تشهد منطقة البحر الأحمر اضطرابات واسعة النطاق بفعل هجمات مستمرة من قبل الحوثيين على السفن، ما أدى إلى تغيير مسارات عدة سفن نحو طرق بديلة حول أفريقيا.
تقود تلك الاضطرابات إلى تأثيرات واسعة على الاقتصاد العالمي. والصين كواحدة من أكبر الدول الاقتصادية على مستوى العالم، تواجه تحديات خاصة نتيجة لهذه الاضطرابات، لا سيما فيما يرتبط بالصادرات.
تحت عنوان (فوضى الشحن في البحر الأحمر تضع ضغوطًا على الصادرات الصينية)، ذكر تقرير نشرته منصة thinkchina، أن:
- ما يقدر بنحو 120 مليار دولار أميركي من الواردات الصينية و160 مليار دولار أميركي من الصادرات الصينية تتدفق عبر مضيق باب المندب كل عام، من إجمالي التجارة البحرية المقدرة بـ 1.5 تريليون دولار أميركي.
- يعد مضيق باب المندب أساسياً في ربط القارة الآسيوية بأوروبا وأميركا الشمالية، حيث ينتقل حوالي 12 بالمئة من النفط المنقول بحرا، و8 بالمئة من الغاز الطبيعي المسال، ونسبة كبيرة من حركة الحاويات عبر هذا الممر الضيق.
- خلال الأوقات العادية، من الممكن إعادة توجيه بعض التدفقات التجارية التي تدور الآن حول رأس الرجاء الصالح عبر السكك الحديدية إلى أوروبا أو عبر قناة بنما إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة . ومع ذلك، تواجه ممرات النقل هذه بالمثل اضطرابات شديدة.
- إن تعطل التجارة في البحر الأحمر، جنباً إلى جنب مع الاضطرابات الأخرى في ممرات النقل التي تربط الصين ببقية العالم، يفرض ضغوطاً إضافية على التجارة الصينية.
- هناك بالفعل بعض العلامات المبكرة التي تشير إلى انخفاض بنحو 10بالمئة إلى 15بالمئة من الصادرات التي تغادر الموانئ الصينية.
تأثير مزدوج
الكاتب والباحث المتخصص في الشؤون الصينية، حسين إسماعيل، قال إن اضطرابات البحر الأحمر لها تأثير مزدوج على الصين؛ فشركات الشحن والنقل الصينية استفادت من الاضطرابات؛ باعتبارها ليست مستهدفة، ومن ثم يشكل ذلك فرصة لتلك الشركات، لجهة إمكانية توسع اتجاه كثير من الشركات التي تقوم بنقل البضائع إلى الشركات الصينية لكونها آمنة ويُمكن أن تصل إلى مقاصدها دون التعرض إلى أي مخاطر عند عبورها منطقة باب المندب والبحر الأحمر عامة.
وأوضح إسماعيل في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أنه من الناحية الأخرى، الاقتصاد الصيني يعتمد بشكل كبير على التصدير والناقلات التي تقوم بشحن البضائع الصينية إلى الدول الأخرى (..) كذلك ناقلات رُبما ترفع أعلام الدول المستهدفة في البحر الأحمر، ما يُعني أن البضائع الصينية أصبحت تستغرق وقتًا أطول في الوصول إلى مقاصدها، ما أدى لارتفاع تكلفة التأمين والشحن، سواء يتحملها الجانب الصيني أو الجهة المستقبلة للشاحنات، مؤكدًا أن ذلك له تأثير على تقليل أو تحجيم حركة التجارة الخارجية الصينية.
- إعادة توجيه السفن حول رأس الرجاء الصالح تضيف ما بين أسبوعين إلى أربعة أسابيع لرحلة الذهاب والإياب، وفقًا لمذكرة من شركة Honor Lane Shipping.
- وذكرت المذكرة أنه “يمر حوالي 25 بالمئة إلى 30 بالمئة من أحجام شحن الحاويات العالمية عبر قناة السويس (بشكل رئيسي في التجارة بين آسيا وأوروبا)، وتشير التقديرات إلى أن إعادة التوجيه على نطاق واسع حول إفريقيا يمكن أن يقلل من فعالية سعة شحن الحاويات العالمية بنسبة 10 بالمئة إلى 15 بالمئة”.
وأكد الكاتب والباحث المتخصص في الشؤون الصينية، على أنه حتى الآن ليس هناك تأثيرًا ملموسًا (بشكل مستدام) على الاقتصاد الصيني فيما يخص اضطرابات البحر الأحمر، مشددًا على ضرورة الانتظار ورؤية مدى تأثير اضطرابات البحر الأحمر واستهداف السفن على الاقتصاد الصيني ارتباطاً بمدى استمرارية تلك الأوضاع، وذلك رُبما يظهر خلال أيام أو الأسابيع القليلة المقبلة.
تحذيرات صينية
- وزير التجارة الصيني حذر من أن “الحمائية المتزايدة” و”الاضطرابات” الجيوسياسية في البحر الأحمر، علاوة على ضعف الطلب تؤدي إلى بيئة تجارية عالمية “أكثر تعقيدا وشدة” هذا العام.
- وانغ وينتاو، قال إن بكين ستسعى إلى تعزيز الصادرات، التي انخفضت العام الماضي للمرة الأولى منذ 2016، وكذلك الواردات، التي عانت من ضعف معنويات المستهلكين، مما أعاق التعافي الاقتصادي الكامل من الوباء.
- دعت الصين إلى سلامة الملاحة في البحر الأحمر، حيث عطلت هجمات الحوثيين بطائرات بدون طيار وصواريخ الشحن التجاري، ردا على الحرب في غزة.
موجة تضخمية
الباحث في العلاقات الدولية، محمد ربيع الديهي، قال إن البحر الأحمر يُشكل أهمية استراتيجية كبرى في حركة التجارة الدولية (..)، وبالتالي فإن الاضطرابات التي يشهدها حالياً تلقي بظلالها على حركة التجارة حول العالم، وتؤثر على الاقتصاد الدولي، ما يضعنا أمام سيناريو يجعل المجتمع الدولي يواجه موجة شديدة من التضخم، بسبب تحويل ناقلات النفط والبضائع مسارها المختصر من قناة السويس (الطريق الأقصر والأسرع) إلى طريق رأس الرجاء الصالح حول أفريقيا، ومع ارتفاع تكلفة الشحن الدولي وما يرتبط به من خدمات للسفن والشاحنات، وبما ينعكس على أسعار السلع والمنتجات.
ويعد البحر الأحمر شريان إمداد رئيسي، لكنه أصبح يمثل خطراً بشكل متزايد مع المسلحين الحوثيين في اليمن، ردًا على الحرب التي تشنها إسرائيل على حركة حماس في قطاع غزة، بمهاجمة الشاحنات المتوجهة لها.
لكنه في الوقت نفسه قلل من تأثير الاضطرابات في البحر المتوسط على الاقتصاد الصيني حتى الآن، لجهة حجم إنتاج البضائع والمنتجات الصينية، بينما التأثير ربما يُلاحظ في حركة مرور وانتقال السفن.
وأشار إلى احتمالية دخول الصين على خط الأزمة؛خاصة أن الولايات المتحدة الأميركية، طلبت منها الوساطة والتواصل مع طهران للضغط على الحوثيين لوقف عمليات البحر الأحمر، وبالتالي هناك تغيرات جيوسياسية، وجيواقتصادية مهمة تحدث الآن على الصعيد الدولي (تنعكس على المشهد الاقتصادي).
وأكد أن تداعيات هذه الأحداث لن تكون خطيرة على الصين وربما تسبب انفراجة في بعض النقاط، على غرار وجود ملف جيد تنشغل به أميركا بعيدًا عن انشغالها بالصين، خاصة بعدما أعلنت حربها التجارية ضد بكين (..) موضحاً أن “اشتعال الأزمات في الشرق الأوسط سيجعل أميركا منشغلة بصورة أو بأخرى في هذا الملف”.
#الصين
#البحر الأحمر