في عالم الاستثمار تلعب الأسهم الدفاعية دورًا حيويًا كوسيلة لتحقيق التوازن وتقليل المخاطر خلال الفترات الاقتصادية الصعبة.
يتعين على المستثمرين أن يكونوا على دراية بتلك القطاعات ويفهموا الأثر الإيجابي الذي يمكن أن تحققه الأسهم الدفاعية في تعزيز أداء محفظتهم وتحقيق الاستقرار المالي المرجو.
تمثل الأسهم الدفاعية فئة من الأسهم تتميز بالاستقرار والمقاومة للتقلبات الاقتصادية السلبية. وفي هذا السياق، يُفضل المستثمرون تضمين هذه الأسهم في محفظتهم كوسيلة لتقليل المخاطر خلال فترات الركود الاقتصادي.
تنتمي الأسهم الدفاعية إلى قطاعات مثل الرعاية الصحية والأغذية والخدمات الأساسية، حيث يظل الطلب على هذه السلع والخدمات ثابتًا حتى في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
- قطاع الرعاية الصحية: الشركات الصناعية للأدوية ومستلزمات الرعاية الصحية. نظرًا لأن الرعاية الصحية تعتبر ضرورية في جميع الظروف، يظل الطلب على منتجات وخدمات هذا القطاع قائمًا في كل الأوقات.
- الأغذية والسلع الأساسية: تتضمن هذه القطاعات الشركات التي تنتج الأطعمة الأساسية والضرورية للحياة اليومية. إذ يعتبر الطعام من الاحتياجات الأساسية، ما يجعل الشركات المتخصصة في هذا المجال مقاومة لتقلبات السوق.
أهمية الأسهم الدفاعية كصمام أمان
خلال فترات الركود، يتجه المستثمرون إلى الأصول التي تظل قوية وثابتة. تلك الأصول تُعتبر صمام أمان يساعد في حماية قيمة المحفظة. وبالتالي تحظى الأسهم الدفاعية بشعبية كبيرة خلال هذه الفترات، حيث يتطلع المستثمرون إلى تحقيق استقرار وحماية لاستثماراتهم.
صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية طرحت في تقرير لها أسئلة متعلقة بمدى إمكانية عودة الأسهم الدفاعية لمواصلة الزخم من عدمه العام المقبل 2024. أفاد التقرير بأن:
- أسوأ قطاعات مؤشر S&P 500 هذا العام – بخلاف الطاقة، التي تأثرت بانخفاض أسعار النفط – هي قطاعات الخدمات العامة والرعاية الصحية والمستلزمات الاستهلاكية.
- يعود جزء من هذا إلى آثار العام 2022، إذ كانت الأسهم الدفاعية قوية في سوق سيئة بشكل لا يصدق.
- ومع ذلك، في عام تميز بارتفاع مستوى عدم اليقين، وفي لحظة تباطؤ في النمو، يعتبر الأداء الضعيف للأسهم الدفاعية أمرًا ملحوظًا، في مرحلة التعافي من دورة اقتصادية.
وعليه يمكن أن يشكل العام 2024 عودة الزخم لتلك الأسهم بشكل أوسع، مع حرص المستثمرين على التحوط المالي، وفي ظل الاتجاه نحو خفض الفائدة من جانب الفيدرالي الأميركي في العام المقبل مع انتهاء دورة التشديد النقدي، طبقاً لما ألمح إليه رئيس الفيدرالي جيروم باول في الاجتماع الأخيرة في ديسمبر.
تأثير خفض الفائدة
من جانبه، قال رئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية محمد ماهر ، إن اتجاه بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي خلال العام المقبل 2024 إلى خفض أسعار الفائدة سيفتح الباب أمام أسواق الأسهم لتحسين وضعها، وهو ما يتبعه انعكاس واضح في قيم الأسهم بشكل عام، متوقعًا أن ينخفض الإقبال على الوسائل الاستثمارية كالسندات وأذون الخزانة وأن تنتعش سوق تداول الأوراق المالية.
ودلل ماهر على ذلك بارتفاع مؤشرات الأسهم العالمية حاليًا (والمستويات القياسية التي بلغتها مؤشرات وول ستريت في الفترة الأخيرة) في ظل توقعات خفض سعر الفائدة من قبل الفيدرالي الأميركي وما ينتج عنه خفضها في باقي الأسواق كالاتحاد الأوروبي على سبيل المثال، وبالتالي ستشهد الأسواق المالية نموًا ملحوظًا بناء على هذه المعطيات.
وسلط ماهر الضوء على الأسهم الدفاعية باعتبارها واحدة من أبرز الأوعية التي تشهد نموًا في ظل هذه الظروف كأسهم الاتصالات والأغذية ومواد البناء، متوقعًا أن تكون ملاذًا آمنًا خلال الفترة المقبلة، خصوصًا وأن هذه النوعية من الأسهم بطبيعة الحال تكون مكمن الأمان للاستثمارات في أوقات الأزمات والحروب ولا تتأثر بهذه الأحداث.
وأكد ماهر أن رفع أسعار الفائدة خلال الفترة الماضية وإن كان له تأثير واضح على الأسوق العالمية، إلا أن الأخيرة لم تتأثر بشكل واضح وخير مثال على ذلك احتفاظ مؤشرات الأسهم الأميركية بقوتها رغم رفع الفائدة المتتابع خلال 2023، خصوصًا وأن رفع أسعار الفائدة كان أقل من التوقعات.
وتوقع أن تشهد الأسهم التكنولوجية وبعض الصناعات المرتبطة بالطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية نموًا ملحوظًا خلال فترة التحسن الاقتصادي المقبلة.
تفاؤل
وتتفاءل الأسواق بالعام الجديد 2024، لكنه تفاؤل حذر، في ظل حالة عدم اليقين السائدة، وفي الوقت الذي لا تزال فيه عديد من الأزمات تفرض نفسها على المشهد الدولي، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا وغزة والتوترات في البحر الأحمر التي تهدد سلاسل التوريد على نحو واسع، علاوة على تذبذب أسعار النفط. وجميعها عوامل تفرض نفسها على اتجاهات المستثمرين وخياراتهم، فيما يخص السعي نحو التحوط بالأصول والأسهم الدفاعية التي تحفظ قيمة أموالهم في ظل حالة اللايقين الاقتصادي الراهنة.
وبدوره، أوضح خبير أسواق المال، عضو الجمعية المصرية للمحللين، ريمون نبيل، أن الأسهم الدفاعية بطبيعة حالها متغيرة من وقت إلى آخر بناء على الأحداث المحيطة بالعالم، مؤكدًا أن عوامل كالتضخم ورفع أسعار الفائدة أكثر من مرة مع ارتفاع التكاليف ومنها تكاليف الشحن خلال العام 2023 أثرت بشكل واضح على أسهم كقطاع الأغذية على اعتبار أنها أحد أبرز الأسهم الدفاعية، وبالتالي أصبح عليها عبء كبير متعلق بارتفاع التكاليف، وهذا ما سينتج عنه رفع تكلفة الأغذية حول العالم بنسب مختلفة وما سيتبعه من تأثيرات على نسبة الاستهلاك، لذلك فنسب ربحية هذه الأسهم خلال 2024 لن تكون بنفس النسب خلال الـ 3 سنوات الماضية.
وذكر نبيل أن السياسة الاستثمارية عالميًا أصبحت تتجه إلى الأسهم الخاصة بالشركات ذات الأصول القوية والتي اتخذها البعض كحائط دفاع أول ضد التضخم وارتفاع الفائدة المتكرر خلال 2023، والتي بطبيعة الحال تختلف من دولة إلى أخرى، فهناك بعض الدول التي اتجهت إلى القطاع العقاري، وأخرى إلى القطاع الإلكتروني والتكنولوجي، لافتًا إلى أن قطاع كالأغذية لم يعد بنفس القوة التي كان عليها وقت جائحة كورونا، خصوصًا في ظل ارتفاع معدلات التضخم والتي نتج عنها تراجع معدل الاستهلاك الغذائي بشكل واضح ليتبعه خفض في ربحية أسهم هذا القطاع.
وتطرق نبيل إلى أفضل القطاعات الدفاعية التي قد تحقق طفرة ونمواً ملحوظاً خلال العام 2024، يأتي على رأسها قطاع السلع النفيسة كالذهب الذي سيحقق تصاعدًا ونموًا ملحوظًا وفقًا لتقديرات كثير من بنوك الاستثمار وكبار المستثمرين في ظل توقعات بتراجع مؤشر الدولار، وبالتالي سيكون الذهب أحد أفضل السلع الاستثمارية الآمنة، وأيضًا قطاع الأدوية باعتباره ضرورة أساسية من ضروريات الحياة، وقطاع الاتصالات باعتباره حاليًا ضرورة من ضروريات الحياة وليس ترفيهيًا كما كان في السابق .