«الخليج» – وكالات
في أوكرانيا غرقت أكثر من ألفي بلدة في الظلام بسبب عاصفة ثلجية قوية اجتاحت الدولة التي تخوض حرباً ضارية مع جارتها روسيا، والتي أوشكت أن تكمل عامها الثاني، في وقت يتعرّض فيه نظام الكهرباء في البلاد لاستهداف شديد من قبل القوات الروسية وذلك مع دخول فصل الشتاء الذي يعرف بقساوته وثلوجه في شرق أوروبا.
وتخشى أوكرانيا من حملة قصف روسية مكثّفة جديدة تستهدف البنى التحتية الأساسية هذا الشتاء، كما حدث في العام 2022 عندما أدت الهجمات إلى إغراق ملايين الأشخاص في البرد والظلام.
وقالت وزارة الداخلية الأوكرانية «في المجموع، حُرمت 2019 بلدة في 16 منطقة من الكهرباء».
وأضافت أنّ العاصفة أحدثت فوضى على الطرقات، واضطرّت 1370 شاحنة إلى «التوقف مؤقتاً»، فيما تمّ سحب 840 مركبة.
وفي مدينة أوديسا الجنوبية التي تستهدفها الهجمات الروسية بانتظام، قالت السلطات إنها قدّمت المساعدة إلى 1624 شخصاً محاصرين بسبب الثلوج.
وانخفضت درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، كما تمّ تسجيل هبوب رياح قوية، وفق المصدر ذاته.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد تحدّث الأحد عن «ظروف جوية صعبة للغاية»، معلناً أنّ الكهرباء انقطعت عن مئات البلدات.
وكانت الشركة الأوكرانية المشغّلة «يوكرنيرغو» قد أبلغت الأسبوع الماضي عن وضع «صعب» بالنسبة لشبكة الكهرباء بسبب زيادة الاستهلاك المرتبطة بانخفاض درجات الحرارة، ممّا دفعها إلى استيراد الكهرباء بشكل طارئ من ثلاث دول مجاورة.
وتعرضت كييف ليل السبت لما وصفته أوكرانيا بأنه أكبر هجوم ليلي بمسيّرات روسية منذ بدء الحرب في فبراير 2022، ما أسفر عن إصابة خمسة أشخاص وحرمان عشرات الأبنية السكنية والمنشآت من التيار الكهربائي.
ومن جهته توقع يوري إهنات المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية، في وقت سابق أن القوات الجوية الأوكرانية تتوقع عدداً قياسياً من الهجمات الروسية بطائرات مسيرة على الأراضي الأوكرانية هذا الشتاء بينما تستعد كييف لشتاء ثان من القصف على نطاق واسع لمنشآت الطاقة لديها.
وأضاف إهنات أن بيانات شهر سبتمبر أظهرت أن استخدام روسيا طائرات مسيرة من طراز (شاهد) التي صممتها إيران سيتجاوز رقم العام الماضي.
وقال في مقابلة مع التلفزيون الوطني «هذا الخريف والشتاء، يسجل بالفعل رقماً قياسياً من حيث عدد طائرات شاهد المسيرة. أكثر من 500 (جرى استخدامها في سبتمبر».
وقارن هذا الرقم بحملة الضربات الجوية الروسية على أوكرانيا في الشتاء الماضي، وقال إنه جرى استخدام حوالي 1000 طائرة مسيرة من طراز شاهد في ستة أشهر.
وألحقت الهجمات على منشآت الطاقة في الشتاء الماضي أضراراً بقطاع كبير من شبكة الطاقة في أوكرانيا وأجبرت معظم المدن على تقنين استخدام الكهرباء والماء الساخن.
وعلى الرغم من تعزيز أوكرانيا دفاعاتها الجوية، حذر مسؤولون من خطر تكرار ذلك الأمر هذا الشتاء إذ لا تزال إعادة بناء شبكة الكهرباء أمراً صعباً بعد حملة القصف الأخيرة.
- أنظمة دفاع جوي جديدة
وفي أكتوبر، اتهم زيلينسكي روسيا بأنها ستحاول هذا الشتاء «تدمير» شبكة الكهرباء في بلاده، كما فعلت العام الماضي عندما كثفت قصفها للبنى التحتية الأساسية.
وأكّد حينها أنه أبرم «اتفاقيات واضحة» مع الأوروبيين للحصول على أنظمة دفاع جديدة مضادة للطائرات يطالب بها منذ عدة أشهر.
وأوضح أن بلاده نشرت أنظمة دفاع جوي جديدة زوّدها بها حلفاؤها الغربيون، تحسباً لموجة جديدة من الهجمات الروسية على بنيتها التحتية للطاقة هذا الشتاء، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال الرئيس الأوكراني، في رسالة نُشرت على الإنترنت، «تلقيت تأكيداً أمس بتسلم ذخيرة ومواد ومعدات».
وأضاف: «تم وضع أنظمة (ناسامس)، التي زودنا بها شركاؤنا في الخدمة. وهذا تعزيز في الوقت المناسب لدفاعنا المضاد للطائرات قبل الشتاء».
تمتلك أوكرانيا، بشكل خاص، أنظمة دفاع جوي من طراز «باتريوت» أمريكية الصنع، وما يعادلها من طراز «سامب/تي» الفرنسي -الإيطالي، وأنظمة «إيريس – تي» المضادة للطائرات، ومدرعات مضادة للطائرات ألمانية الصنع من طراز «غيبارد»، ولكن بكميات غير كافية لتغطية مساحة أكبر من فرنسا.
وتنفذ روسيا ضرباتها بكامل ترسانتها من صواريخ «كروز» وصواريخ بالستية، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من المسيّرات.
- استعدادات الحكومة الأوكرانية
«تستعدّ أوكرانيا بنشاط لموسم التدفئة المقبل»، وفق موقع «مؤتمر العالم الأوكراني»، الدولي المهتم بالقضايا الأوكرانية. وتدرك كييف أن موسكو ستواصل ضرب البنية التحتية للطاقة، خصوصاً مع بداية فصل الشتاء. وقد أعلن وزير الطاقة الأوكراني هيرمان هالوشينكو ذلك، في شهر مايو (أيار). وعلى مدار العام، قام المتخصصون بإصلاح ما تعرَّض للهجوم، كما قاموا بتعزيز حماية منشآت الطاقة.
وبدأت السلطات الأوكرانية، هذا العام، مع نهاية الصيف، تهيئة السكان لاحتمال حلول شتاء جديد في ظل الضربات الروسية.
- تأمين مخزون الطاقة
وفي محاولة منها لتفادي حرب الطاقة في الشتاء المقبل، سارعت أوكرانيا إلى تخزين الموارد منذ نهاية الشتاء الماضي، وفق صحيفة «كييف إندبندنت» الأوكرانية.
راكمت السلطات الأوكرانية في البلاد 14.7 مليار متر مكعب من الغاز (أرقام مطلع أكتوبر)، وهو ما يكفي لفصل الشتاء، وفقاً لوزارة الطاقة الأوكرانية، بينما تخطط الحكومة لتخزين 1.8 مليون طن من الفحم لمواجهة الشتاء.
هذا الجهد الأوكراني في تخزين الغاز نجح جزئياً بعد تمكّن كييف من معالجة تراجع إنتاجها في هذا المجال، وفق تقرير «مركز ويلسن». وأدى الحفر النشِط إلى أعلى إنتاج يومي للغاز في البلد منذ منتصف عام 2020.
- الشتاء الماضي
واعتُبر الشتاء الماضي (2022 – 2023) الأكثر تحدياً في تاريخ نظام الطاقة الأوكراني، حيث أطلق الروس أكثر من 1200 صاروخ وطائرة مسيّرة على محطات الطاقة، وفقاً لمُشغل الشبكة المملوك للدولة الأوكرانية، «أوكرينرغو»، وفق ما أفادت وكالة «أسوشيتد برس».
وأفادت شركة «أوكرينرغو» بأنه بعد هدوء دامَ ستة أشهر، تعرّض نظام الطاقة في أوكرانيا لأول هجوم له، هذا الموسم، في 21 سبتمبر (أيلول)، ما أدى إلى إلحاق أضرار بالمنشآت في المناطق الوسطى والغربية للبلاد.
وفي تقرير ل«برنامج الأمم المتحدة الإنمائي» نُشر في إبريل (نيسان)، قدّر تكلفة الدمار في أوكرانيا خلال شتاء 2022 – 2023، ﺑ«10 مليارات دولار»، وهو ما ترك «12 مليون شخص» دون إمكانية الوصول إلى الطاقة أو محدودية الوصول إليها.