شغل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح الذي توفي أمس السبت عن 86 عاماً، منصب أمير الكويت لنحو ثلاث سنوات، لكنّه كان منخرطاً على مدى عقود في إدارة شؤون الكويت، وترك بصمة واضحة في الحياة السياسية لبلاده، بالرغم من المدة القصيرة التي قضاها أميراً للبلاد، والظروف الصحية التي مرّ بها واضطرته لتفويض أخيه وولي عهده الشيخ مشعل الأحمد بممارسة بعض الاختصاصات الدستورية المنوطة به، في 16 نوفمبر 2021، وذلك بعد عام واحد من توليه مقاليد الحكم في 29 سبتمبر 2020.
سمّي الشيخ نواف الذي كان يحظى بتأييد الأسرة بفضل صورته كسياسي متواضع يعمل بعيداً عن الأضواء، ولياً للعهد عام 2006 قبل أن يخلف في 2020 أخاه غير الشقيق الشيخ صباح الأحمد. ولعل أبرز أدوار الشيخ نواف، الذي يلقب بأمير العفو والتواضع، هو توليه وزارة الدفاع عندما غزت القوات العراقية بلاده عام 1990، قبل أن يتولى وزارة الداخلية ومنصب نائب رئيس الوزراء لمكافحة الإرهاب عندما واجهت قوات الأمن الكويتية مقاتلين متطرفين في يناير 2005.
وأتاح له أسلوبه الهادئ المتكتم مواصلة دوره عندما هزّت الدولة أزمات سياسية متكرّرة تتعلّق بالحكومة وبشخصيات من الأسرة الحاكمة والبرلمان الذي تمّ حلّه مرّات عدّة.
تسلم الشيخ نواف مقاليد الحكم في حين كان العالم يواجه أزمة جائحة كوفيد-19 التي أدت إلى انخفاض حاد في أسعار النفط، ما انعكس سلبا ًعلى الاقتصاد الكويتي الذي يعتمد إلى حدّ كبير على تصدير النفط. ولم يُحدث الأمير تغييرات جذرية في سياسة بلاده الخارجية.
وخلال المدة القصيرة التي قضاها أميراً للبلاد، شغلت القضايا المحلية الاهتمام الأكبر لدى الأمير الراحل، وخاصة خلال السنة الأولى من عهده؛ نظراً لما عرف عنه من اهتمام بالغ بالتفاصيل التي تتعلق بشؤون المواطنين.
على الصعيد الشخصي، تميز الشيخ نواف الأحمد بالحرص الشديد على تعزيز الفضائل والقيم وكان يؤمن بأهمية وحدة وتكاتف أبناء الكويت جميعاً باعتبار أن قوة الكويت في وحدة أبنائها، وأن تقدمها وتطورها مرهون بتآزرهم وتلاحمهم ووحدتهم وتفانيهم وإخلاصهم في أعمالهم.
وجاء تتويج الشيخ نواف أميراً للبلاد بعد نحو 58 عاماً من العمل السياسي تقلد خلالها مناصب عدة، بدأها بتعيينه محافظاً لمحافظة حولي، ثم وزيراً للداخلية، ثم وزيراً للدفاع، فوزيراً للشؤون الاجتماعية والعمل، ثم نائباً لرئيس الحرس الوطني، فنائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للداخلية.
وعلى مدى 14 عاماً خلال توليه منصب ولي العهد، كان الأمير الراحل، ملاصقاً لأخيه الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد.
وقال بدر السيف أستاذ التاريخ المساعد في جامعة الكويت لوكالة الصحافة الفرنسية إن الشيخ نواف «أصدر العديد من قرارات العفو التي جعلته يلقب بأمير العفو».
ففي الشهر الماضي، وافق مجلس الوزراء على مرسوم أميري يعفو عن السجناء السياسيين المدانين خلال العقد الماضي. كما صدرت مراسيم عفو مماثلة في عام 2021.
وأضاف السيف أن الشيخ نواف «سيبقى في الذاكرة أيضاً لخصاله الفريدة فقد كان هادئاً وورعاً ومتواضعاً وقليل الظهور». ( وكالات)