في الوقت الذي انزلق فيه اقتصادا اليابان و بريطانيا نحو الركود، واصل الاقتصاد الألماني تقدمه مزيحاً نظيره الياباني من مركز ثالث أكبر اقتصادات العالم في 2023، ما يثير التساؤل.. هل يستمر تباطؤ هذه الاقتصادات في 2024 أم تتمكن من الخروج من عنق الزجاجة؟
تقدم ألمانيا واحتفاظ أميركا بالمركز الأول
بنهاية عام 2023، بلغت قيمة الاقتصاد الياباني نحو 4.2 تريليون دولار (على أساس متوسط سعر الصرف العام الماضي)، لتتراجع الدولة إلى المركز الرابع على قائمة أكبر الاقتصادات العالمية، بينما تقدم ترتيب الاقتصاد الألماني إلى المركز الثالث بقيمة بلغت 4.46 تريليون دولار ومعدل نمو 6.3 في المئة في 2023.
وما زالت الولايات المتحدة تحتفظ بمكانتها كأكبر اقتصاد في العالم، الذي بلغت قيمته نحو 27.36 تريليون دولار في عام 2023، بينما تأتي الصين في المرتبة الثانية باقتصاد يناهز 17.50 تريليون دولار.
وفي المركز الخامس، جاء الاقتصاد الهندي بقيمة بلغت 3.57 تريليون دولار، يليه اقتصاد المملكة المتحدة الذي حل في المركز السادس بقيمة 3.203 تريليون دولار رغم التباطؤ الذي شهده في الربع الأخير من 2023، بحسب تقديرات مكتب الإحصاء الوطني.
ركود تقني في اليابان وبريطانيا
أظهرت بيانات مكتب الإحصاء الوطني الصادرة يوم الخميس انكماش اقتصاد اليابان بنسبة 0.4 في المئة في الربع الأخير من عام 2023، فيما جاء أدنى من تقديرات الاقتصاديين لدى وكالة رويترز الذين توقعوا معدل نمو بـ1.4 في المئة.
ويأتي هذا بعد انكماش بلغت نسبته 3.3 في المئة في الربع الثالث، لينزلق الاقتصاد الياباني إلى ما يُسمى بالركود التقني، أي انكماش النمو لربعين متتاليين، متخلياً عن مكانته كثالث أكبر اقتصاد في العالم لصالح ألمانيا.
ولا يزال بنك اليابان ملتزماً بسياسته النقدية التيسيرية التي استمرت لنحو عقد من الزمن، رغم استمرار الانخفاض في معدل الاستهلاك الخاص الذي يمثل نصف النشاط الاقتصادي، والذي تراجع في الربع الأخير بنحو 0.2 في المئة على أساس فصلي و0.9 في المئة على أساس سنوي، فضلاً عن تراجع الإنفاق الرأسمالي بنحو 0.1 في المئة في الربع ذاته مقارنة بالربع السابق عليه.
وفي المملكة المتحدة، كشفت بيانات مماثلة انكماش اقتصاد البلاد للربع الثاني على التوالي أيضاً بنسبة 0.3 في المئة في الربع الأخير من العام الماضي، متأثراً بتراجع قطاعات البناء والخدمات والإنتاج بنحو 1.3 في المئة و0.2 في المئة على الترتيب.
هل تتعافى الاقتصادات المنكمشة في 2024؟
رداً على هذا السؤال، قالت مين جو كانغ، كبيرة الاقتصاديين لدى مجموعة (ING) لشبكة CNN، إنه «على الرغم من نتيجة الربع الأخير المخيبة للآمال، نتوقع أن ينتعش الناتج المحلي الإجمالي في اليابان في الربع الأول من عام 2024».
وبعد انخفاض الاستهلاك الخاص في أواخر العام الماضي، توقعت كانغ أن تتحسن قراءته في الربع الحالي نظراً لاستقرار التضخم والنمو المتوقع في الأجور.
أما على الجانب الاستثماري، فتوقعت أن تؤدي أرباح الشركات القوية والطلب المتزايد على تكنولوجيا المعلومات إلى زيادة الاستثمار في المرافق.
ويبدو أن الركود التقني في اليابان قد يتلاشى أيضاً، إذ يرى محللو (كابيتال إيكونوميكس) في تعليقاتهم لشبكة CNN احتمالاً قوياً بأن تعدل الحكومة نتائج الربع الأخير من 2023 صعوداً خلال المراجعة الدورية الشهر المقبل، في حين توقع بنك «غولدمان ساكس» أن يحقق الاقتصاد الياباني نمواً قدره نقطة مئوية في الربع الأول من عام 2024.
أما في المملكة المتحدة، فيرى الخبراء أنه رغم انكماش الاقتصاد البريطاني على أساس فصلي، فقد جاء أداؤه أفضل كثيراً من تقديرات العديد من الاقتصاديين قبل عام، عندما توقع العديد منهم انكماشاً أكثر حدة لثاني أكبر الاقتصادات الأوروبية.
واعتبروا وصف أداء الاقتصاد البريطاني بالركود مبالغة، إذ قال صموئيل تومبس، كبير الاقتصاديين لدى (بانثيون) في تصريحات لشبكة CNN، «من المبالغة وصف تراجع النشاط الاقتصادي في النصف الثاني من عام 2023 بأنه ركود، بالنظر إلى استمرار ارتفاع معدلات التوظيف، وانتعاش الأجور الحقيقية وعودة مقاييس ثقة الأعمال والمستهلكين إلى مستويات تتفق مع ارتفاع النشاط بحلول نهاية العام».
وأوضح تومبس أنه رغم تباين البيانات الاقتصادية الأخيرة، فإن تباطؤ التضخم وتخفيضات أسعار الفائدة المتوقعة في وقت لاحق من العام من شأنه تعزيز النشاط الاقتصادي، مشيراً إلى أن معدل التضخم البالغ أربعة في المئة حالياً في بريطانيا هو أقل بكثير من المعدل القياسي المسجل في أكتوبر تشرين الأول 2022، عندما بلغ 11.1 في المئة.