التضخم والإبقاء على أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول هما أكبر خطر يهدد الاستقرار المالي الأميركي، وفقاً لأحدث مسح أجراه مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) لآراء الخبراء بشأن أداء الاقتصاد الأميركي.
وأشار المسح أيضاً إلى أن المشكلات الجيوسياسية والانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 تأتي كتهديدات محتملة للاستقرار المالي في البلاد.
وقال المجلس يوم الجمعة إن المسح نصف السنوي الذي شمل 25 مشاركاً من خبراء السوق والأكاديميين أشار إلى عدد من نقاط الضعف التي تهدد الاستقرار الاقتصادي في الولايات المتحدة، ومن بينها السياسات التجارية والقضايا المرتبطة بالسياسة الخارجية خاصة فيما يتعلق بتصاعد التوترات الجيوسياسية.
وحذَّر المجلس أيضاً من حالة الضبابية المتعلقة بنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية المرتقبة في نوفمبر تشرين الثاني هذا العام، والتي ستحسم الفوز لأحد المرشحين الرئيسيين: المرشح الديمقراطي والرئيس الحالي جو بايدن ومنافسه الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترامب، نظراً للتباين الكبير بين أجندتي المرشحين.
وتم تضمين نتائج الاستطلاع كجزء من أحدث تقرير للاستقرار المالي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، والذي ينظر في العديد من جوانب الاقتصاد -مثل حجم السيولة النقدية والاستعداد للمخاطرة الاستثمارية- بهدف تحديد نقاط الاضطرابات المحتملة.
أعنف جولة من تشديد السياسة النقدية
ويأتي التقرير بعد أكثر من عامين من إطلاق بنك الاحتياطي الفيدرالي لأعنف جولة من تشديد السياسة النقدية منذ ثمانينيات القرن العشرين، والتي رفع خلالها أسعار الفائدة 11 مرة لتصل إلى أعلى معدلاتها منذ أكثر من 20 عاماً في محاولة لترويض التضخم، وهي خطوة كان من المتوقع أن تدفع الاقتصاد إلى الركود وتفاقم الضغوط في القطاع المالي.
وعلى الرغم من بقاء تكاليف الاقتراض عند أعلى مستوياتها منذ ربع قرن فإن التقرير الأخير يٌظهر أن معركة الاحتياطي الفيدرالي ضد التضخم لم ينتهِ عنها مخاطر واسعة النطاق على النظام المالي.
ويرى مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي نمو الاقتصاد الأميركي بحاجة إلى التباطؤ حتى يعود التضخم إلى الحد المستهدف البالغ 2 في المئة، لكن المؤشرات الاقتصادية العامة تشير لصعوبة تحقيق ذلك قريباً في ظل انتعاش الإنفاق الاستهلاكي، وقوة الميزانيات العمومية للشركات، واستقرار البنوك، وعدم وجود فقاعات وشيكة أو تهديدات أخرى تؤدي للتباطؤ الاقتصادي.
فقوة الأداء الاقتصادي في الولايات المتحدة حالياً تؤكد أن الإجراءات المالية والنقدية التقليدية أصبحت غير كافية للسيطرة على النمو والتضخم، فالنظام الاقتصادي الأميركي مستقر إلى حدٍّ كبير رغم وجود بعض النقاط المثيرة للقلق مثل انخفاض قيمة العقارات التجارية وارتفاع حجم السيولة لدى بعض صناديق التحوط الكبرى.
وتم إجراء الاستطلاع في مارس آذار الماضي، في وقت تزداد فيه الشكوك بشأن خفض الفائدة الأميركية قريباً مع استمرار إلحاح الضغوط التضخمية.
وبالإضافة للتضخم وارتفاع الفائدة، أشار التقرير إلى أن التوترات الجيوسياسية المتمثلة في الحرب الروسية الأوكرانية والصراع المتنامي في الشرق الأوسط يمثل ثاني أكبر تهديد للاستقرار المالي بالولايات المتحدة.