«الخليج» – وكالات
تعهّد الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول بـإجراء «إصلاحات»، الخميس، بعد انتخابات تشريعية كانت كارثية لحزبه المحافظ، وعزّزت موقع المعارضة في البرلمان.
وذكرت وسائل إعلام محلية، أن زعيم حزب «قوة الشعب» الحاكم هان دونغ-هون ورئيس الوزراء هان دوك-سو ومجموعة من كبار مساعدي الرئيس قدّموا استقالتهم.
وقال يون: «سأحترم بكل تواضع إرادة الشعب التي تم التعبير عنها في الانتخابات العامة، وأقوم بإصلاح شؤون الدولة وبذل قصارى جهدي لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد ومعيشة الناس»، وفق ما نقل عنه رئيس مكتبه لي كوان في لقاء مع الصحافة.
وأظهرت النتائج النهائية التي نشرتها اللجنة الانتخابية الوطنية، فوز أكبر أحزاب المعارضة في كوريا الجنوبية في هذه الانتخابات التشريعية، ما شكّل ضربة قاصمة لحزب الرئيس المحافظ.
وبحسب النتائج النهائية، تراجع عدد المقاعد التي يحظى بها حزب الرئيس يون وحليفه في البرلمان من 114 إلى 108، في حين ارتفع عدد مقاعد «الحزب الديمقراطي» بزعامة لي جاي-ميونغ وحلفائه من 156 إلى 174.
واستفاد حزب «إعادة بناء كوريا» الذي تأسس حديثاً بقيادة وزير العدل السابق تشو كوك الملاحق بتهم فساد ينفيها من التبرّم السائد إزاء الحزبين الرئيسيين للحصول على 12 مقعداً.
ومع ذلك، لم تتمكّن المعارضة من تحقيق الفوز الساحق الذي أشارت إليه استطلاعات الرأي، إذ فشلت جميع أحزاب المعارضة مجتمعة في الحصول على الأغلبية العظمى البالغة 200 مقعد في الجمعية الوطنية المكونة من 300 مقعد.
وصرّح شين يول الأستاذ المحاضر في العلوم السياسية في جامعة ميونغجي، بأن «المواجهة بين يون والمعارضة ستصبح أكثر احتداماً خلال الولاية التشريعية المقبلة، خصوصاً في ظلّ انتخاب مرشّحين يعتمدون موقفاً صارماً جدّاً من حكومته».
«الشعب انتصر»
وقال تشو بعد التصويت، إن «الشعب انتصر وبات عزمه على محاسبة يون سوك يول يتجلّى بوضوح»، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية.
ورأى المحلّل السياسي يوم سيونغ-يول، أن «أرقام اليوم تظهر غضب الناس الشديد إزاء يون بعد عامين من حكمه».
وأضاف لوكالة فرانس برس: «ماذا لو لم يتغير، حتى مع هذه النتيجة الواضحة في الانتخابات؟ أعتقد أن غضب الشعب سيزداد، وهذا ما يثير قلقي».
فاز يون بفارق ضئيل في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في عام 2022 أمام منافسه لي، واتبع سياسة حازمة تجاه كوريا الشمالية، مع تعزيز تحالف بلاده مع الولايات المتحدة والتقرّب من اليابان، القوة الاستعمارية السابقة التي تكثر الخلافات التاريخية معها.
ويعرقل عدم فوز حزبه بأغلبية برلمانية تنفيذ مشروعه السياسي اليميني. ومنذ بداية ولايته، لم تسجل شعبيته أيّ ارتفاع وهي تقارب على الدوام 30 في المئة.
والآن بات لي جاي ميونغ، الذي يواجه تحقيقات بالفساد، يعتبر أن دوافعها سياسية، يحظى برد اعتبار بعد حملة انتخابية شديدة الاستقطاب تمحورت حول استياء الناخبين.
ونتيجة الانتخابات تجعله في وضع جيد لخوض الانتخابات الرئاسية مجدداً في 2027، وهذا ما ينوي فعله باعتقاد الجميع.
ونقلت وسائل إعلام محلية عنه قوله بعد التصويت «سأرى اختيار الشعب بقلب متواضع».
في الجمعية الوطنية بسيؤول، حيث تجمع النواب ومسؤولون آخرون الأربعاء ليلة الانتخابات، ساد الحزن بين صفوف حزب «قوة الشعب» ودوى التصفيق وصيحات الفرح من جانب الديمقراطيين.
وكانت التركيبة السكانية تصبّ في صالح يون، إذ غلب عدد الناخبين الذين تزيد أعمارهم على ستين عاماً ويعرف بأنهم أكثر محافظة، على الذين هم في العشرينات أو الثلاثينات من أعمارهم.
«خيبة أمل»
واعتبر كيم يونغ-هو (24 عاماً)، وهو مالك شركة، عند خروجه من مركز اقتراع في منطقة غوانغجين في سيؤول، أن «الناس من حولي أقل اهتماماً بهذه الانتخابات مقارنة بالمرة السابقة، وأعتقد أن السبب في ذلك يعود إلى شعورهم بخيبة أمل نوعاً ما».
ويرى محللون أن الحملة الانتخابية تمحورت حول تأجيج استياء الناخبين أكثر من اقتراح سياسات كبرى، ووعد حزب «قوة الشعب» بـ«سجن» لي وتشو، في حين تعهد «الحزب الديمقراطي» بـ«معاقبة» الرئيس على ما وصفه بسوء الإدارة.
كما أدّت سلسلة من العوامل إلى تنفير الناخبين، منها خطاب الكراهية والمعلومات المضللة على الإنترنت التي يخشى الخبراء من أنها قد تؤدي إلى المزيد من الاعتداءات الجسدية، مثل تلك التي تعرض لها لي في كانون الثاني/ يناير.
وقالت كيم دو كيونغ (47 عاماً)، وهي ناشطة في مجال الدفاع عن النساء المهاجرات وأطفالهن «أشعر بالخجل حقاً من سياسة بلدنا وحكومته».