فنحت المفوضية الأوروبية، الاثنين، “تحقيقاً رسمياً” يستهدف شبكة التواصل الاجتماعي “إكس” (تويتر سابقاً)، بتهمة ارتكاب انتهاكات مفترضة للقوانين الأوروبية المتعلقة بالإشراف على المحتوى، في سابقة من نوعها في إطار القانون الأوروبي الجديد للخدمات الرقمية.
ورغم عدم إدانة “إكس” حتى الساعة، فإن المفوضية الأوروبية، التي باتت تؤدي دور الهيئة الناظمة للقطاع الرقمي، تبدي قلقاً إزاء الوسائل المطبقة لتحديد المنشورات الخطرة وسحبها.
قائمة الانتهاكات المفترضة طويلة وستخضع لفحص دقيق، بما يشمل انخفاض عدد المشرفين على المحتوى، والإبلاغ غير الفعال عن المحتوى غير القانوني، وعدم كفاية رسائل التحذير بشأن الصور العنيفة، ونقص الوصول إلى بيانات “إكس” من جانب الهيئات الناظمة.
كما تشمل القائمة علامات التوثيق الزرقاء الموضوعة على حسابات معينة، والتي من المحتمل أن تضلل مستخدمي الإنترنت وتدفعهم إلى الاعتقاد بأهلية المعلومات المنشورة عبر هذه الحسابات للثقة، أو الملاحظات التي يضيفها مجتمع المستخدمين لإعادة صياغة المعلومات، ولكنها تبدو محدودة جداً في بعض اللغات.
وقال المفوض الأوروبي للشؤون الرقمية، تييري بريتون، “ولّت الأيام التي كانت تتصرف فيها المنصات الرقمية الكبيرة وكأنها أكبر من أن تلتزم بالقواعد”، مشددا على أن التشريع الجديد يتيح “حماية مواطنينا وديموقراطياتنا”.
وقالت “إكس”، الاثنين، إنها لا تزال “ملتزمة بالامتثال للقواعد”، واعدة بالتعاون في هذا المجال.
وأكدت في رسالة نشرتها على المنصة أن “من المهم أن تظل هذه العملية خالية من أي تأثير سياسي”.
ولا يحدد قانون الخدمات الرقمية في الاتحاد الأوروبي مفهوم المحتوى غير القانوني، وهو ما تحدده إلى حد كبير قوانين وطنية أو نصوص أوروبية أخرى.
لكنه يفرض الامتثال لسلسلة من الالتزامات، مثل التحرك “على الفور” لإزالة المحتوى الذي يتم الإبلاغ عنه باعتباره غير قانوني أو تعليقات المستخدمين الذين يتحدون المحظورات بانتظام.
وكانت المفوضية الأوروبية أعلنت في 12 أكتوبر، فتح إجراء أولي بشأن انتشار “معلومات كاذبة” و”محتوى عنيف وإرهابي” و”خطاب كراهية”، بحق الشبكة الاجتماعية المملوكة للملياردير إيلون ماسك، بعد خمسة أيام من شن حركة حماس هجمات على إسرائيل في السابع من الشهر عينه.
وتضمنت هذه الخطوة الأولى، طلب معلومات للتحقق من امتثال منصة “إكس” للموجبات القانونية.
غير أن الردود التي قدمتها الشركة الأميركية، وكذلك “تقرير الشفافية” الذي نشرته في بداية نوفمبر، لتقويم وسائل الإشراف التي تطبقها على المحتوى، لم تقنع السلطة التنفيذية الأوروبية، التي باتت تتمتع بسلطات رقابية وصلاحيات تخوّلها فرض عقوبات.
وينص التشريع الأوروبي على فرض غرامات تصل إلى 6 بالمئة، من حجم المبيعات العالمية للمجموعة المعنية.
وفي حال حدوث انتهاكات خطيرة ومتكررة، يمكن حظر عمل المنصة في الاتحاد الأوروبي.
ومع تفعيل الإجراء “الرسمي”، أوضحت المفوضية الأوروبية، الاثنين، أنها ستواصل “جمع الأدلة” عبر طلب معلومات جديدة من “إكس”، أو إجراء مقابلات أو عمليات تفتيش.
وبات هذا الإجراء يسمح للمفوضية باتخاذ تدابير لإجبار “إكس” على الامتثال للقواعد، أو قبول الخطوات التصحيحية التي تقترحها المنصة للاستجابة للمخاوف.
ولم يُحدد موعد نهائي لإنجاز التحقيق الجاري.
وأكد تييري بريتون، أن التحقيقات ستركز بشكل خاص على “نشر وتضخيم المحتوى غير القانوني والمعلومات المضللة في الاتحاد الأوروبي”.
وقد مكّن التشريع الجديد المفوضية الأوروبية من تشديد سياساتها الرامية لجعل المنصات الضخمة، تلتزم بموجبات الاتحاد الأوروبي لناحية الإشراف على المحتوى، ولكن أيضاً في مجال التجارة عبر الإنترنت.
وفُتحت بالفعل تحقيقات أولية مختلفة حول مواضيع متنوعة تتناول مجموعات كبرى مثل آبل أو غوغل أو ميتا (المالكة خصوصاً لفيسبوك وإنستغرام)، أو تيك توك أو سناب تشات أو يوتيوب أو أمازون، في إطار قانون الخدمات الرقمية في الاتحاد الأوروبي.
لكن الإجراء الذي أُطلق الاثنين ضد “إكس” غير مسبوق، ويسلّط الضوء على المخاوف المحددة للمفوضية الأوروبية بشأن المنصة.
وأبدت المفوضية في نهاية سبتمبر قلقاً بشأن النسبة الكبيرة من المعلومات المضللة على “إكس”، متحدثة عن نتائج سيئة أظهرتها المنصة بشكل خاص خلال اختبارات أجريت على شبكات اجتماعية عدة.
بعد شراء تويتر العام الماضي، صرف إيلون ماسك عدداً كبيراً من الموظفين، ما أدى إلى انحسار قوي في عدد العاملين في فرق الإشراف على المحتوى.
ويؤكد ماسك بانتظام على رؤيته لحرية التعبير الخالية من أي “رقابة”، رغم تأكيد احترامه قوانين كل دولة.
في نوفمبر، طلبت المفوضية الأوروبية من خدماتها تعليق حملاتها الإعلانية على “إكس”، وهو إجراء تم تبريره أيضاً بـ “الزيادة المقلقة في المعلومات المضللة وخطاب الكراهية” على المنصة.