ألمانيا- أ.ف.ب
تواجه الجهود الأوروبية لتعزيز المساعدات العسكرية لأوكرانيا في مواجهة الحرب الروسية، عقبة غير متوقعة تتمثّل بسلطة محلية في مدينة ألمانية يقطنها نحو 80 ألف نسمة.
ويعرقل مجلس مدينة ترويزدورف مشاريع قدمتها شركة كبرى لتصنيع الأسلحة بهدف توسيع الإنتاج محلياً.
وأشارت بلدية المدينة الواقعة بغرب البلاد قرب كولونيا إلى ضرورات التنمية لتبرير رفضها على خلفية تساؤلات بشأن قدرة الاتحاد الأوروبي على تصنيع المزيد من الأسلحة في فترة حرجة.
في وقت سابق هذا العام، تعهد الاتحاد الأوروبي، تعزيز إمدادات قذائف المدفعية التي تحتاج لها أوكرانيا بشدة، في وقت تواجه قوات كييف نقصاً في الكميات.
وقلما يكون لرئيس بلدية ترويزدورف دوراً ما في السياسة الدولية، لكن وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس حمّله المسؤولية أمام البرلمان مطلع كانون الأول/ ديسمبر لتعطيله المشروع.
ومدركاً بالمخاطر، حض الوزير الذي يحظى بشعبية السلطات المحلية والإقليمية على العمل لتسريع وتيرة إنتاج الأسلحة.
وقال بيستوريوس أمام نواب البرلمان إن «الضغط هائل لأن في أوروبا وألمانيا أزمة فيما يتعلق بالذخائر».
ويدور خلاف منذ أسابيع بين ترويزدوف وشركة ديل ديفنس العملاقة لتصنيع الأسلحة، والتي ينتح مصنعها المحلي أجهزة الإشعال اللازمة لكميات كبيرة من المتفجرات مثل الصواريخ وعبوات الصواريخ. وتستخدم هذه القطع في تصنيع نظام الدفاع الجوي ايريس-تي، وقد سلمت الحكومة الألمانية ثلاثة منها إلى أوكرانيا.
منازل ومكاتب
ويعد المصنع في ترويزدورف حلقة مهمة في مساعي أوروبا لدعم أوكرانيا، فيما تحث كييف حلفاءها على تزويدها بمزيد من الذخائر في وقت تواجه صعوبات في صد الهجوم الروسي. وتعهد الاتحاد الأوروبي تزويد أوكرانيا بمليون قذيفة مدفعية بحلول آذار/ مارس 2024 لمساعدة كييف في معركتها ضد روسيا. حتى الآن سلم التكتل قرابة 300 ألف قذيفة من مخزوناته، وقد استُنفدت.
ويُفترض أن تبلغ حصة الصناعة الألمانية من خطة الاتحاد الأوروبي ما بين 300 ألف إلى 400 ألف قذيفة سنوياً، أي أكثر بثلاث مرات عن إنتاجها لدى بدء الحرب الروسية على أوكرانيا مطلع 2022، على ما أفادت مصادر قريبة من القطاع وكالة «فرانس برس».
لكن شركة ديل ديفنس ترى الآن مستقبل منشأتها في ترويزدورف في خطر بعد أن قررت سلطات المدينة استخدام جزء من المجمع التجاري حيث يقع مقر الشركة المتفرعة عن المجموعة داينيتيك.
وتريد شركة تصنيع الأسلحة شراء قطعة الأرض المعروضة للبيع من شركة داينمايت نوبل السابقة للأسلحة، كي تتمكن من توسيع قدرتها الانتاجية.
من جانبها، تعتزم السلطة المحلية تحويل الموقع الذي يوازي 50 ملعب كرة قدم ويقع في وسط المدينة، إلى منازل ومكاتب.
ورداً على ذلك، اعتبر عضو مجلس إدارة ديل ديفنس توماس بودنمولر أن «من خلال التشكيك في موقع ترويزدورف، يتم تقويض القدرة الدفاعية لجمهورية ألمانيا الاتحادية».
مقاومة
ورفضت شريحة واسعة من أعضاء مجلس المدينة، من رئيس البلدية المحافظ الكسندر بيبر إلى الخضر واليسار المتطرف دي لينكه، أي ثلثي المجلس تقريباً، التضحية بمثل هذا المساحة الكبيرة في وسط المدينة.
ويعود ذلك الرفض إلى أن تصنيع المتفجرات والوسائل القتالية، بحسب السلطات المحلية، يتطلب مناطق حماية كبيرة حول المصنع لا يمكن البناء عليها لأسباب تتعلق بالسلامة. وبالنسبة لرئيسة لجنة الدفاع في مجلس النواب الألماني والداعمة القوية لأوكرانيا ماري أغنيس ستراك زيمرمان، فإن موقف رئيس بلدية ترويزدورف «غير مسؤول بكل بساطة».
وقالت: «الأمر يتعلق بأوكرانيا، لكنه يتعلق أيضاً وقبل كل شيء بأمن ألمانيا». وفي الوقت الحاضر، لا يزال بيبر على موقفه.
ورغم اجتماعات وساطة في الفترة التي سبقت عطلة عيد الميلاد، لم يتم التوصل إلى حل وسط حتى الآن، وبيبر ليس وحيداً في معارضته.
في وقت سابق من هذا العام، قالت مجموعة راينميتال، وهي شركة رائدة أخرى في صناعة الأسلحة الألمانية، إنها لن تقوم ببناء مصنع جديد لبارود الذخيرة في منطقة ساكسونيا بشرق ألمانيا.
وقد أثار المشروع قلقاً بين السكان المحليين ووسط رفض عام نقلت راينميتال المشروع إلى موقع آخر في بافاريا.
وبينما يقول الخبراء إن كييف تحتاج إلى ثلاثة ملايين طلقة ذخيرة سنوياً، حذر بيستوريوس الشهر الماضي من أن الاتحاد الأوروبي قد يفشل في تحقيق هدفه في آذار/ مارس المتمثل في تسليم ولو حتى مليون من قذائف مدافع هاوتزر التي تشتد الحاجة إليها.