشهد العديد من المناقشات المتعلقة بالتحول إلى الطاقة النظيفة، بحضور دولي واسع في مجال الطاقة النووية، مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأضاف أن كوب 28 سيطرح قصة نجاح الإمارات في مجال الطاقة النووية السلمية، فضلاً عن بعض النقاشات لآثار تغيرات المناخ على نظم الأمان، ونظم السلامة في محطات الطاقة النووية.
البرنامج الإماراتي النووي السلمي
بداية من عام 2008، أرست الإمارات قواعد برنامجها النووي السلمي، واعتمدت السياسة النووية، بينما اتخذت الحكومة الإماراتية قراراً ببناء محطة للطاقة النووية وتشغيلها بهدف تنويع مصادر الطاقة، وبالتالي دعم استراتيجية الطاقة 2050، فضلاً عن توفير 25 في المئة من احتياجات الطاقة الكهربائية عند تشغيل جميع الوحدات في محطة براكة.
وفي عام 2009، تأسست الهيئة الاتحادية للرقابة النووية لتنظيم قطاع الطاقة النووية، وتطبيق اللوائح لحماية البيئة والمجتمع من المخاطر النووية، كما تأسست مؤسسة الإمارات للطاقة النووية؛ بهدف تطوير محطة الطاقة النووية وتشغيلها.
بعد عام، وافقت الهيئة الاتحادية للرقابة النووية على طلب مؤسسة الإمارات للطاقة النووية لبناء أربع وحدات في محطة براكة للطاقة النووية بمنطقة الظفرة في أبوظبي.
وفي عام 2017، تقدمت شركة نواة للطاقة بطلب إصدار رخصة تشغيل للوحدتين الثالثة والرابعة، كما قيّمت الهيئة طلب رخصة التشغيل للوحدة الرابعة في أعقاب إصدار رخصة التشغيل للوحدة الثالثة.
وخلال ثلاثة أعوام متتالية، استُكمل بناء الوحدات الثلاث من محطة براكة النووية، ففي عام 2019، استكمل بناء الوحدة الأولى، واستكملت الوحدة الثانية في 2020، والثالثة في 2021، وأصدرت الرخص اللازمة للوحدات الثلاث للعمل بشكل تجاري لمدة 60 عاماً لكل وحدة.
وتلتزم الإمارات بعدم الانتشار النووي، إذ امتنعت عن تخصيب اليورانيوم محلياً، وإعادة معالجة الوقود النووي.
الطاقة النووية.. هل هي طاقة نظيفة؟
تأتي الطاقة النووية في المركز الثاني كأكبر مصدر للطاقة منخفضة الكربون، التي تستخدم حالياً لإنتاج الكهرباء، بعد الطاقة الكهرومائية، وفقاً لما أوردته الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتستخدم الطاقة النووية وقوداً مصنوعاً من اليورانيوم لإنتاج البخار، ثم تدوير مولّد متصل بمغناطيس كهربائي، ليتمكن هذا المولد من إنتاج الكهرباء، وأفادت الوكالة الدولية للطاقة أن تشغيل محطات القوى النووية يكاد لا يتسبَّب في أيّ انبعاثات للغازات الدفيئة، إذ أدى استخدام الطاقة النووية إلى خفض الانبعاثات الكربونية بأكثر من 60 غيغا طن على مدار الخمسين عاماً الماضية، ما يعادل عامين من انبعاثات الطاقة العالمية.
من هنا، تكثف الدول جهودها لدعم الطاقة النووية السلمية، وبحلول عام 2020، كان هناك 440 مفاعلاً نووياً قيد التشغيل في 30 دولة حول العالم، و54 مفاعلاً قيد الإنشاء، إذ وفرّت الطاقة النووية نحو 10 في المئة من الكهرباء عالمياً، علماً بأنها تعمل بكامل قوتها دون انقطاع تقريباً، ودون الحاجة إلى مصادر طاقة احتياطية، وفقاً لبيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ويعمل مشروع محطات براكة للطاقة النووية على إنتاج 1400 ميغاواط من الطاقة الكهربائية بانبعاثات كربونية تكاد تكون معدومة، وفقاً لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية.
عند تشغيل الوحدات بشكل تام، فإنها تستهدف خفض نحو 22 مليون طن من الانبعاثات الكربونية؛ ما يعادل إزالة 4.8 مليون سيارة من الطرقات.
وأوضح الكعبي في المؤتمر الصحفي أن برنامج الإمارات أو البرامج المستخدمة لترخيص المفاعلات النووية تشمل خطط عمل طويلة الأمد مع الوقود المستخدم، وإدارة لفترة تمتد إلى عشرات السنوات.
وإضافةً إلى توفير طاقة آمنة وموثوقة وصديقة للبيئة، فإن البرنامج النووي السلمي للإمارات، يسعى إلى تطوير قطاع الطاقة النووية السلمية بما يسهم في دعم التطور الاقتصادي، ودعم استراتيجية تنويع مصادر الطاقة.