تترقب الأوساط السياسية ما يمكن أن تسفر عنه مفاوضات الهدنة وصفقة تبادل الأسرى في قطاع غزة، التي استؤنفت أمس الأحد، في القاهرة، مع وصول رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وليام بيرنز، ورئيس الموساد الإسرائيلي ديفيد برنيع، ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إضافة إلى رئيس المخابرات العامة عباس كامل وسط توقعات بالخروج بتوافقات حاسمة.
وقالت مصادر متطابقة وإعلام إسرائيلي إن الولايات المتحدة تتولى قيادة جولة المفاوضات الحالية وتمارس ضغوطاً هائلة لإبرام الصفقة، مشيرة إلى أن جميع الأطراف تظهر مرونة أكبر من ذي قبل في هذه المفاوضات. ورجّحت مصادر مصرية رفيعة المستوى أن تنجح الجولة الراهنة للمحادثات التي يقودها الوسطاء في القاهرة، بالتوصل إلى اتفاق «هدنة إنسانية» ووقف إطلاق نار مؤقت في قطاع غزة خلال أيام عيد الفطر، معتبرة أن «الاتفاق يقترب بقوة، ومن الممكن أن يجري الإعلان من القاهرة». وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس الأحد، خلال اجتماعه في القاهرة مع ويليام بيرنز، بحضور اللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة، خطورة الأوضاع في قطاع غزة التي تصل إلى حد المجاعة، وبحثا «الجهود المصرية القطرية الأمريكية المشتركة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة»، في وقت دعت فيه بريطانيا وأيرلندا إلى وقف الحرب. وشدد السيسي على خطورة الأوضاع الإنسانية التي تصل إلى حد «المجاعة» في القطاع، واتفق مع المسؤول الأمريكي «على ضرورة حماية المدنيين وخطورة التصعيد العسكري في مدينة رفح الفلسطينية، وكذلك الرفض التام لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم».
ومن جانبه، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال اتصال هاتفي مع وزير خارجية النرويج إسبن بارث إيدي على ضرورة فتح جميع المعابر البرية بين إسرائيل وقطاع غزة لزيادة تدفق المساعدات. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد: «تلقى سامح شكري وزير الخارجية اتصالاً هاتفياً من إسبن بارث إيدي وزير خارجية مملكة النرويج تناول الأوضاع في غزة، والجهود اللازمة لاحتواء الأزمة الإنسانية في القطاع». وأشار إلى أن الوزيرين تناولا الجهود الدولية المبذولة لوقف الحرب الدائرة في قطاع غزة، والتحركات الهادفة إلى توسيع قاعدة الدول الراغبة في الاعتراف بالدولة الفلسطينية ومعايير إحياء عملية السلام.
من جهة أخرى، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون في مقال صحفي أمس الأحد إن دعم بريطانيا لإسرائيل يعتمد على التزامها بالقانون الإنساني الدولي، وذلك بعد أيام من غارة جوية إسرائيلية أسفرت عن مقتل سبعة من موظفي الإغاثة بينهم ثلاثة بريطانيين. وكتب كاميرون في صحيفة صنداي تايمز «لا نقدم دعماً غير مشروط… نتوقع من بلد ديمقراطي ناجح أن يلتزم بالقانون الإنساني الدولي، حتى عندما يواجه تحديات». وحذر كاميرون أمس الأحد من خطر المجاعة الجماعية ما لم تسمح إسرائيل بدخول المزيد من المساعدات.
وفي بيان صدر أمس الأحد بالتزامن مع مرور ستة أشهر على اندلاع الحرب، قال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إنّ المملكة المتّحدة «مصدومة من حمام الدم» في غزة و«هذه الحرب الرهيبة يجب أن تنتهي». وأعلنت الحكومة البريطانية، أمس الأحد إيفاد سفينة تابعة للقوّات البحرية الملكية لإيصال مساعدات إلى غزة عبر الممرّ الإنساني من قبرص. وقال وزير الدفاع غرانت شابس في بيان إن السفينة «في طريقها إلى شرق البحر المتوسط بغية دعم الجهود الدولية لتوصيل مساعدات حيوية إلى غزة». وتعهّدت وزارة الخارجية ب«تقديم مبلغ قد يصل إلى 9,7 ملايين جنيه إسترليني (11,30 مليون يورو) لإيصال المساعدات وتوفير الخبرات اللوجستية وتزويد الممرّ الإنساني بعربات رافعة ووحدات تخزين».
ومن جانبه، دعا سيمون هاريس الذي من المرتقب أن يعيّن غداً الثلاثاء رسمياً رئيساً للوزراء في أيرلندا إلى «وقف إطلاق نار فوري» في غزة، معرباً في تصريحات إعلامية عن نية بلاده الاضطلاع بدور في مسار سياسي يقوم على حلّ الدولتين.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الأسترالية أن كانبيرا ستعين مستشاراً خاصاً مكلفاً للعمل مع إسرائيل بهدف ضمان «الشفافية» في التحقيق بشأن مقتل سبعة من العاملين الإنسانيين، بينهم أسترالية، بضربة جوية من مسيّرة إسرائيلية في قطاع غزة، وفق ما أعلنت وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونغ. وقالت وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونغ للصحفيين إن المعلومات التي وفّرتها إسرائيل بشأن مقتل العاملة الأسترالية غير كافية، وأن كانبيرا ترغب في تعيين شخص «مؤهل» للإشراف على التحقيقات. وكان مؤسس «وورلد سنترال كيتشن» خوسيه أندريس أشار أمس الأحد إلى تحقيق مستقل في الضربة الإسرائيلية التي أسفرت عن قتل سبعة عمّال في منظّمته في غزة، وحذّر من أن النزاع تحوّل إلى «حرب ضد الإنسانية في ذاتها».
(وكالات)