أقر مجلس النواب الأميركي مؤخراً حظراً على واردات اليورانيوم الروسي، ويجب أن يحصل المشروع على موافقة مجلس الشيوخ كي يصبح قانوناً، فهل تستطيع واشنطن التخلي عن المنتج الحيوي لموسكو؟
من شأن مشروع القانون الذي أقرَّه مجلس النواب في أواخر العام الماضي، أن يحظر على المفاعلات التجارية في الولايات المتحدة استخدام وقود اليورانيوم الروسي ابتداءً من 90 يوماً من إقراره قانوناً، ويتضمن التشريع أيضاً استثناء يسمح لوزارة الطاقة الموافقة على بعض الواردات حتى عام 2027 إذا وجد الوزير أنه لا يوجد «مصدر بديل قابل للتطبيق» لليورانيوم الروسي المستورد وأن الاستيراد «يصب في المصلحة الوطنية».
ويزود مشروع القانون هذا المحطات النووية بالقدرة على التحول عن الوقود الروسي دون إغلاق المحطات، ومع ذلك، هناك تخوفات من أن يؤدي الاستثناء إلى الالتفاف على الحظر.
كان الرئيس الأميركي جو بايدن وقَّع على مشروع قانون بالموافقة على تمويل أميركي بقيمة 2.7 مليار دولار لإنتاج الوقود المحلي هذا الشهر، وفقاً لرويترز.
وتشمل البرامج الممولة تخصيب وقود اليورانيوم مثل وقود اليورانيوم عالي التخصيب، الذي من المتوقع أن يستخدم في المحطات النووية عالية التقنية.
مدى اعتماد أميركا على اليورانيوم الروسي
بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، سارعت الولايات المتحدة إلى حظر واردات الغاز والنفط الروسيين، لكن واردات اليورانيوم منخفض التخصيب لا تزال مستمرة دون عوائق إلى حد كبير.
وتعتبر أميركا مستهلكاً رئيسياً لليورانيوم المنخفض التخصيب، فتعتمد الولايات المتحدة على الطاقة النووية في ما يزيد قليلاً على 18 في المئة من احتياجاتها من الكهرباء، ووفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، حصل مشغلو المفاعلات التجارية الأميركية على 24 في المئة من خدمات التخصيب من روسيا في عام 2022.
والواقع أن روسيا تهيمن على سوق التخصيب العالمية، إذ تمثل ما يقرب من 42 في المئة من القدرة العالمية، وتدفع أميركا وحلفاؤها مبالغ ضخمة ثمناً لهذا الاعتماد، ففي عام 2022، أرسلت الشركات الأميركية أكثر من 850 مليون دولار إلى روسيا مقابل خدمات الوقود النووي، وبإضافة الحلفاء الأوروبيين يرتفع هذا المبلغ إلى 1.7 مليار دولار.
ووفقاً لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية EIA تعد روسيا حالياً أكبر مورد أجنبي لوقود الطاقة النووية لواشنطن، وفي عام 2022 زودت روسيا الولايات المتحدة بما يقرب من ربع اليورانيوم المخصب المستخدم لتزويد أسطولها، المكون من أكثر من 90 مفاعلاً تجارياً.
ويستورد معظم اليورانيوم المتبقي من الدول الأوروبية، في حين ينتج جزء آخر من قبل كونسورتيوم بريطاني هولندي ألماني يعمل في الولايات المتحدة يُسمى يورينكو.
وعلى نحو مماثل، تعتمد نحو اثنتي عشرة دولة في مختلف أنحاء العالم على روسيا للحصول على أكثر من نصف احتياجاتها من اليورانيوم المخصب، والعديد منها أعضاء في حلف شمال الأطلسي وحلفاء لأوكرانيا.
يعود الاعتماد على الوقود الروسي إلى تسعينيات القرن الماضي عندما ابتعدت الولايات المتحدة عن قدرات التخصيب الخاصة بها لصالح استخدام مخزون اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة من الحقبة السوفيتية.
وكجزء من مشروع قانون حظر اليورانيوم الجديد، تخطط إدارة بايدن لتخصيص 2.7 مليار دولار لتوسيع منشآت تخصيب اليورانيوم في الولايات المتحدة.
قالت وزارة الطاقة الأميركية إن التمويل الأميركي الجديد لتعزيز إنتاج الوقود النووي المحلي يعد خطوة تاريخية، لكن يجب على مستهلكي الطاقة النووية في العالم أيضاً تغيير سلاسل التوريد لتحقيق هدف تخفيف قبضة روسيا على الصناعة.
وفي مؤتمر المناخ الثامن والعشرين لمؤتمر الأطراف، تعهدت الولايات المتحدة إلى جانب اليابان وفرنسا وكندا والمملكة المتحدة بجمع 4.2 مليار دولار من التمويل الحكومي للطاقة النووية.
وقالت كاثرين هوف، مساعدة وزير الخارجية للشؤون النووية في وزارة الطاقة، لرويترز في قمة نووية في بروكسل، إن الدول حاولت بشكل مشترك تحديد حجم الاستثمار المطلوب من الحكومات لدعم سلسلة توريد الوقود.
وتابعت «إن مبلغ 2.7 مليار دولار هو الجزء الأميركي من تلك المساهمة… إنها خطوة تاريخية في سلسلة إمدادات الوقود، لكننا بالطبع نرى فرصة للمُضي قُدُماً».
وأضافت هوف أن نجاح تحويل سلاسل التوريد سيتوقف أيضاً على انتقال الدول الأخرى إلى هذه «المصادر الموثوقة بدلاً من المصادر التي يمكن أن تؤثر على العرض ضدها، مثل روسيا».