أعلنت مصر، أمس الأحد، اعتزامها التدخل رسمياً، لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، للنظر في انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة، فيما أشاد مجلس حكماء المسلمين برفض الإمارات دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي لها بالمشاركة في إدارة مدنية لقطاع غزة، في وقت جدد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، دعوته إلى «وقف فوري لإطلاق النار» في قطاع غزة، بينما اعتبر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أن إسرائيل ليست لديها «خطة ذات مصداقية» لحماية المدنيين في رفح، في حين تعهدت جهات مانحة بتقديم أكثر من ملياري دولار لدعم غزة خلال مؤتمر للمانحين في الكويت.
وأوضحت مصر، في بيان أصدرته وزارة الخارجية، أن التقدم بإعلان التدخل في الدعوى المشار إليها يأتي في ظل تفاقم حدة ونطاق الاعتداءات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، والإمعان في اقتراف ممارسات ممنهجة ضد أبناء الشعب الفلسطيني من استهداف مباشر للمدنيين وتدمير البنية التحتية في القطاع، ودفع الفلسطينيين للنزوح والتهجير خارج أرضهم. وطالبت مصر إسرائيل بالامتثال لالتزاماتها باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، وتنفيذها للتدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية التي تطالب بضمان نفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية على نحو كافٍ يلبي احتياجات الفلسطينيين في قطاع غزة، وعدم اقتراف القوات الإسرائيلية لأية انتهاكات ضد الشعب الفلسطيني، باعتباره شعب يتمتع بالحماية وفقاً لاتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية.
وأشاد مجلس حكماء المسلمين، برئاسة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، بالموقف المشرف لدولة الإمارات العربية المتحدة تجاه القضية الفلسطينية، ورفضها تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الداعية لمشاركة دولة الإمارات في إدارة مدنية لقطاع غزة. وأكد مجلس حكماء المسلمين، في بيان أصدره أمس الأحد، تأييده الكامل لموقف دولة الإمارات الشجاع من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يتمتع بأي صفة شرعية تخوّله اتخاذ هذه الخطوة، ورفض الانجرار خلف أي مخطط يرمي لتوفير الغطاء للوجود الإسرائيلي في قطاع غزة.
وكانت القناة السابعة في التلفزيون الإسرائيلي ذكرت أن مصر وقطر رفضتا عرضاً إسرائيلياً لإدارة مشتركة مع تل أبيب لقطاع غزة. وأضافت القناة أن القاهرة والدوحة، أبلغتا الولايات المتحدة أنهما تعارضان استمرار إسرائيل في حكم قطاع غزة في اليوم التالي للحرب، بأي شكل من الأشكال. كما ذكرت هيئة البث العام الإسرائيلية «كان 11»، أن تقديرات الحكومة الإسرائيلية تشير إلى أن محكمة العدل الدولية في لاهاي، ستصدر أمراً بوقف العمليات القتالية في قطاع غزة، على خلفية نظرها في الدعوى التي قدمتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، وتتهمها بشن حرب إبادة جماعية على الفلسطينيين، لافتة إلى أن الحكومة الإسرائيلية تخوض «معركة» دبلوماسية في محاولة لمنع هذه الخطوة، وأشارت إلى أن «نصف قضاة المحكمة أبدوا تأييدهم لإصدار أمر بوقف الحرب، قبل حتى العملية العسكرية في رفح، والتي لا تحظى بدعم أمريكي».
من جهة أخرى، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في كلمة مسجّلة بُثّت خلال مؤتمر دولي للمانحين في الكويت «تتسبب الحرب في غزة بمعاناة إنسانية مروعة، تزهق الأرواح، وتشتت شمل العائلات، وتجعل أعداداً هائلة من الناس بلا مأوى، يعانون الجوع والصدمة». وكرر غوتيريش دعوته إلى «وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن، وزيادة فورية في المساعدات الإنسانية». وتعهّدت جهات مانحة خلال مؤتمر في الكويت، تقديم أكثر من ملياري دولار لمساعدة قطاع غزة المدمّر جراء الحرب المستمرة منذ اكثر من سبعة أشهر. وقال المؤتمر الذي نظمته الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في البيان الختامي، إن المبلغ «يتم تنفيذه خلال العامين 2024، 2025، وستعمل المبادرة خلال العامين القادمين -كمرحلة أولى قابلة للتمديد- على حشد الجهود لدعم التدخلات الإنسانية المنقذة للحياة في قطاع غزة».
من جانبه، دعا فولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة إلى الاتفاق بشكل عاجل على وقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن على الفور، محذراً من أن هجوماً واسعاً على رفح «لا يمكن أن يحصل»، مؤكداً أن هجوماً كهذا يتعارض مع «القانون الدولي الإنساني». وقال المسؤول الأممي إنه تم تهجير أكثر من 278 ألف شخص منذ أصدر الجيش الإسرائيلي أمر إخلاء الفلسطينيين في شرق رفح، لافتاً إلى أنه لا يوجد مكان آمن في غزة. وأشار إلى أن الوضع اليائس قد تفاقم بسبب الأعمال التي تعرقل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر المعابر الثلاثة، إضافة إلى النقص الحاد في الوقود، ما يعوق كل شيء، من الحركة إلى توزيع الغذاء، وتشغيل المستشفيات، وخدمات الطوارئ، والعلاج، والاتصالات.
في غضون ذلك، دافع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، عن قرار وقف تسليم 3500 قنبلة لإسرائيل بسبب مخاوف من إمكانية استخدامها في مدينة رفح، قائلاً إن إسرائيل ليست لديها «خطة ذات مصداقية» لحماية نحو 1.4 مليون مدني يحتمون هناك. وحذر من أن هجوماً إسرائيلياً واسعاً على رفح سيزرع «الفوضى» من دون القضاء على «حماس»، مقرّاً بأن عدد المدنيين الذين قضوا في الحرب أكثر من عدد القتلى في صفوف الحركة الفلسطينية. (وكالات)