برلين – أ ف ب
يستعيد الجرّاح الفلسطيني الألماني، أحمد أبو ندا، الظروف القاسية والخيارات الصعبة التي واجهته خلال محاولته إنقاذ حياة المصابين في مجمع الشفاء الطبي في غزة، في ظل انقطاع الكهرباء والمياه والنقص في الإمدادات الطبية، واكتظاظ أنحائه بالنازحين طلباً للحماية، في ظل الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس».
وبعدما غادر غزة إلى برلين، في وقت سابق هذا الشهر، يستعيد الطبيب البالغ 47 عاما، الأجواء التي رافقت عمله في القطاع بعد الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقال أبو ندا: «حياة من أنقذ؟ هذه المرأة أم هذا الرجل؟… لا أملك الوقت الكافي لإجراء جراحة لهذا الطفل، عليّ أن ألجأ إلى البتر». وأضاف «هذه قرارات صعبة جداً تواجه الطبيب».
وقال أبو ندا عن الفترة التي أمضاها في المستشفى الأكبر في غزة: «كنا نجري عمليات على نقالات موضوعة على الأرض. لم تكن هناك أسرّة متبقية». وأضاف: «في الأسبوع الذي غادرت فيه المستشفى، أصبح الوضع أسوأ. لم يعد لدينا كهرباء، ولا ماء، ولا أوكسجين».
ومن دون أوكسجين لم يكن من الممكن أن يجري أبو ندا جراحات، قائلاً: «لهذا لسبب غادرت في اليوم ال28 للنزاع».
وعلى مدى أيام، شكّل المستشفى محور العمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي الذي اتهم «حماس» باستخدامه كستار لمنشآت عسكرية، ومراكز قيادة، ما نفته «حماس» والمستشفى.
وأكد أبوندا أنه لم يلحظ وجوداً لحماس في المشفى الذي اعتقلت القوات الإسرائيلية مديره، محمد أبو سلمية، معرباً عن آملة إطلاق سراحه قريباً.
«لا إمكانية للنوم»
ويعيش أبو ندا في غزة منذ ثماني سنوات، مع زوجته وأطفاله الأربعة، وأصيب أحدهم قبل مغادرة الأسرة للقطاع.
وتسبب القصف الإسرائيلي المدمر على قطاع غزة بمقتل 14854 شخصاً. وبصفته رئيساً لقسم جراحة الأوعية الدموية في مستشفى الشفاء، لم يكن لدى أبو ندا أي وقت لأخذ قسط من الراحة منذ بدء الحرب. وقال: «بطبيعة الحال، كان علي أن أحصل على استراحات للنوم. لكن النوم من دون القدرة على الاستلقاء أمر صعب».
واستقبل الرئيس الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، أبو ندا، الجمعة، مع سبعة من مواطنيه جرى إجلاؤهم من غزة، بعد فتح معبر رفح الحدودي مع مصر. وقدم أبو ندا شهادته للرئيس الألماني طالباً إدخال المزيد من المساعدات إلى غزة. ودعا الطبيب إلى «إلى إنشاء جسر جوي طبي من ألمانيا» إلى غزة لإيصال الإمدادات. وأشار إلى أن «هناك كثيراً من الأطباء الألمان. يمكن إرسالهم لتقديم المساعدة».
ولم يغادر جميع أفراد عائلة أبو ندا القطاع. وقال: «والدتي هناك، تبلغ 85 عاماً. أشعر بالقلق عليها كثيراً»، مضيفاً أن المسنّة فرّت سيراً من منزلها من شمال غزة إلى الجنوب خلال الحرب.