في ظل المتغيرات الاقتصادية والتحديات المالية التي يواجهها الكثيرون، أصبح البحث عن وسائل لتحقيق التوفير المالي أمرًا حيويًا.
ويعتبر التسوق والاستهلاك الذكي من الاستراتيجيات الفعّالة التي يمكن أن تسهم في تحسين الوضع المالي للأفراد، وبالتالي فإن تبني أسلوب حياة يركز على التوفير يعتمد بشكل كبير على كيفية تحديد الأولويات والاستفادة القصوى من الإنفاق اليومي.
وتجسد استراتيجيات التوفير المالي من خلال التسوق والاستهلاك الذكي مجموعة من الخطوات العملية التي يمكن للأفراد اتخاذها لتحسين إدارتهم للأموال.
من خلال وضع ميزانية شهرية محكمة والالتزام بتحديدها، يمكن للفرد تجنب الإنفاق الزائد ووضع حدود للمصروفات.
كما يأتي دور البحث عن الصفقات والعروض المغرية، حيث يمكن لتطبيقات الخصومات ومتابعة النشرات الإخبارية للمتاجر أن تسهم في اكتساب منتجات بأسعار أقل.
على صعيد آخر، يعزز فهم الفرد لضرورة المقارنة بين الأسعار قبل الشراء فرصة الحصول على صفقات أفضل. ومن الأهمية أيضًا تجنب الشراء العاطفي والتفكير المستمر في جودة المنتج على المدى الطويل، وذلك لضمان الاستثمار.
علاوة على ذلك، يشمل التوفير المالي من خلال استراتيجيات التسوق والاستهلاك الذكي أيضًا تطوير سلوكيات مالية صحيحة، حيث يتعلم الفرد كيف يتجنب الديون غير الضرورية ويقلل من الإنفاق الشره. بفحص الاشتراكات الشهرية وضبطها وفقًا للحاجات الفعلية، يمكن تحقيق ترتيب أفضل للميزانية وتفادي التكاليف الزائدة.
تعتبر مهارات التفاوض والبحث عن فرص الخصم أيضًا أدوات قوية في حقيبة الاستهلاك الذكي، حيث يمكن للفرد التفاوض على الأسعار وتحقيق توفير إضافي. وبمشاركة في برامج الولاء، يمكن للأفراد الاستفادة من المكافآت والخصومات المقدمة من قبل المتاجر، مما يساهم في تقليل تكلفة الشراء على المدى الطويل.
وبشكل عام يُظهر تبني استراتيجيات التوفير المالي أهمية تفعيل الوعي المالي وتحسين علاقة الفرد مع الأموال. إن القدرة على التحكم في الإنفاق، واتخاذ القرارات المالية الذكية، تمثل خطوات رئيسية نحو بناء مستقبل مالي قوي ومستقر.
ويمكن تلخيص النقاط الأساسية في هذا السياق، على النحو التالي:
– تحديد ميزانية شهرية أو أسبوعية لتحديد كمية الأموال التي يمكنك إنفاقها.
– الالتزام بالميزانية وتتبع الإنفاق باستمرار لتعزيز وعيك المالي.
- البحث عن الصفقات والعروض:
-استخدم تطبيقات الخصومات والعروض للعثور على صفقات جيدة وتوفير المزيد من الأموال.
-اشترك في النشرات الإخبارية للمتاجر لتلقي تنبيهات حول العروض الخاصة والتخفيضات.
- مقارنة الأسعار:
-قارن أسعار المنتجات قبل الشراء، سواء عبر الإنترنت أو في المتاجر الفعلية، قد تجد نفس المنتج بسعر أقل في مكان آخر.
-تجنب الشراء الناجم عن الاندفاع: تجنب الشراء العاطفي أو الناجم عن الإعلانات الإعلانية، وتأكد من أنك تحتاج حقاً إلى المنتجات التي تشتريها.
- استخدام قائمة التسوق:
-قم بإعداد قائمة تسوق قبل الذهاب للتسوق وتمسك بها لتجنب الشراء الزائد.
-شراء المنتجات ذات الجودة على المدى الطويل: على المدى الطويل، قد يكون الاستثمار في منتجات عالية الجودة أفضل، حيث يمكن أن يكون لديها عمر أطول وتتطلب تكاليف صيانة أقل.
- إعادة التفكير في الاشتراكات: قم بمراجعة الاشتراكات الشهرية، وتأكد من أنك لا تدفع مبالغ زائدة على خدمات قد لا تكون ضرورية.
- التحلي بالصبر: انتظر الفترة المناسبة للتسوق ولا تشتري بشكل متعجل، قد تجد الأسعار تنخفض بعد فترة.
- المشاركة في برامج الولاء: انضم إلى برامج الولاء التي تقدم خصومات أو نقاط مكافأة عند الشراء.
- تعلم فن التفاوض: في حالة الشراء من الأسواق المفتوحة، تعلم كيفية التفاوض للحصول على أفضل صفقة.
الاستهلاك الذكي
وفى هذا السياق، قال الخبير الاقتصادى الأردني، حسام عايش، فى تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن الاستهلاك الذكى له علاقة بعدد من الأمور، وهي:
-التخطيط والتنظيم ومعرفة الاحتياجات بشكل مخطط له.
-معرفة الإمكانات والقدرات والدخل والإنفاق.
-تلبية الحاجات الأساسية فى البداية والتدرج نحو الاحتياجات الأخرى.
-إدراك المصاريف الثابتة والمصاريف المتغيرة.
-كيفية تنظيم شكل من أشكال الإنفاق الذي يأخذ بالاعتبار استدامة الدخل في الفترة المطلوبة.
وأضاف: إن الاستهلاك الذي يأخذ بالاعتبار الحاجات العامة للفرد والأسرة والتخلص من النفقات غير الضرورية أو المتكررة التى بالإمكان تقليلها أو الاستغناء عنها ما يسمح بشكل من أشكال التوفير في هذا الجانب، هو النمط المطلوب في ذلك الصدد.
وعن خطط توفير للمستهلكين وتقنيات للتوفير المالي، قال عايش: لابد من أن يكون لدى الأفراد والأسر خطة، سواء كانت على المستوى اليومى أو الأسبوعى أو الشهرى، بحيث يكون هناك التزام كبير بها، ولا يكون إلتزاما صارما بطبيعة الحال؛ لأن هناك متغيرات قد تحدث وتؤخذ الطوارئ بعين الاعتبار والتى تحتاج لتحويل جزء من الإنفاق على حاجات معينة إلى حاجات أخرى، أي المرونة فى إدارة العملية المالية فيما يتعلق بالاستهلاك والإنفاق والادخار.
وتابع: “لا بد من أن نفكر باستمرار في تعزيز الموارد المالية، ويستدعي ذلك أن يكون لدينا نوع من الاستثمار أو الادخار التراكمي”.
قواعد لتوفير الاستهلاك
وفي السياق، شدد على أهمية التنظيم في استهلاك الموارد المختلفة؛ ذلك أن هناك الكثير من الاحتياجات، خاصة الاحتياجات الغذائية المتوفرة فى الأسواق، فتكديسها في المنزل خوفاً من ارتفاع أو تغير أسعارها أو عدم توافرها أحيانا يؤدي إلى تلفها أو إلى عدم استهلاكها في الأوقات المطلوبة وهذا يعتبر خسارة كبيرة، وبالتالى هو شكل من أشكال التسوق غير المجدي بالمعنى النهائي للتسوق.
وأضاف الخبير الاقتصادي، أنه لابد من وضع بعض القواعد لعملية الإنفاق بشكل عام، تتضمن التسوق الذكي بمعنى أن يضع الأفراد نسبة من دخلهم للفواتير أو الالتزامات الثابتة، ونسبة أخرى للنفقات المتغيرة التي يمكن أن تحدث بين الحين والآخر لكنهم مضطرون للقيام بها، وأن تكون مثلا النسبة 50:30:20 بمعنى أن الـ20 بالمئة ربما تكون مدخرات أو نفقات على حاجات طارئة، وإذا لم تكن هناك أمور طارئة فتتحول إلى مدخرات، ويمكن أن تتغير النسبة 60:30:10 بحيث تكون 60 بالمئة نفقات ثابتة و30 بالمئة نفقات اضطرارية أو طارئة و10 بالمئة مدخرات.
وقال عايش إن هناك قواعد يتعين اتباعها لتحقيق التوفير عند التسوق والاستهلاك اليومي، وأهمها:
-عدم الذهاب إلى الاسواق لمجرد الذهاب إليها، أي عندما يكون هناك حاجة إلى هذا الذهاب فقط تتم الزيارة.
-أن يكون الذهاب للأسواق وفق خطة مشتريات أو إنفاق محددة، حتى لا نكون أسرى هذا العرض الواسع في السوق من سلع وخدمات، وقد تكون هناك سلع مغرية وعروض عليها لكن لا نحتاجها، وبالتالي يتحول الأمر إلى إنفاق عبثي فى بعض الأحيان.
-وضع القواعد المتعلقة بكيفية تنظيم وقت التسوق، فلا ينصح بالذهاب إلى التسوق الغذائي، بينما يشعر الفرد بالجوع مثلاً (يكون ذلك محفزاً على مشتريات زائدة).
-علينا أن ننتبه لاستهلاك البطاقات الائتمانية، لأن الإنفاق بواسطتها لعدم رؤية المال أحيانا يجعلنا نندفع نحو إنفاق نتحمل كلفته.
-علينا كذلك أن ننتبه للقروض الاستهلاكية، إذا لم تكن هناك حاجة استثنائية لهذه القروض يجب ألا نحمل أنفسنا أعباء هذه القروض التى تأخذ حصة كبيرة من الدخل سواء كأقساط أو كفوائد وأن ترتب أعباء قد تستمر لسنوات.
الإنفاق الاستهلاكي الذكي
وتابع الخبير الاقتصادي: حتى يكون الإنفاق الاستهلاكي ذكياً يتعين أن يلاقي حاجاتنا وأن يتناسب مع إمكاناتنا وقدراتنا وأن يأخذ بعين الاعتبار أية التزامات مستقبلية تحتاج منا إلى عدم الانخراط في مديونيات مستقبلية قد لا تسمح لنا بالإنفاق على هذه المتطلبات المستقبلية التي لا غنى عنها كالتعليم والزواج وشراء عقار أو سيارة؛ بمعنى أنها حاجات استراتيجية.
ويختتم حديثه قائلاً: علينا باستمرار أن نمتلك الخطة والوسيلة والتفكير الجماعي كأسرة فيما يتعلق بكيفية إدارة نفقاتنا، بما يؤدي إلى عدم إعاقة تحقيق تطلعات مستقبلية مهمة بالنسبة لنا (..) ونحتاج إلى كل ما يمكن لنا أن ندخره أو نستثمره أو نستعين بالتسوق الذكي لتحقيقه، وبالتالي هذا هو الخيط الفاصل لأفكارنا التسويقية والمظلة التي نستعين بها لكي نخطط لعمليات تسويقية إنفاقية ذكية ومستمرة وذات عائد في النتيجة النهائية من المدخرات فيها، وأيضا تقلل من التزاماتنا سواء في الديون أو القروض وغيرها، وتسمح لنا بشكل مستقل وآمن من تحقيق ما نخطط له استراتيجيا كلما كانت هناك حاجة للتعليم أو الزواج أو غيره، أو لمواجهة متغيرات تتعلق بالصحة أو مخاطر ربما غير منظورة فى الوقت الحاضر.
#المال
#اقتصاد عالمي