تواصل إسرائيل تجاهل التحذيرات العربية والدولية من أي اجتياح محتمل لمدينة رفح بأقصى جنوب القطاع، وجدد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو تأكيده أن جيشه سيهاجم المدينة، وسط توقعات بأن تبعات هذا العدوان ستكون خطرة وتداعيات كارثية مع صعوبة حماية المدنيين الذين نزحوا إلى المدينة هروباً من الحرب في مناطق أخرى من قطاع غزة الذي تحوّل إلى أنقاض، بينما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن العملية يجب ألا تستمر دون خروج آمن للمدنيين، في حين جددت مصر رفضها للتهديدات الإسرائيلية باجتياح المدينة، وأكدت أن العواقب ستكون وخيمة.
وفي اليوم ال128 من الحرب استمرت الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، أمس الأحد، ما أدى إلى وقوع عشرات الضحايا الفلسطينيين، وقالت كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة «حماس»، إن القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع أدى إلى مقتل أسيرين إسرائيليين وإصابة 8 آخرين بجروح خطرة.
وتصاعدت، أمس، أعمدة الدخان من مدينة رفح جراء الغارات الجوية الإسرائيلية المتواصلة، بينما لم تخفت أصوات الانفجارات في مدينة خان يونس جنوب القطاع، ولم تغادر الطائرات الحربية سماء المدينة التي تتعرض لقصف متواصل من الدبابات المتمركزة على الحدود الشرقية أو المتوغلة بعمق المدينة.
وبينما تصاعدت التحذيرات الدولية من اجتياح إسرائيلي محتمل لرفح، حذرت حركة «حماس» من أن أي عملية عسكرية قد تشنها إسرائيل على مدينة رفح، ستؤدي إلى «نسف مفاوضات» تبادل المختطفين والأسرى. وقال قيادي كبير في الحركة، إن أي هجوم بري للجيش الإسرائيلي على مدينة رفح الحدودية بقطاع غزة يعني «نسف مفاوضات التبادل» بشأن الرهائن.
وجاء هذا الموقف رداً على تأكيد نتنياهو أن «عدم دخول رفح سيؤدي إلى خسارة الحرب والإبقاء على حماس»، مؤكداً أن جيشه سيهاجم رفح و«يسيطر على آخر كتائب حماس» في المدينة، زعماً أن «النصر في متناول اليد». وفي رد على سؤال في مقابلة مع شبكة «آي بي سي نيوز» بشأن وجود 1.4 مليون نازح مكدس في هذه المساحة الضيقة من القطاع المحاصر، قال نتنياهو: «إن بالإمكان أن ينتقلوا إلى شمال رفح التي تم تطهيرها.. نحن نعمل على وضع خطة مفصلة لتحقيق ذلك».
بدوره، قال وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت، أمس الأحد، إن تعميق العملية البرية في قطاع غزة سيعمل على تمهيد الطريق للوصول إلى صفقة تبادل أسرى واقعية لإعادة المزيد من الأسرى.
وأكد الرئيس الأمريكي جو بايدن لنتنياهو، أن عملية رفح ينبغي ألا تستمر دون خطة لخروج آمن للمدنيين. ونقل البيت الأبيض عن بايدن تأكيده في حديثه لنتنياهو، هو الأول منذ ثلاثة أسابيع، على ضرورة الاستفادة من التقدم المحرز في المفاوضات لتأمين إطلاق سراح جميع الرهائن في أقرب وقت ممكن. وأضاف البيت الأبيض، في بيان، أن بايدن دعا إلى اتخاذ خطوات عاجلة ومحددة لزيادة المساعدات الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين.
وأعلنت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية، أمس الأحد، رفضها الكامل للتصريحات الصادرة عن مسؤولين رفيعي المستوى بالحكومة الإسرائيلية، بشأن اعتزام القوات الإسرائيلية شن عملية عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية، جنوبي قطاع غزة، محذرة من العواقب الوخيمة لمثل هذا الإجراء، لا سيما في ظل ما يكتنفه من مخاطر تفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع.
وطالبت مصر بضرورة تكاتف جميع الجهود الدولية والإقليمية للحيلولة دون استهداف مدينة رفح الفلسطينية، التي باتت تؤوي ما يقرب من 1.4 مليون فلسطيني نزحوا إليها، كونها آخر المناطق الآمنة في القطاع.
واعتبرت مصر أن استهداف رفح، واستمرار انتهاج إسرائيل لسياسة عرقلة نفاد المساعدات الإنسانية إلى غزة، بمثابة إسهام فعلي في تنفيذ سياسة تهجير الشعب الفلسطيني، وتصفية قضيته، في انتهاك واضح لأحكام القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وقرارات مجلس الأمن، والجمعية العامة للأمم المتحدة، ذات الصلة.
كما أكدت أنها ستواصل اتصالاتها وتحركاتها مع مختلف الأطراف، من أجل التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإنفاذ التهدئة، وتبادل الأسرى والمحتجزين، داعية القوى الدولية المؤثرة إلى تكثيف الضغوط على إسرائيل للتجاوب مع تلك الجهود، وتجنب اتخاذ إجراءات تزيد تعقيد الموقف، وتتسبب في الإضرار بمصالح الجميع من دون استثناء. (وكالات)