تستضيف دولة الإمارات، وتحديداً مدينة إكسبو دبي، النسخة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف (كوب 28) المَعني بتغير المناخ، بنهاية العام الجاري، ويتولى وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي سلطان الجابر منصب الرئيس المعين للمؤتمر.
ويهدف المؤتمر إلى تحقيق عدة مسارات تشمل تسريع انتقال الطاقة وخفض الانبعاثات قبل عام 2030، ووضع مسألة تمويل مكافحة التغير المناخي حيز التنفيذ بشكل أكثر فاعلية، ما يظهر جلياً من خلال تنوع القضايا المطروحة للمناقشة.
كانت فعاليات (كوب 27) انطلقت في شرم الشيخ، وسط تداعيات الغزو الروسي على أوكرانيا، وينطلق (كوب 28) في وقت يخشى فيه العالم من اتساع حرب غزة، وتأثيره على المنطقة.
وتتوجه الأنظار حول العالم نحو هذا المؤتمر، إذ يجتمع قادة العالم للمشاركة في هذه المحادثات السنوية بشأن تغير المناخ، لكن ما هو مؤتمر المناخ؟ ولماذا يحظى بهذه الأهمية؟
ما هو مؤتمر المناخ كوب 28؟
تنعقد مؤتمرات الأطراف بصفة سنوية، لمناقشة تداعيات أزمة المناخ التي تتفاقم مع كل عام، وبدأت الرحلة منذ عام 1992، عندما انعقدت قمة الأرض في ريو دي جانيرو بالبرازيل بتنظيم الأمم المتحدة.
شهدت قمة الأرض 1992، اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وتأسست وكالتها التنسيقية المعروفة حالياً بأمانة الأمم المتحدة لتغير المناخ، كما اتفقت الدول المشاركة في القمة على تثبيت استقرار تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي لمنع التدخل الخطير من النشاط البشري في نظام المناخ.
بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة التي شهدها العالم خلال أواخر القرن الماضي، دخلت المعاهدة حيز التنفيذ عام 1994.
ومن جهتها، حثت الأمم المتحدة كل دول العالم لحضور مؤتمرات القمة العالمية للمناخ، أو مؤتمرات الأطراف التي اشتهرت باسم (كوب)؛ بهدف التفاوض على ملحقات المعاهدة الأصلية لوضع حدود الانبعاثات.
ومنذ ذلك الوقت، أعلنت جميع دول العالم عن موافقتها على تكثيف الجهود؛ للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، كما تمكنت مؤتمرات كوب من التمهيد للوصول إلى اتفاق باريس، إذ اتفقت الدول على خفض درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية فوق درجات حرارة ما قبل الصناعة، وتعزيز الجهود لتمويل العمل المناخي، ما يتطلب الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول منتصف القرن الجاري.
الإمارات تستضيف مؤتمر المناخ كوب 28
تحمل رسالة (كوب 28) في الإمارات شعار (تواصل العقول وصنع المستقبل) ويحظى باهتمام عالمي، فمن المتوقع أن يكون لحظة تحول للعالم ليتحد حول العمل المناخي الملموس ويقدم حلولاً واقعية.
ولتحقيق ذلك، فالأمر يتطلب التعاون بين المجتمع المدني والحكومات والصناعات والقطاعات.
ووفقاً لموقع (كوب 28) الرسمي، فإن رئاسة الإمارات لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين ترى أن الحكومات والقطاع الخاص يجب أن يعملوا معاً بشكل وثيق لمعالجة تغير المناخ.
ومن خلال المنطقة الخضراء، تتيح رئاسة الإمارات لمؤتمر (كوب 28)، للقطاع الخاص الفرصة لعرض مساهماته وحلوله لتحدي المناخ العالمي، على أن تشكل أساليبهم المبتكرة وتكنولوجيا العمل المناخي وريادة الأعمال جزءاً مهماً من المؤتمر.
ومن المقرر أن تستضيف المنطقة الخضراء أيضاً مؤتمرات فنية وحلقات نقاش وأنشطة مع التركيز على الحلول الحالية والمستقبلية للتخفيف من آثار تغير المناخ.
متى ينعقد كوب 28؟
ينعقد المؤتمر هذا العام، خلال الفترة من 30 نوفمبر تشرين الثاني إلى 12 ديسمبر كانون الأول من عام 2023.
من هو رئيس كوب 28؟
أصدر نائب رئيس مجلس الوزراء الإماراتي ووزير ديوان الرئاسة، الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، في يناير كانون الثاني 2023، قراراً بتكليف المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي، سلطان الجابر، رئيساً معيَّناً للدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28).
وعُين سلطان الجابر مبعوثاً خاصاً لدولة الإمارات مرتين، الأولى كانت خلال الفترة بين عامي 2010 و2016، والثانية بدأت منذ 2022 حتى الآن، ليشهد أكثر من 10 مؤتمرات للأطراف، بما فيها (كوب 21) الذي نتج عنه اتفاق باريس التاريخي عام 2015.
ومن منطلق أعمال رئيس مؤتمر (كوب 28)، فإن الجابر سیعمل على إشراك قادة العالم لتفعیل العمل المناخي، وتعزیز نھج ضمان احتواء الجمیع، كما سيسعى للاستفادة من دوره، لمحاولة التوصل إلى توافق بین الأطراف على عدد من الموضوعات غیر التفاوضیة، بما يشمل مخرجات حول موضوعات إضافیة بخلاف المطروحة للمناقشات على طاولة البحث الرسمية.
وتحفل مسيرة الجابر بالمناصب التي أسهم من خلالها في تعزيز جهود العمل المناخي، إذ يشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة أدنوك منذ 2016.
وتكلف بقيادة جهود تأسيس جائزة زايد لطاقة المستقبل في 2009 لتكريم العمل في قطاع الطاقة المتجددة والاستدامة، وواصل جهوده لدعم هذه القطاعات حتى منحته الأمم المتحدة جائزة بطل الأرض عام 2012.
كما كان مساعداً لوزير الخارجية الإماراتي لشؤون الطاقة والتغير المناخي، وفي عام 2009، كان عضواً في الفريق الاستشاري المتخصص في تقديم الاستشارات للأمين العام في الأمم المتحدة بخصوص القضايا المتعلقة بالطاقة والتغير المناخي.
سبق ذلك عدة مساهمات في قطاع الطاقة المتجددة، إذ تولى منصب الرئيس التنفيذي لشركة مصدر وهي مبادرة أبوظبي للطاقة المتجددة، بعدما أسهم في تأسيسها في 2006، كما عمل على عدة مشاريع في قطاعي الطاقة والبنية التحتية في شركة مبادلة للتنمية.
ولمدة 10 أعوام منذ 2009، كان الجابر رئيس مجلس إدارة شركة موانئ أبوظبي.
من يمكنه حضور كوب 28؟
يمضي مسؤولو 197 دولة أسبوعين في مؤتمرات المناخ، لمناقشة الاتفاقات وبحث المخرجات الخاصة بكوب، كما تشهد أحياناً مشاركة زعماء الدول.
كالمعتاد سنوياً، يجمع (كوب 28)، المنطقتين الزرقاء والخضراء، الأولى التي تديرها الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، والثانية التي تجمع المنظمات غير الحكومية والشركات الخاصة والمجتمع المدني، لتكون المنطقتان مركزين رئيسيين لفعاليات المؤتمر على مدار أيام انعقاده.
ومن المنتظر أن يكون (كوب 28) الأضخم على الإطلاق نظراً لجدوله المزدحم وتداعيات الأزمة المناخية والتوجه لدعم الطاقة النظيفة في العديد من دول العالم، لتقييم مستهدفاتها السابقة.
ما الذي ينبغي للقادة فعله خلال قبل انعقاد كوب 28؟
مع وضع العديد من القضايا على طاولة البحث في (كوب 28)، فإن التعجيل بإزالة الكربون يعتمد على التعاون بين القطاعات، خاصة أن القطاع الخاص يلعب دوراً رئيسياً في ذلك.
وينبغي للقادة أن يواصلوا التركيز على المدى الطويل مع التكيف مع حقائق الحاضر، والموازنة بين المرونة والالتزامات بصافي الانبعاثات الصفرية، والمراهنة على الطاقة النظيفة؛ ما يتطلب استثمارات كبيرة في التكنولوجيات الخضراء الجديدة الواعدة، من احتجاز الكربون إلى الزراعة المستدامة، فضلاً عن تبني الحلول القائمة على الطبيعة.
وفي هذا السياق، أشارت تقديرات ماكينزي إلى أن الإنفاق الرأسمالي على الأصول من أجل التحول إلى الصفر الصافي سيحتاج إلى زيادة بنحو 3.5 تريليون دولار سنوياً حتى عام 2050.
أهمية كوب 28
يعمل (كوب 28) على تسریع تحقیق انتقال منظم ومسؤول وعادل ومنطقي في قطاع الطاقة، وتطویر آلیات التمویل المناخي، والحفاظ على البشر وتحسین الحیاة وسُبل العیش، ودعم الركائز السابقة من خلال احتواء الجمیع بشكل تام.
ويكتسب هذا المؤتمر أهمية قصوى خاصة مع التغيرات المناخية الأقسى على الإطلاق التي شهدها العالم خلال 2023، كما سيشهد تقييماً دقيقاً للتقدم في تحقيق أهداف اتفاق باريس التاريخي -الذي اتفقت عليه 197 دولة في مؤتمر (كوب 21) عام 2015- والمعنية بالحد من انبعاثات الاحتباس الحراري، والحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى درجتين مئويتين، والمواظبة على العمل في هذا الإطار حتى تبلغ 1.5 درجة، بما ينعكس بالضرورة على أهداف التنمية المستدامة.
جدول أعمال كوب 28
ومن المقرر أن يناقش (كوب 28) المخاطر الناتجة عن الاضطرابات الجیوسیاسیة والتي تھدد الاستقرار العالمي، والنمو السریع للطاقة المتجددة منخفضة التكلفة، والابتكارات منخفضة الانبعاثات، والمخاوف الكبیرة المتعلقة بضمان أمن الطاقة وارتفاع الطلب على الوقود التقلیدي، وتفاقم الكوارث المناخیة واستمرار أزمة الغذاء، والدعم العام غیر المسبوق للعمل المناخي، إضافة إلى قِلة الدعم الموجَّه للدول الأكثر تعرضاً لتداعیات تغیر المناخ.
وتتجه الأنظار إلى (كوب 28) لمتابعة صندوق الخسائر والأضرار، بعدما توصلت اللجنة الانتقالية المعنية بصندوق تعويض الخسائر والأضرار، إلى اتفاق يضمن توصيات حاسمة لتفعيل الصندوق، ووضع عدة ترتيبات لتمويله.
التاريخ | الفعالية |
---|---|
30 نوفمبر | الافتتاح |
1 ديسمبر | القمة العالمية للعمل المناخي «خطابات الرؤساء» |
2 ديسمبر | القمة العالمية للعمل المناخي «خطابات الرؤساء» |
3 ديسمبر | يوم الصحة/ الإغاثة والتعافي والسلام |
4 ديسمبر | يوم المالية/ التجارة/ المساواة بين الجنسين/المساءلة |
5 ديسمبر | يوم الطاقة والصناعة/ التحول العادل/ الشعوب الأصلية |
6 ديسمبر | يوم العمل متعدد المستويات والتحضر والبيئة العمرانية/ النقل |
7 ديسمبر | يوم الراحة |
8 ديسمبر | يوم الشباب والأطفال والتعليم والمهارات |
9 ديسمبر | يوم الطبيعة واستخدام الأراضي والمحيطات |
10 ديسمبر | يوم الغذاء والزراعة والمياه |
11-12 ديسمبر | المفاوضات النهائية |
يخصص مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 28) لأول مرة على الإطلاق يوماً للتجارة، بهدف مناقشة مساهمتها في الانبعاثات الكربونية العالمية، وكيفية تعزيز دور التجارة في التحول إلى الطاقة النظيفة.
وسينعقد يوم التجارة في الرابع من ديسمبر كانون الأول خلال مؤتمر (كوب 28) الذي تستضيفه الإمارات في الفترة من الثلاثين من نوفمبر تشرين الثاني حتى الثاني عشر من ديسمبر كانون الأول بمدينة إكسبو دبي.
ويتعاون مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد»، مع دولة الإمارات، ومنظمة التجارة العالمية، ومنظمات عالمية أخرى مثل المنتدى الاقتصادي العالمي وغرفة التجارة الدولية لتشكيل مناقشات اليوم.
ماذا حدث في مؤتمر الأطراف السابق كوب 27؟
تحدث المشاركون في الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المُناخ التي أقيمت عام 2022 في مدينة شرم الشيخ بمصر، عن التحديات التي قد يواجهها العالم للوصول إلى صافي الانبعاثات الصفرية.
وأفادوا بأن تركيز المؤتمر اتسع إلى ما هو أبعد من القرارات النظرية، للتخفيف من آثار الكوارث المناخية، وكان التكيف والخسائر والأضرار من المواضيع الرئيسية، التي تهدف بشكل خاص إلى زيادة مرونة مليارات الأشخاص الذين يعيشون في مناطق جغرافية أكثر عرضة للمخاطر المناخية، ما يعزز أهمية (كوب 28) والقضايا المنتظر بحثها.
انتهى (كوب 27) باتفاق يهدف إلى توفير تمويل لتعويض الخسائر والأضرار للدول المتأثرة من الكوارث الطبيعية، كما شهد (كوب 27) اتفاقاً على تأسيس اللجنة الانتقالية بهدف تقديم التوصيات المتعلقة بآلية التمويل الجديدة، استعداداً لمؤتمر (كوب 28).
كذلك شهد المؤتمر الترتيب لتشغيل شبكة سانتياغو للخسائر والأضرار، تحفيزاً لوصول المساعدات للدول النامية المتأثرة من أزمة المناخ.
كانت فعاليات (كوب 27) انطلقت في شرم الشيخ، وسط تداعيات الغزو الروسي على أوكرانيا، وينطلق (كوب 28) في وقت يخشى فيه العالم اتساع حرب غزة، وتأثيره على المنطقة.
خطة عمل مؤتمر كوب 28
تتولى رئاسة مؤتمر (كوب 28) مسؤولیة التقریب بین وجھات النظر وتوفیق الآراء، دون الانفراد باتخاذ القرار، وتساعد في فتح آفاق الحوار بین أطراف المؤتمر البالغ عددھا 198 دولة، للتفاوض والتوصل إلى اتفاق بشأن كیفیة مواجھة التغیر المناخي، وتستمر المفاوضات لمدة عام كامل، بدءاً من نھایة كل دورة للمؤتمر حتى الدورة التالیة لھا.
كما تعمل رئاسة المؤتمر على دعم مشاركة الجھات الأخرى غیر الحكومیة، من مؤسسات المجتمع المدني وشركات القطاع الخاص والشباب، وتمكینھا من الإسھام بدور فاعل في مسیرة العمل المناخي، كما تدعم حشد ودعم الائتلافات والشراكات الرامیة إلى تحقیق نتائج مُحددة بشأن السیاسات والتقنیات والتمویل خارج إطار المفاوضات الرسمیة للمؤتمر.
تركز خطة عمل المؤتمر على أربع ركائز رئيسية، هي: تسريع تحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل ومنطقي في قطاع الطاقة، وتطوير آليات التمويل المناخي، والحفاظ على البشر وتحسين الحياة وسُبل العيش، ورابعاً: دعم الركائز السابقة من خلال احتواء الجميع بشكل تام.
صاغ القائمون على المؤتمر برنامج الموضوعات المتخصصة باتباع نهج يحتوي الجميع، عبر إجراء رئاسة (كوب 28) مشاورات مفتوحة حول الموضوعات وتسلسلها، وحرص فريق رئاسة المؤتمر على دعوة مختلف القطاعات الحكومية وقطاع الأعمال والمجتمع المدني والشباب والشعوب الأصلية وغيرها إلى تقديم مقترحاتها.
ويتناول البرنامج القطاعات والموضوعات التي اقترحها المعنيون خلال المشاورات، بما يشمل مجالات العمل الجديدة مثل؛ الصحة والتجارة والإغاثة والتعافي والسلام، كما يشمل برنامج الأيام المتخصصة أربعة محاور عامة تدعم فاعلية التنفيذ وترابط عناصره، هي: التكنولوجيا والابتكار، واحتواء الجميع، ومجتمعات الخطوط الأمامية، والتمويل.
لم تُخصص موضوعات محددة لآخر يومين من مؤتمر الأطراف (كوب 28) في 11 و12 من ديسمبر كانون الأول، لتجنب ازدحام البرنامج خلال الصياغة النهائية لنصوص المفاوضات، بما يتسق مع الملاحظات وتوصيات الأطراف المعنية.
ويمكنكم التعرف على الجدول الزمني كاملاً لفعاليات المؤتمر في تقرير مها الريس.