مع الارتفاع الهائل في أسعاره مؤخراً، أصبح العثور على زيت الزيتون البكر النقي صعباً ومكلفاً للغاية، والأسوأ أن يجد المستهلك نفسه أمام منتج مغشوش بعد كل هذا العناء مع زيادة عدد التجار الذين يلجؤون لأساليب مبتكرة لغش زيت الزيتون بشكل يصعُب على المستهلكين اكتشافه، ما يتيح لهم جني المزيد من الأرباح.
ويرتبط زيت الزيتون بالنظام الغذائي والثقافة السائدة في منطقة البحر المتوسط منذ آلاف السنين، ونظراً لفوائده الصحية العديدة، فقد كان يستخدم في الممارسات الطبية والدينية قبل أن يصبح أحد أهم وأغلى زيوت المائدة في العالم.
ويُقدر السوق العالمي لزيت الزيتون النقي بمليارات الدولارات، إذ
بلغت قيمته 22.3 مليار دولار في عام 2022، فيما يتوقع نموه بشكل ملحوظ خلال العقد المقبل مع تزايد الطلب عليه، وفقاً لتقرير حديث أوردته شبكة CNN.
أساليب غش مبتكرة تخدع المستهلكين
ينتشر غش زيت الزيتون في جميع أنحاء العالم بوتيرة متسارعة، ما يضع المستهلكين أمام تحدٍّ صعب، خاصة مع تزايد الأساليب المبتكرة في غش زيت الزيتون بطرق يصعب اكتشافها.
وأظهر تقرير شبكة CNN أن بعض الشركات ومنتجي الزيوت يعملون على خلط زيت الزيتون بزيوت أخرى رخيصة مثل زيت الذرة وغيره من الزيوت المهدرجة.
كما يلجأ آخرون بشكل متزايد لاستخدام مادة الكلوروفيل أو البيتا كاروتين لتلوين الزيت بألوانه المميزة باللون الأخضر أو الأصفر الغامق ليصبح أشبه بالزيت النقي الحقيقي.
ارتفاع الطلب يجعل غش زيت الزيتون مصدراً للربح
حددت وكالة إنفاذ القانون يوروبول عدداً من العوامل التي خلقت أرضاً خصبة لغش زيت الزيتون، من بينها التضخم العام للأسعار، وانخفاض إنتاج زيت الزيتون، وزيادة الطلب عليه في جميع أنحاء العالم.
وتقول منظمة كولديريتي، المنظمة الزراعية الرئيسية في إيطاليا، إن خلط زيت الزيتون النقي مع منتجات أقل جودة أصبح ممارسة شائعة، مبررة ذلك بالفجوة بين الطلب المتزايد على الزيت من جهة وانخفاض معدلات إنتاجه بسبب الظروف المناخية القاسية من جهة أخرى.
وتُباع هذه الزيوت المغشوشة بمبالغ طائلة تصل إلى 30 دولاراً للتر داخل الولايات المتحدة، ويكثُر بيعها في إسبانيا وإيطاليا ودول الشرق الأوسط.
ولسوء الحظ، فإن ارتفاع الطلب على زيت الزيتون النقي يجعل من غشه ممارسة مغرية لكسب الأموال، خاصة مع ارتفاع أسعاره عالمياً بشكل ملحوظ.
غش زيت الزيتون ومخاطره على صحة الإنسان
لا تقتصر مخاطر غش زيت الزيتون على خسارة الأموال وتغيير مذاق الأطعمة، بل قد تؤدي إلى أضرار صحية وخيمة مثل التسمم الغذائي، على غرار ما حدث في واقعة (متلازمة الزيت السام) في إسبانيا في مطلع الثمانينيات.
فقد شهد عام 1981واحدة من أشهر فضائح سلامة الغذاء في إسبانيا والعالم بعد انتشار زيت زيتون مغشوش مخلوط بمادة الأنيلين وزيوت أخرى في الأسواق، لمنحه نفس لون وقوام الزيت النقي، بحسب موقع البيانات الشهير (ساينس دايركت).
ومادة الأنيلين هي مادة مخصصة في الأصل للاستخدامات الصناعية مثل صناعة البلاستيك والمطاط ومواد الطلاء، وتم بيع الزيت المغشوش على نطاق واسع باعتباره منتجاً صالحاً للطهي.
وكشف تقرير (ساينس دايركت) أن استهلاك هذه الزيوت أدى إلى تعرض نحو 100 ألف شخص لأضرار صحية تتراوح بين الوفاة وفشل الرئة وتشوه الأطراف وتدمير الجهاز المناعي، إذ لقي نحو 300 شخص حتفهم، بينما أصيب الكثيرون بأمراض مزمنة، وأصيب العديد بالشلل مدى الحياة.
ولهذا السبب تعتبر مكافحة الغش التجاري لزيت الزيتون أولوية لمؤسسات إنفاذ القانون، خاصة في البلدان المنتجة للزيت، وعلى رأسها إسبانيا وإيطاليا واليونان والمغرب وتونس والبرتغال.