«الخليج» – وكالات
شنّ سلاح الجو الإسرائيلي، فجر الخميس، غارات مكثّفة على جنوب قطاع غزة، في حين يواصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في مصر جولته الشرق أوسطية الماراثونية التي يأمل أن تمنع تمدّد اتّساع رقعة النزاع الدائر منذ نحو 100 يوم.
وبموازاة الاشتباكات الميدانية والجهود الدبلوماسية الحثيثة، تواجه إسرائيل، الخميس، في لاهاي أمام محكمة العدل الدولية، دعوى رفعتها ضدّها جنوب إفريقيا، وتتهمها بارتكاب «إبادة» في الحرب التي تخوضها ضدّ حركة حماس في القطاع الفلسطيني.
وفجر الخميس، كثّف سلاح الجو الإسرائيلي قصفه لخان يونس، كبرى مدن جنوب قطاع غزة ومركز القتال في الأسابيع الأخيرة، بحسب شهود عيان.
وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا»، فقد أسفرت الغارات الجوية الإسرائيلية عن مقتل سبعة أشخاص على الأقل وإصابة 25 آخرين بجروح.
وخلال زيارة تفقّد فيها قواته في وسط قطاع غزة، أعلن رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، الأربعاء، أنّ «القتال يدور تحت الأرض، وفوق الأرض، في منطقة معقدة للغاية، في مواجهة حماس التي أعدّت دفاعها على مدى فترة طويلة جداً وبطريقة منظّمة للغاية».
والأربعاء، انعقدت قمة ثلاثية في العقبة، على بُعد 328 كلم جنوب العاصمة الأردنية، جمعت الملك الأردني عبد الله الثاني والرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والفلسطيني محمود عباس، وبحثت القمة «التطورات الخطيرة في غزة»، وفق ما ذكر بيان للديوان الملكي الثلاثاء.
وقبل انتقاله إلى العقبة، التقى الرئيس الفلسطيني، وزير الخارجية الأمريكي في رام الله في الضفة الغربية.
تدابير ملموسة
وتأتي زيارة بلينكن ضمن جولة هي الرابعة له في المنطقة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
وتمحورت الجولة حول تفادي اتساع الحرب إلى جبهات أخرى، والبحث في «اليوم التالي» لما بعد انتهائها، والدعوة إلى حماية المدنيين وزيادة المساعدات للقطاع الذي يواجه أزمة إنسانية متعاظمة.
وأكّد بلينكن في رام الله تأييد واشنطن «تدابير ملموسة» لإقامة دولة فلسطينية.
وحذّر عباس من جهته من «خطورة الإجراءات الإسرائيلية لتهجير أبناء شعبنا في قطاع غزة أو الضفة الغربية بما فيها القدس»، مجدداً التأكيد على أن «قطاع غزة هو جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية».
وزار الوزير الأمريكي بعد ذلك المنامة، حيث التقى العاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة.
وقال بلينكن قبيل مغادرته المنامة، رداً على سؤال لوكالة فرانس برس حول موقف عباس من «إصلاح» السلطة الفلسطينية: «ما استخلصته من هذا الاجتماع هو أنه ملتزم بذلك ومستعد تماماً للمضي قدماً».
وأشار بلينكن إلى أنه ناقش مع عباس «أهمية إصلاح السلطة الفلسطينية وسياستها وإدارتها، حتى تتمكن من تحمل مسؤولية غزة بشكل فعال، بحيث يمكن إعادة توحيد غزة والضفة الغربية تحت قيادة فلسطينية».
ولفت إلى أن عباس «سيجري محادثات مع قادة آخرين في المنطقة» في هذا الصدد.
وقال بلينكن لصحفيين إنه ناقش في المنامة «مرحلة ما بعد النزاع في غزة، والعمل المهم الذي يجب القيام به لمساعدة غزة على الوقوف مرة جديدة، إضافة إلى الجهود التي تبيّن، بناءً على هذه الجولة، أن دول المنطقة مستعدة لبذلها، لضمان أمن إسرائيل، وتوفير مسار للفلسطينيين يؤدي إلى إقامة دولة خاصة بهم».
وليل الأربعاء، قال نتنياهو: «أودّ أن أوضح بعض النقاط: إسرائيل لا تنوي إعادة احتلال قطاع غزة بشكل دائم أو تهجير سكّانه المدنيين، إسرائيل تقاتل حماس وليس السكّان الفلسطينيين، ونحن نفعل ذلك مع الاحترام الكامل للقانون الدولي».
خطة «لما بعد الحرب»
وكان بلينكن قال، الثلاثاء، في تل أبيب: «إن على إسرائيل أن عن اتخاذ خطوات تقوّض قدرة الفلسطينيين على حكم أنفسهم في شكل فعال».
ومن السيناريوهات المحتملة لقطاع غزة بعد الحرب، وفق محللين، أن تتولى السلطة الفلسطينية حُكم القطاع.
من جهة أخرى، دعا وزير الخارجية الأمريكي إسرائيل إلى محاولة تجنب سقوط هذا العدد الكبير من المدنيين خلال عملياتها العسكرية في غزة.
وتوعدت إسرائيل بـ«القضاء» على حماس بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنّته الحركة على مناطق غلاف غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وأدى الهجوم إلى مقتل نحو 1140 شخصاً، وفق أرقام رسمية إسرائيلية.
كما اقتيد نحو 250 رهينة خلال الهجوم، لا يزال 132 منهم محتجزين في القطاع، بحسب الجيش الإسرائيلي.
وتشن إسرائيل مذ ذاك قصفاً جوياً ومدفعياً عنيفاً، وعمليات برية اعتباراً من 27 تشرين الأول/ أكتوبر، على قطاع غزة المحاصر ما أدى إلى مقتل 23357 شخصاً، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة في القطاع.
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، أن الغارات الإسرائيلية أدت إلى سقوط «أكثر من 70 قتيلاً»، ليل الثلاثاء الأربعاء.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، مواصلة عملياته في مخيم المغازي في وسط القطاع ومدينة خان يونس بجنوبه، مؤكداً ضرب «أكثر من 150 هدفاً»، كما أعلن كشف 15 فتحة نفق في مخيم المغازي، إضافة إلى قاذفات صواريخ ومسيّرات وعبوات ناسفة.
وكان الجيش أعلن هذا الأسبوع الانتقال إلى مرحلة جديدة تشمل تنفيذ عمليات أكثر استهدافاً في وسط قطاع غزة وجنوبه، حيث يحتشد مئات الآلاف من النازحين، بعدما تركّزت العمليات مطلع الحرب على شمال القطاع، خصوصاً مدينة غزة، والمناطق المحيطة بها.
وقال بلينكن، الثلاثاء، إن إسرائيل وافقت على مبدأ إرسال «بعثة تقييم» أممية لدراسة الوضع في شمال القطاع، تمهيداً لعودة الفلسطينيين النازحين.
أوضاع كارثية
ودخلت الحرب هذا الأسبوع شهرها الرابع، وسط تحذيرات متزايدة من الأمم المتحدة ومنظمات وأطراف دولية من الأوضاع الكارثية، مع تواصل الحصار والقصف الإسرائيليين والمعارك البرية.
وتؤكد منظمات دولية، أن المساعدات المحدودة التي تدخل القطاع بموافقة إسرائيلية، لا تكفي لسدّ حاجات سكان القطاع البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.
استهداف كبير في البحر الأحمر
وفي بيروت، واصلت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، جولة إقليمية زارت خلالها مصر وإسرائيل، والتقت الأربعاء، رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي.
وتثير الحرب مخاوف من اتساع النزاع إلى جبهات إقليمية، في ظل تبادل القصف اليومي بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، واستهداف الحوثيين في اليمن سفناً في البحر الأحمر، وهجمات فصائل مسلحة ضد قواعد تضمّ قوات أمريكية في العراق وسوريا.
وحذّر رئيس الأركان الإسرائيلي، الأربعاء، من أنّه «بعد القتال في غزة، سنعرف كيف نفعل ذلك في لبنان إذا لزم الأمر».
وأعلن البنتاغون، الأربعاء، أنّ القوات الأمريكية والبريطانية أسقطت 18 طائرة مسيّرة مفخّخة وصاروخين مجنّحين وصاروخاً بالستياً أطلقها الحوثيون، الثلاثاء، باتّجاه مسارات شحن دولية في جنوب البحر الأحمر.
وأكد وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس، أنه كان «أكبر هجوم حتى الآن من الحوثيين» مذ بدؤوا شنّ هجمات بحرية «دعماً» للفلسطينيين في غزة، على حد قولهم.
وأعلن الحوثيون في اليمن، الأربعاء، أن هجومهم، الثلاثاء، استهدف سفينة أمريكية بالصواريخ والمسيّرات.
وكانت بريطانيا أعلنت أن الهجوم استهدف المدمرة البريطانية «إتش إم إس دايموند» و«سفناً تجارية».
وفي نيويورك دعا مجلس الأمن الدولي في قرار إلى وقف «فوري» لهجمات الحوثيين على سفن في البحر الأحمر، مطالباً كذلك كلّ الدول باحترام حظر الأسلحة المفروض على الجماعة اليمنية.
والقرار الذي صاغته الولايات المتّحدة واليابان، واعتمده المجلس بأغلبية 11 عضواً وامتناع أربعة أعضاء عن التصويت (روسيا والصين والجزائر وموزمبيق)، «يدين بأشد العبارات الهجمات التي لا تقلّ عن 24، والتي استهدفت سفناً تجارية منذ 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023»، تاريخ استيلاء الحوثيين على السفينة «غالاكسي ليدر» واحتجاز أفراد طاقمها البالغ عددهم 25 شخصاً رهينة.
ويطالب القرار «بأن يضع الحوثيون فوراً حدّاً» للهجمات «التي تعرقل التجارة الدولية وتقوّض حقوق وحريات الملاحة وكذلك السلم والأمن في المنطقة».
أحلام مرهقة ووضع «مستعصٍ»
وأعلن الهلال الأحمر الفلسطيني في قطاع غزة، الأربعاء، مقتل ستة أشخاص، بينهم أربعة مسعفين في ضربة إسرائيلية استهدفت سيارة إسعاف في شارع صلاح الدين عند مدخل دير البلح في وسط القطاع.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، الأربعاء، إن الوضع الإنساني في غزة «مستعصٍ»، وإن عمليات توزيع المساعدات تواجه عقبات «يكاد يكون من المستحيل تجاوزها».
ووصف عاملون في المنظمة مشاهد يائسة لمصابين بجروح خطرة بينهم أطفال، وهم يتوسلون للحصول على طعام في مستشفيات غادرها معظم أفراد الطواقم الصحية حفاظاً على سلامتهم.
وفي مدينة رفح، قالت هديل شحاتة التي باتت تقيم في خيمة في جنوب القطاع لفرانس برس: «كل أحلامنا راحت، سنون راحت من عمرنا».