يعتبر الاستثمار في أسواق الأسهم وسيلة فعّالة لتنمية الثروة والاستفادة من النمو الاقتصادي، ولكنه يتطلّب دراسة وتحليل السوق والشركات والمخاطر المرتبطة بها، وهو ما قد يقف عائقًا أمام المستثمرين المبتدئين لدخول هذه الأسواق وخوض تجربة ناجحة تحقق لهم أرباحا مالية من ارتفاع قيمة الأسهم أو توزيع الأرباح النقدية.
ولكي يكون المستثمر المبتدئ على دراية بالتحديات والفرص المختلفة التي تواجههم في هذه السوق، يتطلب أن يستفيدوا من عديد الاستراتيجيات الاستثمارية المختلفة، مثل الاستثمار في الأسهم ذات القيمة العالية، أو ذات النمو العالي، أو ذات العائد العالي، أو الاستثمار في الأسهم الدفاعية، والتي تشمل الشركات التي تعمل في القطاعات الأساسية مثل الرعاية الصحية والطاقة والمواد الأساسية.
أيضا، يجب على المستثمرين المبتدئين تجنب المقامرة بأموالهم من خلال البحث عن الأسهم التي تتمتع بالاستقرار والنمو المستمر، وتلك التي تتميز بسجل تاريخي جيد في الأداء، وبالسيولة العالية والتي يمكن بيعها بسهولة في أي وقت.
وبينما يُتوقع أن تواصل أسواق الأسهم الزخم في العام المقبل 2024 مع اتجاهات البنوك المركزية إلى تخفيف السياسة النقدية، فإن ذلك يشجع كثيراً من المبتدئين على دخول السوق.
نصائح مهمة
وإذا كنت مستثمرًا مبتدئًا في سوق الأسهم، أو تفكر في دخوله خلال 2024؛ فإليك بعض النصائح المهمة قبل بدء رحلتك في هذا العالم المتقلّب:
- تعلم الأساسيات والاستثمار الذكي: قبل أن تبدأ في الاستثمار، احرص على الحصول على التدريب الأساسي لاستخدام الاستراتيجيات المتاحة بأفضل صورة. تجنب المخاطرة بأموالك قدر الإمكان وكن مدركًا لقيمة الأموال التي لديك.
- اختر الوسيط المالي بعناية: اختر وسيطًا ماليًا مرخصًا وموثوقًا. يجب أن يسهل عليك القيام بالاستثمارات وتنفيذ العمليات بسهولة.
- تنويع محفظتك: للحد من مخاطر تذبذب الأسواق، ابتعد عن الاستثمار في قطاع واحد. اختر أسهمًا من قطاعات مختلفة، حيث يمكن أن تعوض القطاعات الأخرى خسائرك.
- تعلم قراءة السوق وتحليل الأخبار: افهم آلية قراءة السوق وتحليل الأخبار المؤثرة على الأسهم. استفد من المواد التعليمية المتاحة لديك.
- استثمر بمبالغ صغيرة في البداية: لا تستثمر الكثير من المال دفعة واحدة. ابدأ بمبالغ صغيرة لاكتساب الخبرة وتجنب المخاطر في البداية.
أفضل الاستثمارات
وفي هذا السياق، تقول خبيرة أسواق المال، عضو مجلس إدارة شركة الحرية للتداول، حنان رمسيس، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن من أفضل الاستثمارات التي كانت في العام الحالي هي أسواق المال والبورصات، وخاصة البورصة المصرية بسبب انخفاض سعر الصرف وتراجع الجنيه أمام الدولار وارتفاع معدلات التضخم، مؤكدة أنها في الفترة الحالية لها الفرصة الأكبر وتتفوق على صندوق الاستثمار في الذهب ووثائق صناديق الاستثمار.
وحول القطاعات المرشحة للمبتدئين، تشير إلى أن هناك قطاع الخدمات المالية غير المصرفية وقطاع الدفع الإلكتروني؛ نظرا لأن أسعار الأسهم فيهما متدنية وبقيم مالية قليلة نسبياً؛ لذا فهي تناسب صغار المتعاملين وننصح بها دائما للمبتدئين. في حين أن الأسهم الاستراتيجية التي تخص قطاعات مثل البنوك والعقارات والكيماويات هي الأنسب للمستثمرين المحترفين.
وفي نصائحها للاختيار بين الأسواق المختلفة، قالت رمسيس إنه يتعين على المستثمر أن يقوم بدراسة وتحليل السوق والشركات المدرجة في القطاعات المختلفة بعناية وعلى أساس حالة بحالة، وأن يأخذ في الاعتبار العوائد والمخاطر والفرص والتحديات المتوقعة.
وحول أفضل استراتيجية استثمارية للمستثمر المبتدئ في سوق المال، نصحت رمسيس المستثمرين المبتدئين بالتداول بمبالغ صغيرة زائدة عن حاجتهم وفي حدود إمكاناتهم، والاستفادة من التطبيقات الإلكترونية التي توفر خدمة المحاكاة، ومتابعة أخبار البورصة، إلى جانب التعاون مع مدير حساب في شركة تداول موثوقة.
وتدعو رمسيس أن يبدأ المستثمر المبتدئ بالاستثمار في وثائق صناديق الاستثمار، وهي أدوات مالية تتيح له تنويع محفظته وتقليل المخاطر وتعتمد على استراتيجيات محددة وتستثمر في مجموعة من الأسهم أو السندات أو الأوراق المالية الأخرى، وبعد اكتساب خبرة وثقة في سوق الأسهم يمكنه الانتقال إلى التداول بالأسهم منخفضة السعر التي توفر فرصة للحصول على عوائد عالية في وقت قصير، لكنها تحمل مخاطر كبيرة؛ لذلك، يجب على المستثمر أن يكون حذرا ومتابعا للأخبار والتحليلات السوقية، وأن يستعين بمدير حساب محترف في شركة تداول مرخصة ينصحه بأفضل الأسهم للشراء والبيع، ويزوده بتوصيات ومعلومات موثوقة.
وتشدد على ضرورة تحلي المتعامل المبتدئ في سوق الأسهم بالحذر والتأني قبل الدخول في أي صفقة تداول، فقد يكون من الصعب عليه متابعة التغيرات السريعة والمعقدة في الأسعار والمؤشرات. ولكن إذا كانت لديه معلومات مؤكدة عن سهم معين أو قطاع اقتصادي محدد؛ فقد يستفيد منها في اتخاذ قرارات تداول مدروسة، وهكذا، يمكنه استخدام المعلومات التي يمتلكها لتحسين أدائه في سوق الأسهم.
تباين
من جانبه، يذكر خبير أسواق المال، الدكتور حسام الغايش، في تصريحات خصّ بها موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أنه دائما ما تتحرك أسواق الأسهم عكس أسعار الذهب ومعدلات الفائدة؛ فكلما ارتفعت الفائدة هبطت الأسهم. بينما تكون العلاقة طردية مع أسعار البترول والطاقة؛ فكلما ارتفعت أسعار الطاقة ارتفعت أيضًا أسعار الأسهم.
ويوضح أن التوقعات للعام المقبل 2024 بالنسبة لأسعار الفائدة في معظم الأسواق المرتبطة بالسوق الأميركية أو بالدولار تشير بشكل كبير إلى تخفيضات في أسعار الفائدة 2024 بشكل متكرر من قبل الفيدرالي الأميركي، وبالتالي كل أسواق الأسهم سواء الأميركية أو في الدول التي تربط عملتها واقتصادها بالدولار ستخفض أسعار الفائدة؛ ما يعطي أسعار الأسهم حالة من الرواج يؤدي إلى ارتفاعها في الأسواق المرتبطة بالسوق الأميركية أو الدولار.
ويضيف أن النقطة الثانية هي الطاقة التي رغم ثبات أسعارها الحالي لكن دائمًا مع استقبال فصل الشتاء فيتوقع ارتفاعها على الأقل في الربع الأول من 2024، الأمر الذي سيقابله أيضًا ارتفاع في أسعار الأسهم؛ كحركة طردية مع أسعار الطاقة.
أهم القطاعات
وعن أهم القطاعات التي يمكن الاستثمار فيها في أسواق المال، يقول إن الأزمات دائمًا ما تخلق فرصا، حيث خلقت الأزمة الروسية الأوكرانية بعض الفرص في سوق الأسهم بشكل كبير، وخاصة الأسهم الخاصة المرتبطة بالصناعات البتروكيماوية والأسمدة التي تعد روسيا وأوكرانيا من أهم الدول المصدرة بأحجام كبيرة جدا لها، ونتيجة ذلك حدث نقص كبير في الإمدادات الخاصة بهذا القطاع، ومن ثم بدأت معظم الأسهم -في الأسواق الناشئة تحديدًا- ترتفع في هذا القطاع بشكل كبير للغاية.
ويرى أن الاستثمار في قطاع العقارات في أسواق الأسهم يعتبر من الاستثمارات المربحة والمستقرة، خاصة في الدول التي تعاني من معدلات تضخم مرتفعة؛ فزيادة التضخم تؤدي إلى زيادة أسعار العقارات، وبالتالي زيادة إيرادات وأرباح الشركات العقارية. وهذا يزيد من قيمتها السوقية وتقييمها.
وحول أفضل استراتيجية للمستثمر المبتدئ في سوق المال، وكيف يمكن تطبيقها بشكل فعال وآمن، يؤكد أن أفضل استراتيجية للمبتدئين هي التنوع في القطاعات، للحماية من المخاطر، والمرونة في التعامل مع الأسعار، بحيث يحاول بقدر الإمكان أن تكون محفظته بها تنوع من حيث القطاعات لا تقل عن قطاعين، ما يحميه من أن يتأثر القطاع الوحيد الذي يستثمر فيه نتيجة بعض أي أحداث مفاجئة، وبعد اكتساب الخبرة سيمتلك قدرًا أكبر من القدرة أو المرونة في التعامل في قطاع أو اثنين على الأكثر.