في وقت تقلب فيه إسرائيل خياراتها للرد على الهجوم الإيراني عليها، انتقاماً لاستهداف قنصليتها في دمشق، تتوالى الدعوات للتهدئة وسط تحذيرات جديدة من انزلاق الأوضاع إلى حرب إقليمية، في حين طالب اجتماع استثنائي لوزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بخفض التصعيد في المنطقة بشكل فوري، ودعا إلى مؤتمر دولي تشارك فيه جميع الأطراف المعنية لمناقشة كافة المواضيع المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إنه «لا المنطقة ولا العالم يستطيعان تحمل نشوب حرب أخرى»، حاضاً خلال اجتماع مجلس الأمن الليلة قبل الماضية، على ممارسة «أقصى درجات ضبط النفس». وشدّد غوتيريش على أن «منطقة الشرق الأوسط على حافة الهاوية وشعوبها تواجه خطراً حقيقياً بنشوب صراع شامل»، مؤكداً أن «الوقت حان لتهدئة التوترات وممارسة أقصى درجات ضبط النفس والتراجع عن حافة الهاوية».
وخلال الجلسة، تبادلت إسرائيل وإيران الاتهامات بتهديد الاستقرار في الشرق الأوسط، ودعا كل من الطرفين مجلس الأمن إلى فرض عقوبات على الطرف الآخر. وقال سفير طهران لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إرافاني، إن «مجلس الأمن فشل في تأدية واجبه بالحفاظ على السلم والأمن الدوليين»، من خلال عدم إدانته الضربة التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق، مشيراً إلى أنه «في ظل هذه الظروف، لم يكن أمام إيران خيار آخر سوى ممارسة حقها في الدفاع عن النفس». وأكد أن طهران لا تريد التصعيد، لكنها سترد على «أي تهديد».
من جهة أخرى، وفي ختام اجتماع جديد لمجلس الحرب الإسرائيلي، استدعى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قادة المعارضة لإحاطة أمنية بشأن الرد على الهجوم الإيراني. ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين أمريكيين وغربيين، أن إسرائيل قد ترد على الهجوم الإيراني خلال ساعات؛ وبحسب تقديرات مصادر الصحيفة، فإن «الرد سيكون سريعاً»؛ يأتي ذلك بالتزامن مع استدعاء رئيس الحكومة الإسرائيلية، قادة المعارضة، لإحاطة أمنية في مقر وزارة الأمن قي تل أبيب. غير أن زعيم المعارضة يائير لابيد اتهم حكومة نتنياهو بالتسبب في تقويض «الردع الإسرائيلي» في أعقاب الهجوم الإيراني. وأضاف لابيد أن نتنياهو، جلب «أكواماً من الدمار من بئيري إلى كريات شمونة» داعياً إلى إجراء انتخابات مبكرة.
إلى ذلك، دعا زعماء أوروبيون إلى «المساهمة في خفض التصعيد» وضبط النفس بعد الهجوم الإيراني. وحذر السفير الروسي لدى إسرائيل أناتولي فيكتوروف من حرب كبرى في الشرق الأوسط، إن ردت إسرائيل على الهجوم الإيراني بمبدأ «العين بالعين». وقال فيكتوروف، في تصريحات لقناة «روسيا 24»: «إذا تطور الوضع الآن يمكن أن ينجر الشرق الأوسط إلى حرب إقليمية كبيرة».
على صعيد آخر، دعا المجلس الوزاري لوزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في اجتماعه الاستثنائي الرابع والأربعين الذي عقد بمقر سفارة قطر في طشقند، أمس الاثنين، على هامش الاجتماع الوزاري المشترك بين مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى، إلى مؤتمر دولي تشارك فيه جميع الأطراف المعنية لمناقشة كافة المواضيع المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والتوصل إلى حل يقوم على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية. وعقد الاجتماع في مقر سفارة قطر في العاصمة الأوزبكية طشقند،على هامش الاجتماع الوزاري المشترك بين مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى، وترأسه محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، بصفته رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري، وبمشاركة الأمين العام لمجلس التعاون، جاسم البديوي. وترأس سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي وزير الطاقة والبنية التحتية وفد دولة الإمارات المشارك في الاجتماع.
وأعرب المجلس في بيان عن قلقه البالغ جراء التطورات الأخيرة شديدة الخطورة للتصعيد العسكري في منطقة الشرق الأوسط، وتأثيرها السلبي في الأمن الإقليمي واستقراره، مشدداً على أهمية خفض التصعيد وبشكل فوري للمحافظة على أمن واستقرار المنطقة، وضرورة بذل الأطراف كافة جهوداً مشتركة واتخاذ نهج الدبلوماسية سبيلاً فعالاً لتسوية النزاعات، والتحلي بأقصى درجات ضبط النفس، وتجنيب المنطقة وشعوبها مخاطر الحروب. وأكد المجلس موقف مجلس التعاون الثابت بشأن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مطالباً بالوقف الفوري لإطلاق النار والعمليات العسكرية الإسرائيلية، وضمان توفير وصول كافة المساعدات الإنسانية والإغاثية والاحتياجات الأساسية، وضرورة عمل خطوط الكهرباء والمياه والسماح بدخول الوقود والغذاء والدواء لسكان غزة، مشدداً على ضرورة تبني المجتمع الدولي لسياسات وتدابير فعالة للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار لما لاستمرار هذا العدوان من تداعيات على أمن واستقرار المنطقة برمتها واستمرار التوترات فيها. (وكالات)