القاهرة – محمد سلطان
اتخذت الحكومة المصرية قرارات وإجراءات تاريخية، أدت إلى ارتفاع لم يسبق له مثيل للدولار أمام الجنيه، وشهدت أسعار صرف النقد الأجنبي في البنوك المصرية ارتفاعاً كبيراً، الأربعاء للدولار أمام الجنيه المصري، إذ كسر في التعاملات الرسمية مستوى 50.45 جنيه، ووصلت الزيادة إلى نحو 20 جنيهاً لسعري بيع وشراء الدولار الأمريكي، مقارنةً بسعره طوال الشهور الماضية، وهو الأمر الذي أدى إلى طرح السؤال الذي بات أكثر إلحاحاً لدى المصريين حول تلك الإجراءات، وهل تقضي على مافيا السوق السوداء؟.
ورفع البنك المركزي المصري، صباح الأربعاء، أسعار الفائدة بواقع 600 نقطة أساس ما يعادل 6% لتصل إلى مستويات 27.25%.
وأعلنت البنوك المصرية مع انتصاف معاملات الأربعاء، قائمة أسعار بيع وشراء العملات النقدية الأجنبية، وعلى رأسها الدولار الأمريكي، كونه المتحكم الرئيسي في معدلات التضخم وأسعار السلع في الأسواق المحلية.
تقليل معدل التضخم
كشف الدكتور سيد خضر، الخبير الاقتصادي في تصريحات خاصة ل «الخليج» أن الاتجاه إلى رفع سعر الفائدة، سيؤثر في أداء الاقتصاد المصري بعدة طرق، من بينها تقليل معدلات التضخم.
وقال خضر: «حين يرتفع سعر الفائدة، فإنه يصبح أكثر جاذبية لحاملي العملات المحلية، ما يزيد الطلب على الجنيه ويقلل من الطلب على السلع والخدمات، ويؤدي إلى تقليل ضغوط التضخم».
وأشار في حديثه ل «الخليج» إلى أن قرار لجنة السياسة النقدية برفع سعر الفائدة 600 نقطة، يمكن أن يعزز جاذبية الاستثمار في السوق المصري، موضحاً «عندما يكون هناك فرق كبير في أسعار الفائدة بين البلدان، فإن ذلك يمكن أن يجذب المستثمرين الأجانب للاستثمار في مصر، ويزيد من تدفق رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى البلاد، وبالتالي يعزز النشاط الاقتصادي ويعمل على تعزيز مؤشرات النمو».
استفادة الصادرات المصرية من قرارات البنك المركزي
في نفس السياق، صرح أحمد جلال رئيس مجلس إدارة بنك تنمية الصادرات المصري أن قرارات لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، الصادرة صباح الأربعاء، سيكون لها تأثير قوي في إتاحة عملات النقد الأجنبي داخل المصارف المصرية.
وأوضح جلال في تصريحات تليفزيونية أن قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بالإفراج عن البضائع الموجودة في الموانئ، وكذلك قرارات البنك المركزي المصري تعد بمنزلة مؤشرات قوية لتعافي الاقتصاد المصري.
وأكد أن المدى القصير قد يشهد بعض الآثار السلبية في تحريك سعر الصرف، لكن بعدها ستتمكن قوة العرض والطلب في تحديد أسعار العملات النقدية الأجنبية في البنوك.
وأشاد أحمد جلال بالإيضاحات الواردة في بيان البنك المركزي المصري الذي حدد مشاكل الاقتصاد المحلي خلال الفترة المقبلة وكيفية مواجهتها، مؤكداً أن المعلومات الواردة به تجيب عن أسئلة المستثمرين الأجانب طوال الفترة الماضية.
ولفت جلال إلى أن توقع سعر الدولار في الوقت الحالي أمر غير واقعي، كونه يؤمن أن حركة العرض والطلب هي المتحكم الوحيد خلال الفترة الحالية بعد قرار لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري.
تصريحات رئيس الحكومة
تحدث هشام عز العرب رئيس البنك التجاري الدولي عن تصريحات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الحكومة المصرية التي أكدت على تصحيح المسار الاقتصادي وتوجيهه رسالة إلى العالم الخارجي أن مصر لن تتخلى عن سداد ديونها.
ولفت عز العرب في تصريحات تليفزيونية، إلى أن الاستثمارات الأجنبية الأخيرة التي اتفقت عليها الحكومة المصرية، ستوفر سيولة نقدية للدولار، ما يمنح البنك المركزي قوة التدخل لضبط سوق صرف النقد الأجنبي في حال خروجه عن القيمة العادلة للعملات بحسب السعر العالمي.
وتابع رئيس البنك التجاري الدولي أن تقدير قيمة ديون مصر كان يصل قبل بضعة أشهر إلى 16% زيادة عن السعر العادل، وهو رقم مخيف، لكنه انخفض إلى 5% بمجرد صدور قرارات لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري، وهي طفرة في التقييم الائتماني للدولة، وسيرفع من النظرة المستقبلية الإيجابية للدولة في الأسواق الخارجية.
ولفت إلى أن المستثمرين كانوا يفكرون في الربح بالاستفادة من سعر السوق الموازية وفروق استثمار الدولار في الخارج، مؤكداً أن سعر الدولار في السوق السوداء قبل بضعة أسابيع وصل إلى 70 جنيهاً، لكنه تراجع إلى 50 جنيهاً بعد القرارات الأخيرة.
لجنة السياسة النقدية
وصل سعر الدولار في السوق السوداء بمصر «سوق الصرف الموازي» إلى 51.21 جنيه للشراء و50.7 جنيه للبيع، في حين بلغ متوسط سعر الصرف الرسمي للدولار في البنوك المصرية نحو 49.5 جنيه للشراء و49.6 جنيه للبيع مع إغلاق تداولات يوم الأربعاء.
التأثير جاء فورياً ومباشراً، حيث تقلصت الفجوة بين السوقين الرسمي والموازي إلى نحو 60 قرشاً بعدما وصلت في فترات ماضية إلى نحو 40 جنيهاً.
هبوط سعر السوق السوداء صاحبه توقف خدمات عدد من مواقع إعلان سعر السوق الموازي لبضعة ساعات، حيث سادت حالة من الارتباك لعدم القدرة على مجابهة سرعة ارتفاع سعر الدولار الرسمي في البنوك، قبل الانتظار حتى انتهاء ساعات العمل الرسمية للكشف عن السعر لدى تجار السوق الموازي.
ومن المنتظر أن تشهد الفترة المقبلة تحرك سعر الدولار في البنوك بشكل رسمي، بناء على حركة العرض والطلب، وتنافسية البنوك وبعضها في إتاحة العملات الأجنبية بأسعار متفاوتة تطمئن المستثمرين في ظل توافر السيولة النقدية.





