قررت شركة “إنفيديا” الأميركية من جديد استعراض عضلاتها، في عالم تصميم “شرائح الرسوميات” التي تشغّل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وقامت الشركة خلال فعاليات المؤتمر الدولي للحوسبة عالية الأداء 2023، بالكشف عن بعض المعلومات المشوّقة المتعلقة بالجيل المنتظر من شرائحها خارقة الأداء، والتي أظهرت أن العالم سيشهد خلال عام 2024 طرح “وحش حقيقي” في عالم الذكاء الاصطناعي، سيلعب دوراً بارزاً في نقل عالم التكنولوجيا إلى مرحلة لم يشهدها العالم من قبل.
وتتحكم إنفيديا حالياً بأكثر من 85 بالمئة من سوق شرائح الذكاء الاصطناعي في العالم، وتخطط لسحق جميع أشكال المنافسة في السوق، عبر طرحها المزيد من رقائق الذكاء الاصطناعي بقدرات هائلة لا يملكها أي طرف في العالم، منهية بذلك آمال شركات مثل AMD وIntel وArm و Xilinx في تحقيق تواجد قوي لها في هذه السوق.
شريحة ستغيّر عالم التكنولوجيا
ويعود الفضل في تفوق “إنفيديا” حالياً، إلى امتلاكها لـ 3 شرائح إلكترونية استثنائية، هي شريحة A100 وشريحة H100، إضافة إلى شريحة GH200، ولكن هذه الشرائح الثلاث التي تم وصفها بالأسطورية، وأفضل ما أنتجه العقل البشري في هذا المجال، ستصبح من الماضي مع وصول العائلة الجديدة من شرائح “إنفيديا” التي تحمل اسم Blackwell B100 والتي ستكون بمثابة قفزة عملاقة في عالم التكنولوجيا، كونها ستعمل على مضاعفة أداء الذكاء الاصطناعي مقارنة بالشرائح السابقة.
ومن المتوقع أن تطرح “إنفيديا” شريحة Blackwell B100 التي أطلق عليها هذا الاسم، تخليداً لذكرى عالم الرياضيات David Blackwell، خلال الربع الرابع والأخير من عام 2024، وهي ستقدم تحسينات في الأداء، تتجاوز نسبتها الـ 100 بالمئة، مقارنة بأقوى شريحة في العالم حالياً وهي GH200، كما تتجلى كفاءة B100 في إمكانية تعاملها بسرعات خارقة مع مهام الذكاء الاصطناعي الأكثر صعوبة في العالم، ما خلق تساؤلات، حول ما اذا كان هذا التطور في عالم الشرائح، سيساعد الذكاء الاصطناعي على تحقيق “الوعي البشري”.
وباتت “شرائح الرسوميات” المكون الأكثر طلباً في الأسواق خلال عام 2023، فأي شركة تريد حقاً أن تنافس في عالم الذكاء الاصطناعي التوليدي، عليها اللجوء إلى هذه الشرائح، التي بدونها لن تكون معظم خدمات الذكاء الاصطناعي قادرة على العمل.
العالم أمام “وحش” تقني حقيقي
ويقول خبير التحول الرقمي رودي شوشاني، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن الشرائح الإلكترونية التي أنتجتها سابقاً “إنفيديا”، منحت أنظمة الذكاء الاصطناعي قدرة استثنائية، على أداء مجموعة متنوعة من المهام بذكاء، ولكن ما أعلنته الشركة عن شريحة B100 يدل على أننا سنكون حقيقة أمام “وحش” تقني حقيقي، قادرٍ على تنفيذ مهام الحوسبة عالية الأداء، بشكل لم يسبق للبشر أن تعاملوا معه، وهذا ما سيتوج “إنفيديا” كمرجع وحيد، لتزويد الشركات الكبيرة بشرائح للذكاء الاصطناعي، وسيضع حداً لطموح شركات مثل AMD لدخول هذه الصناعة.
وبحسب شوشاني فإن شرائح الذكاء الاصطناعي، كانت تتقدم وتتطور خطوة بخطوة كل عام تقريباً، ولكن شريحة B100 ستكون أقوى بثلاث مرات من أقوى شريحة متوفرة في السوق حالياً، وهي ستملك قدرة هائلة على تحليل البيانات، بأسرع من جزء في الثانية، وحلّ المهام المعقدة بسرعة خارقة، وبأسلوب سيحطم كل المعايير السابقة في هذا المجال، لافتاً إلى أن شريحة B100 التي من المتوقع أن يتم طرحها في الأسواق في نهاية 2024، ستتمكن من ريادة سوق الرقائق لعدة سنوات، وليس لفترة وجيزة كما يحصل مع الشرائح المتوفرة في السوق حالياً.
وتوقع شوشاني أن يتم استخدام شريحة Blackwell B100 من “إنفيديا” في مصانع الأسلحة والسيارات والطائرات والمصانع التي تعمل بالروبوتات، والمستشفيات، وبرامج مثل “بارد”
و”شات جي بي تي” وغيرها الكثير من البرامج والصناعات المهمة، ولكن رغم التقدم الهائل الذي ستحدثه هذه الشريحة في معظم الصناعات والقطاعات، إلا أنها لن تكون قادرة على تحقيق “الوعي البشري” للذكاء الاصطناعي، فالشريحة الإلكترونية تعتبر مسؤولة عن سرعة معالجة الذكاء الاصطناعي للمهام، في حين أن تحقيق “الوعي” هو من مسؤولية “الخورازميات” التي لا تزال بعيدة نوعاً ما عن الوصول إلى هذه المرحلة.
عقل “خارق الذكاء”
بدوره يؤكد الباحث المختص في تكنولوجيا المعلومات هشام الناطور، أن شريحة B100 من “إنفيديا” هي بمثابة عقل “خارق الذكاء” للأجهزة، مهمته تفسير المعلومات الواردة إليه، وإبلاغها كأوامر للمكونات الأخرى الموجودة في الأجهزة، وهو ما سينعكس سرعة في استجابة هذه الأجهزة لطلبات المستخدمين، متوقعاً أن يكون الظهور الأول لشرائح Blackwell B100 خلال شهر مارس 2024، على أن تشق طريقها الى الأسواق في نهاية العام المقبل.
ويشرح الناطور أن المعلومات التي كشفت عنها “إنفيديا” بخصوص B100 قليلة جداً، ولكنها كانت كافية لإظهار التفوق الذي ستحققه، حيث يبقى على الشركة الكشف عن بقية المواصفات، مثل عدد الترانزيستورات التي تحتويها وحجم الذاكرة، والسعر المتوقع أن يكون باهظاً وأن يفوق الـ 40 ألف دولار، في حين بات من شبه المؤكد أنها ستكون مصنّعة وفقاً لتقنية 3 نانوميتر المتطورة.
ويرى الناطور أن شريحة B100 هي وحش حقيقي في عالم الذكاء الاصطناعي، وستفرض هينمة “إنفيديا” على هذه الصناعة، بشكل يصبح فيه من المستحيل على المنافسين، تحقيق أي تواجد يذكر في هذا المجال.