قصف الجيش الإسرائيلي جنوب قطاع غزّة بشكل مكثّف الجمعة، وسط بروز اختلاف كبير في وجهات النظر بين إسرائيل وواشنطن حول قيام دولة فلسطينيّة، واتّساع رقعة النزاع ووصوله حتّى سواحل اليمن.
وفي الساعات الأولى من الجمعة، أفاد شهود عيان لوكالة الأنباء الفرنسية، بإطلاق نار وغارات جوّية في مدينة خان يونس بجنوب قطاع غزّة حيث تقول إسرائيل إنّ العديد من أعضاء القيادة المحلّية لحركة حماس.
وتحدّث الهلال الأحمر الفلسطيني عن قصف مدفعي «مكثّف» في «محيط» مستشفى الأمل، في وقت أفادت وزارة الصحة في غزة بمقتل 77 شخصاً وإصابة العشرات بجروح.
وأفاد الجيش الإسرائيلي بأنّ قواته البرّية تقدّمت تحت غطاء من سلاح الجو والبحرية، من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، بعد دخولها القطاع برّاً في 27 تشرين الأول/أكتوبر.
وأضاف في بيان أنّ قتالاً وعمليات قصف تجري أيضاً في شمال غزة حيث «قتلت القوات الجوية والبرية عدداً من الإرهابيين».
من جهتها، أفادت حركة حماس عن معارك في مخيّم جباليا للاجئين وفي مدينة غزة في الشمال.
وفي غزّة، حيث نزح نحو 80% من السكّان بسبب الغارات أو القتال، لا يزال الوضع الإنساني حرجاً.
وأعلنت منظّمة الصحّة العالميّة ليلاً أنّها أحصت 24 حالة من التهاب الكبد «أ»، وهو عدوى فيروسيّة في الكبد، فضلاً عن «الآلاف» من حالات متلازمة اليرقان المرتبطة «على الأرجح» بانتشار التهاب الكبد.
وكتب رئيس منظّمة الصحّة العالميّة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، عبر منصة إكس أنّ «الظروف المعيشيّة غير الإنسانيّة – وسط قلّة توافر مياه الشرب والمراحيض النظيفة وعدم القدرة على الحفاظ على نظافة المناطق المحيطة بها – ستؤدّي إلى انتشار التهاب الكبد «أ» بشكل أكبر».
واندلعت الحرب التي دمّرت القطاع الفلسطيني وشرّدت أكثر من 80% من سكّانه، إثر شنّ حماس هجوماً غير مسبوق على غلاف غزة في 7 تشرين الأوّل/أكتوبر أسفر عن مقتل 1140 شخصا، بحسب أرقام رسميّة إسرائيلية.
كما احتُجز خلال الهجوم نحو 250 شخصاً ونُقلوا إلى غزّة، وأطلِق سراح نحو 100 منهم خلال هدنة في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر، ووفق إسرائيل، لا يزال 132 منهم في غزّة، ويُعتقد أنّ 27 منهم لقوا حتفهم.
ومنذ السابع من أكتوبر تشن إسرائيل حملة قصف جوي ومدفعي عنيفة على القطاع الساحلي، قتل على إثرها حتى الآن 24762 شخصاً، غالبيّتهم العظمى من النساء والأطفال.
- دولة فلسطينية
وقال رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو، الخميس، «لن نكتفي بأقلّ من انتصار تامّ، ما يعني القضاء على قادة حماس، وتدمير قدرات حماس العملية والعسكريّة، وعودة رهائننا، ونزع سلاح قطاع غزّة مع سيطرة أمنيّة كاملة لإسرائيل وعلى كل ما يدخل» إلى القطاع.
وشدّد على أنّ «النصر سيتطلّب أشهراً عدّة»، مضيفاً «يجب أن تكون لإسرائيل سيطرة أمنية على كامل الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن، هذا شرط ضروري يتناقض مع فكرة السيادة الفلسطينية».
وعندما سئل عن تصريحات نتنياهو، رد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي «واضح أننا نرى الأمور بشكل مختلف».
والولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل والداعم الأساسي لها في عمليّتها ضدّ حماس، تُكرّر من جانبها أنّ إنشاء دولة فلسطينيّة قابلة للحياة والاعتراف بها هو أمر ضروري لتحقيق «أمن حقيقي».
ونفّذ الجيش الإسرائيلي خلال الليل مداهمات في قطاعات مختلفة من الضفة الغربية المحتلّة، خصوصاً في طولكرم حيث أحصت وزارة الصحّة التابعة للسلطة الفلسطينيّة ستّة قتلى على الأقلّ منذ الأربعاء.
وفي ردّه على تصريحات نتنياهو، قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة «دون قيام دولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967، لن يكون هناك أمن واستقرار في المنطقة».
وأضاف وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا»، أن «المنطقة برمتها على فوهة بركان جراء السياسات التي تنتهجها السلطات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وحقوقهم المشروعة».
ويخشى المجتمع الدولي اتّساع نطاق النزاع، وسط تبادل يومي لإطلاق النار على الحدود الإسرائيليّة اللبنانيّة، وزيادة هجمات الحوثيّين ضدّ سفن تجاريّة في البحر الأحمر وخليج عدن وتكثيف الضربات الأمريكيّة ضدّ مواقع لهم في اليمن.