كوبيانسك – أ ف ب
أنهى الجندي الأوكراني فاديم نوبة حراسته الليلة في موقعه على الجبهة الشمالية الشرقية للبلاد، ودخل إلى مخبئه مرتمياً على سريره، ومغطياً عينيه بقبعته العسكرية طلباً للراحة، في وقت تبلغ درجة الحرارة في الخارج 8 درجات مئوية تحت الصفر؛ حيث يسمع خطى زملائه على الثلوج بين الخنادق في شمال بلدة كوبيانسك.
قال فاديم البالغ 31 عاماً: «الأمر صعب، لكننا صامدون»، مضيفاً، «ليس أمامنا خيار آخر». ودفعت حرب الخنادق المستمرة، منذ نحو عامين في مواجهة القوات الروسية بالجنود الأوكرانيين إلى حافة الإرهاق.
ويجهد الجيش الأوكراني لتجنيد رجال يخدمون على الجبهة، في تناقض مع تقاطر المتطوعين في بداية الحرب.
وحافظت كييف على سرية خسائرها البشرية، لكن أحدث التقديرات الأمريكية التي نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» في آب/أغسطس الماضي تقدر عدد قتلى الجنود الأوكرانيين بنحو 70 ألفاً، والجرحى حوالي 120 ألفاً.
وتمت استعادة كوبيانسك وخاركيف من الروس في العام 2022، إثر هجوم أوكراني خاطف. لكن منذ الصيف، عاودت القوات الروسية شن هجمات في هذه المنطقة.
وقال فاديم: «إنهم ينفذون هجمات باستمرار، ويتقدمون»، مشيراً إلى أن الأدرينالين ساعدهم في السنة الأولى عندما «لم يكن يخيفهم أي شيء». أضاف: «لكننا الآن بكل بساطة مرهقون؛ لأنه بعد مرور عامين، لم نرَ الضوء في نهاية النفق».
- لا قدرة على الاحتمال
أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أن الجيش يريد حشد مَنْ يصلون إلى نصف مليون شخص لمحاربة نحو 600 ألف جندي روسي منتشرين في أوكرانيا. لكن في وقت سابق هذا الشهر، رفض البرلمان مناقشة مشروع قانون مثير للجدل يهدف إلى تعبئة مزيد من الجنود، وسط انتقادات شديدة من النواب.
وشكل ذلك ضربة مؤلمة للجيش الذي كان يكافح لتعبئة صفوفه، فضلاً عن تسريح جنوده الذين خدموا لفترات طويلة على الخطوط الأمامية. وعلق فاديم: «بالطبع نريد التسريح؛ لأن الخدمة صعبة. ولم أرَ عائلتي منذ ستة أشهر».
لكنه أضاف: «الأمر لا يتعلق بأن يمنحونا إجازة لعشرة أيام. لن يكون مفيداً. أي نوع من الراحة سيكون هذا؟».
وتابع: «إذا منحونا إجازة لمدة ستة أشهر على الأقل، فسيكون ذلك أفضل».
وتأتي الدعوات لتسريح جنود أوكرانيين في وقت صعب بالنسبة للجيش الذي يواجه حالياً ضغوطاً روسية متجددة على الجبهة الشرقية. وبعد عام من المعارك الطاحنة التي لم تحقق أي مكاسب ملحوظة للطرفين على الأرض، تضخ موسكو مزيداً من قواتها، وتكثف قصفها للمواقع الأوكرانية.
وقال أولكسندر الجندي البالغ 20 عاماً، والذي رفض أيضاً ذكر اسمه الثاني لأسباب أمنية: «كثافة الأعمال الحربية التي تستهدفنا الآن أصبحت مرتفعة جداً، وهناك جرحى يسقطون أكثر مما نتوقع».
وأضاف أولكسندر: «اليوم يتم تعبئة كبار السن من الرجال»، لذلك هناك قوات احتياط يمكن استدعاؤها. وتابع: «نحن بحاجة إلى التعبئة، ولدينا وسائل للقيام بذلك».
ولكن تلاشى الزخم الذي ظهر في الأشهر الأولى من الحرب، حين اندفع الأوكرانيون أفواجاً إلى الجبهة بشكل طوعي.
وقال فاديم: «منذ الأيام الأولى للغزو، كنا دائماً تقريباً على خط المواجهة». وأضاف: «الرجال متعبون عقلياً وجسدياً. لم يعد باستطاعتهم الاحتمال أكثر من ذلك».