يستعد الأوروبيون لتجديد برلمانهم حيث سيُدعى 370 مليون أوروبي إلى مراكز الاقتراع خلال ثلاثة أشهر مع اقتراب استحقاق انتخابي آخر على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي قد يعيد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وهل سيؤثر شبح عودة الملياردير الأمريكي الذي لا يخفي ازدراءه للاتحاد الأوروبي وأولوياته، من دعم أوكرانيا في مواجهة روسيا إلى مكافحة تغير المناخ، في صناديق الاقتراع في الاتحاد الأوروبي بدوله ال27؟، فيما يتخوف البعض من صعود اليمين القومي والمشكك في أوروبا حسب ما تشير استطلاعات الرأي.
وتؤكد سوزي دينيسون المحللة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن «سيناريو ترامب» سيعود بعواقب وخيمة على المشروع الأوروبي لسنوات، مؤكدة أن العديد من الأولويات الأوروبية سيصبح تحقيقها «أصعب بكثير» لكنها تأسف لأن هذا السؤال لن يكون بالضرورة في قلب مناقشات الحملة الانتخابية للبرلمان الأوروبي.
وتشير استطلاعات الرأي بوضوح إلى صعود اليمين القومي والمشكك في أوروبا، مع وجود مجموعة واسعة من الفروق الدقيقة والمواقف في داخله حسب كل بلد. ويبدو حزب الشعب الأوروبي (يمين) في وضع جيد يسمح له بالاحتفاظ بموقعه كقوة سياسية كبرى، يليه الاشتراكيون والديمقراطيون. لكن المرتبة الثالثة تبقى أكثر غموضاً.
وتؤكد الاستطلاعات أن كتلة «أوروبا المتجددة» (وسطيون وليبراليون) التي تحتل هذا الموقع حالياً، قد تتفوق عليها مجموعة الهوية والديمقراطية (يمين متطرف). ويتوقع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن يحتل «الشعبويون المناهضون لأوروبا» المرتبة الأولى في تسع من الدول الأعضاء، بما في ذلك فرنسا والمجر وإيطاليا وهولندا.
وتقول رايتشل ريزو من الفرع الأوروبي للمجلس الأطلسي إن «هناك لغة مشتركة تتمحور حول تهديد الهجرة». وأضافت «لكن من الصعب تحديد التأثير الحقيقي لذلك على المستوى الأوروبي».
ويفترض أن يشكل الوضع الاقتصادي الحالي السيئ تربة خصبة للقوى المشككة في أوروبا. فعلى الرغم من أن المستهلكين بدأوا يلمسون تراجع التضخم، ليس من المتوقع حدوث أي تحسن اقتصادي قبل الانتخابات.
ويعتقد نحو ثلاثة من كل أربعة أوروبيين أن مستوى معيشتهم سينخفض هذا العام، ويؤكد واحد من كل اثنين تقريباً أن هذا المستوى انخفض بالفعل، حسب دراسة أجريت في كانون الأول/ديسمبر ل«يوروباروميتر» (استطلاعات للرأي تجرى منذ 1974 باسم المؤسسات الأوروبية بما فيها المفوضية).
وتوضح سوزي دينيسون«هناك عوامل مختلفة تهمّ الناخبين في مختلف البلدان الأوروبية لكن هناك عاملاً أساسياً واحداً في كل مكان هو الوضع الاقتصادي».
وتبقى معرفة إلى أي مدى سينجح دونالد ترامب الذي يعتبر في تجمعاته الانتخابية عدم شعبيته في أوروبا تقديراً له، في محاولته التأثير على المناقشة الأوروبية. ويؤشر اجتماع ترامب في فلوريدا الجمعة الماضي مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، المشاغب في القمم الأوروبية، والزعيم الوحيد في دول الاتحاد الذي يحافظ على علاقات وثيقة مع الكرملين، إلى نية الرئيس السابق أن يبقى المدمّر الأكبر للتعددية عموماً والاتحاد الأوروبي خصوصاً.
ويؤكد سيباستيان ميلار أن احتمال عودة ترامب» يثير القلق«داخل أوروبا، وهذا يصبّ في صالح الأحزاب الحاكمة، مرجحاً أنه«بقدر ما يزداد تهديد ترامب وبقدر ما تزداد تأثير روسيا، يتقلص الاستعداد للقفز إلى المجهول».
ويتابع أنه «في قضايا مثل السياسة الزراعية المشتركة، يجد اليمين المتطرف ضالته: بيروقراطية بروكسل، والمعايير المبالغ فيها (…) لكن عندما يتعلق الأمر بأوروبا في مواجهة بقية العالم، فإن الأمر مختلف تمامًا». (وكالات)