«الخليج» – وكالات
في ظلال قسوة الحرب واستمرار القصف الإسرائيلي على غزة وزخات الرصاص ودانات المدافع الفتاكة وأزيز الطائرات الهدامة وكل مشاهد الدماء يركن النازحون الغزيون ظهورهم المتكسرة من إثر الحرب إلى شاطئ غزة، المتنفس الوحيد الباقي في المدينة، سعياً لنسيم يداوي أصوات الحرب ورائحة برودها وشدة حرها.
في ظل ارتفاع درجات الحرارة في دير البلح في قطاع غزة يلجأ ناجي أبو وسيم وأسرته للهرب إلى البحر وقضاء بعض الوقت بعيداً عن خيم النزوح بعد أكثر من ستة أشهر من حرب مدمّرة متواصلة.
ووصل الآلاف الأربعاء إلى شاطئ بحر دير البلح في وسط قطاع غزة، بعضهم نزل إلى البحر للسباحة، فيما فضل آخرون البقاء على الشاطئ، واصطحب أحدهم حصاناً ركبوه، وأمكن رؤية جمل مع شبان آخرين.
وقال أبو وسيم للوكالة الفرنسية للأنباء: «البحر متنفسنا الوحيد، أمضيت مع أسرتي ست ساعات على البحر، الأطفال كانوا فرحين».
وأضاف: «هذا هدفنا الأول أن نخرجهم من (أجواء) الدمار والقتل والحرب، رغم أنهم يسمعون انفجارات في كل لحظة والطائرات تجوب الأجواء»، وتابع: «إن شاء الله تنتهي هذه الحرب ونرجع إلى مدينة غزة حتى لو على الركام».
أما محمود الخطيب (28 عاماً) النازح من مدينة غزة إلى منطقة الزوايدة قرب دير البلح، فوصف الخيمة بأنها «مثل الفرن»، في إشارة إلى الحر الشديد.
وأضاف، «اليوم كانت فرصة أمامنا أن نتوجه إلى البحر بسبب الحرارة المرتفعة، اصطحبت زوجتي وأولادي… أفضل من الخيمة».
وتخوّف من فصل الصيف القادم. «نحن مقبلون على فصل صيف حار. درجات الحرارة تقتلنا إلى جانب الحرب. ليس أمامنا سوى شاطئ البحر».
واستدرك، «يكفي سبعة شهور من الحرب، لم يبقَ شيء، لا بيوت ولا مال ولا بنية تحتية، لا شكل للحياة، كل شيء معدوم».
ورصدت عدسة وكالة فرانس برس أطفالاً يلهون على الشاطئ، وآخرين على الرمال، بينما كانت نسوة محجبات يلتقطن الصور.
علبة سردين»
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، قتل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 33899 غزياً، أكثر من 70 في المئة منهم من النساء والأطفال.
واندلعت الحرب عقب هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على غلاف القطاع، وأدى إلى مقتل 1170 شخصاً، حسب مصادر إسرائيلية رسمية، وخطف أكثر من 250 شخصاً ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، توفي 34 منهم وفقاً لمسؤولين إسرائيليين.
ومن بين الذين هربوا إلى البحر، يونس أبو رمضان الذي اصطحب زوجته وأولاده، وقال للوكالة الفرنسية: «لا مفرّ أمامنا سوى التوجه إلى البحر، حاولنا أن ننسى ما نحن فيه لكن الظرف صعب، إطلاق النار والقصف في كل مكان».
وأضاف أبو رمضان الذي نزح مع عائلته المؤلفة من عشرين شخصاً بينهم أطفال من حي النصر في شمال قطاع غزة إلى دير البلح: «نعيش في خوف ورعب، ونتمنى أن نعود إلى بيوتنا في غزة».
أما زوجته أم رمضان فقالت، إن خيم النزوح «مثل علبة السردين، تكدّس وازدحام، لا نعرف الراحة ولا الهدوء، الطيران من جانب وقلق الأطفال من جهة ثانية».
وأضافت، «البحر متنفسنا… شاهدنا كل الناس الموجودين في الخيم، وقد نزلوا إلى البحر مثلنا؛ لأن الجو حار جداً».
ولم تخفِ السيدة خوفها من القصف الإسرائيلي. وتقول: «نحن خائفون أن يتم قصفنا من البحر أيضاً، الزوارق (الحربية الإسرائيلية) قريبة من الشاطئ، لكن الله سلمنا، ونأمل أن تنتهي الحرب ونعود إلى منازلنا».