بينما انتظر عشرات الملايين ممن شاهدوا مقابلة فلاديمير بوتين، التي أجراها معه المذيع المخضرم تاكر كارلسون، لم يقدم الرئيس الروسي الإجابات التي انتظرها العالم، على أسئلة وجهت له أو لم يطرحها عليه الإعلامي الأميركي.
وكانت المقابلة، التي استمرت أكثر من ساعتين وشاهدها حتى كتابة هذا التقرير نحو 120 مليون شخص، الأولى التي يجريها بوتين مع شخصية إعلامية غربية، منذ الهجوم الروسي على أوكرانيا الذي بدأ قبل عامين ولا أفق لنهايته.
وكارلسون، المذيع المقرب من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، صاحب الشعبية الواسعة في الولايات المتحدة، شخصية مثيرة للجدل، طردته شبكة “فوكس نيوز” قبل أشهر فقرر تقديم برنامج يبثه على موقعه الإلكتروني وعلى منصة “إكس”، “تويتر” سابقا.
وقبيل اللقاء الذي بث الخميس، قال كارلسون في مقطع فيديو فصل فيه الأسباب التي دفعته للسفر إلى روسيا لمقابلة بوتين، إن “معظم الأميركيين غير مطلعين، وليست لديهم أي فكرة عما يحدث في المنطقة، هنا في روسيا أو على بعد 600 ميل في أوكرانيا”.
وأضاف: “يجب أن يعرفوا لأنهم يدفعون جزءا كبيرا من الثمن”، في إشارة إلى الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لأوكرانيا والذي لطالما انتقده.
إلا أن المذيع، بحسب موقع بوليتيكو الإميركي، لم ينجح في استخلاص أي جديد حول أهداف الحرب الفعلية التي تخوضها روسيا في أوكرانيا، أو التلميح إلى مسؤولية بوتين عن الهجوم على جارته الغربية، وهو ما انتظره الغرب لكن لم يكن يتوقعه كثيرون.
بوتين استخدم المقابلة للدعاية
وخلال المقابلة التي أجريت في صالة كبيرة حيث كان المذيع والضيف يجلسان وجها لوجه، لم يفوت بوتين الفرصة للدعاية إلى الحرب، والتشكيك في الغرض من مساعدات الإدارة الأميركية لكييف.
ووصفت وكالات أنباء المقابلة أنها بدت في أحيان كثيرة أشبه بدرس في التاريخ، وقالت إنها “انتقائية ومتحيزة جدا”، مما أعطى انطباعا لدى البعض أن بوتين وكارلسون كانا متعاونين على هذا الهدف.
وهيمن بوتين على الحوار بتعليقات جانبية طويلة، اعتمدت على نقاط دعائية تشدد على أن “حق روسيا في شرق أوكرانيا يمتد لقرون من الزمن”، وفق تعبيره.
لكن كارلسون، الذي ربما أدرك هذه الحقيقة، حذر المشاهدين من أن رد بوتين على سؤاله حول سبب غزو أوكرانيا “كان معرقلا للمقابلة”، بل “ومزعج”.
إلا أن المذيع الأميركي خفف من تعبيراته لاحقا، وقال إنه يعتقد أن بوتين كان “صادقا”، كما أشاد بـ”معرفة الرئيس الروسي الموسوعية”.
لا أسئلة حساسة
وفي المقابل، تجنب كارلسون أي مواضيع يمكن أن تكون حساسة بالنسبة للكرملين، وأبرزها التقارير عن جرائم الحرب الروسية المحتملة في أماكن مثل بوتشا وماريوبول في أوكرانيا، ومذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ضد بوتين، ومصير رموز المعارضة الروسية وعلى رأسهم أليكسي نافالني وغيره من السجناء، والتعبئة الروسية من أجل الحرب وعدد القتلى في الكبير في المعارك.
حتى إن مذيع “فوكس نيوز” سابقا تحاشى طرح أي أسئلة حول الانتخابات الرئاسية الروسية المقبلة، واستبعاد المرشح المناهض للحرب بوريس ناديجدين، هذا الأسبوع.