اتفقت اليونان وتركيا، أمس الخميس، على تحسين علاقاتهما ووضع خريطة طريق تهدف إلى بدء حقبة جديدة من العلاقات الوثيقة بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي.
وفي زيارة مهمة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى اليونان، اتفق البلدان على التركيز على مواصلة علاقات حسن الجوار والحفاظ على قنوات الاتصال مفتوحة والسعي إلى اتخاذ إجراءات عسكرية لبناء الثقة للقضاء على أسباب التوتر وتعزيز حجم التجارة والعمل على حل القضايا التي تسببت في حالة الجفاء بينهما لا سيما في بحر إيجه. وقال أردوغان بعد اجتماع مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في أثينا «ليست هناك مشكلة بيننا غير قابلة للحل. طالما أننا نركز على الوضع الأشمل ولا ينتهي بنا الأمر إلى أن نكون مثل أولئك الذين يعبرون البحر ويغرقون في النهر». وأضاف «نريد تحويل إيجه إلى بحر سلام. ومن خلال الخطوات المشتركة التي سنتخذها، نحن تركيا واليونان، نرغب في أن نكون مثالا يحتذى للعالم». وبعد المشاحنات اللفظية المعتادة خلال السنوات الأخيرة، تحسنت العلاقات الباردة بين الجارتين بصورة ملحوظة بعد إرسال اليونان مساعدات سريعة لتركيا في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضربها في فبراير الماضي. وبحسب المعايير اليونانية التركية، فإن القمة بمثابة حدث يتميز بالود غير المسبوق وبعيدة كل البعد عن زيارة أردوغان عام 2017 التي شهدت استعراض الجانبين سلسلة من المظالم التاريخية التي تعود إلى فترة انهيار الدولة العثمانية قبل أكثر من قرن من الزمان. واستمر اجتماع ميتسوتاكيس وأردوغان لفترة أطول من المتوقع، وخاطب ميتسوتاكيس أردوغان قائلا «عزيزي طيب». وقال أردوغان إنه يتوقع أن يستقبل ميتسوتاكيس في أنقرة. وترغب الدولتان العضوان في حلف شمال الأطلسي في زيادة حجم التبادل التجاري بينهما من خمسة مليارات دولار إلى 10 مليارات دولار، في حين قال أردوغان إن البلدين يمكنهما الاستفادة من الاجتماعات رفيعة المستوى التي تعقد سنويا.
وقال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس بعد الاجتماع مع أردوغان «لقد فرضت الجغرافيا والتاريخ أن نعيش في الحيز ذاته… لكنني أشعر بمسؤولية تاريخية لاستغلال هذه الفرصة للتقريب بين الدولتين، تماما كما هي حدودنا». واليونان وتركيا على خلاف منذ فترة طويلة حول قضايا من بينها موضع بداية ونهاية الجرف القاري وموارد الطاقة والرحلات الجوية فوق بحر إيجه وجزيرة قبرص المقسمة على أساس عرقي. لكن كلا البلدين يودان إثبات رغبتيهما في إصلاح العلاقات بينهما. وتسعى تركيا لنيل عضوية الاتحاد الأوروبي منذ أكثر من عقدين. ومنذ إعادة انتخابه في مايو في تصويت كانت نتائجه متقاربة وفي ظل أزمة اقتصادية، قال أردوغان إن تركيا ملتزمة بتحسين العلاقات مع شركائها وحلفائها الغربيين. وتعمل أنقرة على جذب المستثمرين الأجانب مجدداً مع إصلاح العلاقات مع الجهات الفاعلة الإقليمية والغربية وهي مسألة أثرت لفترة طويلة في الاقتصاد التركي. وفي أعقاب أزمة الديون التي هزت منطقة اليورو، تهدف اليونان إلى استعادة مكانتها والظهور كركيزة لاستقرار شرق البحر المتوسط وسط بيئة جيوسياسية متقلبة بسبب الحرب في أوكرانيا والصراع في غزة. وأعادت اليونان اليوم تشغيل نظام التأشيرات التلقائي للمواطنين الأتراك لزيارة 10 من جزرها. وقال ميتسوتاكيس إن الاجتماعات ستستمر وقد تكون الخطوة الجديدة في الحوار الثنائي الذي أعيد إطلاقه هي الاقتراب من التوصل إلى اتفاق لترسيم حدود الجرف القاري ومناطق الاستغلال الاقتصادي ذات الصلة (المنطقة الاقتصادية الخالصة) حينما تسمح الظروف. ويمكن أن تكون المنطقة الاقتصادية الخالصة البحرية بمثابة مقدمة للتنقيب عن النفط أو الغاز. وإلى الشرق باتجاه إسرائيل، شهد حوض شرق البحر المتوسط بعض أكبر اكتشافات الغاز الطبيعي في العالم في السنوات الأخيرة.
(وكالات)