دان الرئيس الأمريكي جو بايدن التحركات «المعادية للسامية» في الجامعات الأمريكية، مع تواصل احتجاج في جامعة كولومبيا لليوم الخامس على التوالي، يطالب المشاركون فيه بقطع الصلات بين المؤسسة المرموقة وإسرائيل على خلفية الحرب المستمرة في قطاع غزة.
ونصب طلاب الخيم داخل حرم الجامعة الواقعة في مدينة نيويورك والمرتبطة ببرنامج تبادل مع جامعة تل أبيب، مطالبين بمقاطعة كل النشاطات المتعلقة بإسرائيل في ظل الحرب بينها وبين حركة حماس المستمرة في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
وقال بايدن في بيان الأحد، عشية بدء عيد الفصح اليهودي ليل الاثنين: «في الأيام الأخيرة، رأينا مضايقات ودعوات للعنف ضد اليهود. معاداة السامية الصارخة هذه مستهجنة وخطرة، ولا مكان لها على الإطلاق في حرم الجامعات، ولا في أي مكان آخر في بلادنا».
وشكّلت الجامعات في الولايات المتحدة ميداناً رئيسياً للنقاش والتحركات على خلفية الحرب والأزمة الإنسانية الكارثية في القطاع الفلسطيني، خصوصاً في ظل الدعم السياسي والعسكري من الولايات المتحدة لحليفتها إسرائيل.
وقوبلت النشاطات الداعمة للفلسطينيين في جامعات عدة، خصوصاً المرموقة منها مثل هارفارد وكولومبيا، بتحذيرات من تنامي التحركات المعادية للسامية، لاسيما وأنّ العديد من الجامعات الكبرى في البلاد تعتمد بشكل رئيسي على دعم مالي من منظمات ومتمّولين من اليهود.
ونقلت شبكة «سي إن إن» الأمريكية عن حاخام مرتبط بإحدى المجموعات الطلابية لليهود المتشددين في كولومبيا أنّه أوصى «بشدة» الطلاب اليهود بعدم التوجه إلى حرم الجامعة.
وأشارت إلى أنّ الحاخام إيلاي بوشلر قال في رسالة موجّهة إلى نحو 300 طالب: إنّ الأحداث الأخيرة «أظهرت بوضوح أنّ قسم السلامة العامة في كولومبيا وشرطة نيويورك غير قادرين على ضمان أمن الطلاب اليهود».
من جهتها، حضّت منظمة «هيلل» اليهودية في الجامعة عبر منصة «إكس»، الطلاب اليهود على عدم ترك الحرم، لكنها رأت أنّ على إدارة كولومبيا «القيام بالمزيد لضمان سلامة طلابنا».
وأوردت صحيفة «كولومبيا سبكتايتور» الطلابية الجامعية أنّ «مجموعة من نحو 10 أشخاص مؤيدين لإسرائيل كانوا يقومون باحتجاج مضاد، تعرضوا لحالات من معاداة السامية» داخل الحرم الجامعي ليل السبت «بحسب مقابلات أجريت مع الطلاب وأشرطة فيديو».
واستمرت التحركات في الجامعة الأحد لليوم الخامس على التوالي.
وكانت لقطات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي الجمعة، أظهرت عدداً من الطلاب اليهود والمسلمين المؤيدين للفلسطينيين، وهم يؤدون الصلاة في ما بات يعرف بـ «مخيم التضامن مع غزة».
وبلغ التوتر مستوى مرتفعاً في الجامعة الخميس، مع توقيف 108 من الطلاب المحتجين بعدما طلبت رئيسة الجامعة نعمت شفيق تدخّل الشرطة لتفريق جموع المحتجين، متهمةً إياهم بمخالفة قواعد السلامة والأمن داخل الحرم الجامعي.
وقال رئيس دوريات شرطة نيويورك جون شيل للصحفيين: إنّ «الطلاب الذين تمّ توقيفهم كانوا سلميّين ولم يقاوموا (الشرطة) بأي شكل من الأشكال وكرروا أنّهم يريدون إبقاء الوضع سلمياً».
وأكّد عدم وقوع «حوادث» خلال الاحتجاج، مشيراً إلى أنّ مجموعة أخرى تجمعت وبدأت بإطلاق إهانات لأفراد الشرطة.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أنّ ابنة النائبة الديموقراطية إلهان عمر هي من الطلاب الذين تم توقيفهم، وصدر أمر استدعاء لهم للمثول أمام المحكمة.
وأبدى رئيس بلدية نيويورك إريك آدامر الأحد شعوره بـ «الرعب والاشمئزاز» من التقارير عن معاداة السامية في الجامعة، مؤكّداً أنّ الشرطة «لن تتردد في توقيف كل من يتبيّن أنّه يقوم بمخالفة القانون».
لكنه شدّد على أنّ «جامعة كولومبيا هي مؤسسة تعليمية خاصة مقامة على أراضٍ خاصة، ما يعني أنّ شرطة نيويورك لا يمكنها الوجود ضمن حرمها ما لم يتمّ طلب ذلك من قبل مسؤولي الجامعة».
واستمع الكونغرس إلى رئيسة الجامعة نعمت شفيق الأربعاء، وهو اليوم الذي نصب فيه الطلاب المؤيدون للفلسطينيين خيامهم. وأكّدت رئيسة الجامعة، وهي مصرية الأصل، أنّ «معاداة السامية لا مكان لها في حرمنا الجامعي».
ومنذ بداية النزاع بين إسرائيل وحماس، شهدت الجامعات الأمريكية توتراً قابله تنديد بـ «معاداة السامية».
وكانت للتحركات المرتبطة بالحرب في غزة، انعكاسات على الجامعات الأمريكية. فبعد جلسة استماع ساخنة في الكونغرس، استقالت رئيسة جامعة بنسلفانيا إليزابيث ماغيل، ثم نظيرتها في جامعة هارفارد كلودين جاي، في كانون الأول/ ديسمبر وكانون الثاني/ يناير على التوالي.