يصبو العراق إلى زيادة احتياطي النفط لأكثر من 160 مليار برميل، وهو في سبيل ذلك أطلق مجموعة من المشاريع الخاصة بزيادة الإنتاج، فاتحاً الباب أمام مزيد من الاستثمارات في مجال الاستكشافات.
وفي هذا السياق، بزغت الشركات الصينية كلاعب رئيسي، بعد أن فازت عدد من الشركات بمزيدٍ من الاستثمارات الجديدة لاستكشاف حقول النفط والغاز في العراق ضمن جولة تراخيص لتطوير قطاع النفط والغاز في البلاد التي أطلقتها وزارة النفط.
- جولة التراخيص تشمل 29 مشروعاً.
- تهدف هذه الجولة لزيادة الإنتاج للاستهلاك المحلي.
- تأهلت أكثر من 20 شركة لجولة التراخيص، بما في ذلك مجموعات أوروبية وصينية وعربية وعراقية.
- الشركات الصينية هي الوحيدة من بين الشركات الأجنبية التي تحصل على استثمارات في جولة التراخيص الحالية التي بدأت السبت.
- من الملحوظ عدم وجود شركات نفط أميركية كبرى.
وضمت قائمة الشركات الصينية التي فازت أخيراً بالعطاءات الجديدة، بحسب ما أعلنه وزير النفط العراقي حيان عبد الغني، الأحد، كلا من:
- الشركة الصينية “سينوك العراق”، و التي فازت باستثمار تطوير الرقعة 7 لاستكشاف النفط الممتدة على مساحة 6300 كيلومتر مربع عبر محافظات الديوانية وبابل والنجف وواسط والمثنى بوسط وجنوب البلاد.
- شركات تشنهوا وأنتون وسينوبك أيضاً فازت باستثمارات تطوير حقول أبو خيمة في المثنى والظفرية في واسط وسومر في المثنى على الترتيب.
دعم المنافسة
بدوره، يؤكد مدير المركز العراقي للدراسات، غازي فيصل، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن:
- الصين في الواقع في حالة تنافس اقتصادي واسع النطاق مع الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، ومع مختلف القوى الاقتصادية الدولية.
- الصين تتمتع بنفوذ اقتصادي واسع في مجالات الاستثمار والقروض والتمويلات؛ بهدف ضمان أمن الطاقة وتغطية احتياجاتها اليومية -والتي تقدر بنحو 11 مليون برميل يومياً حجم واردات الصين- بخلاف الغاز.
- تعد منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي مناطق استراتيجية للصين.. وبالتالي تتنافس مع الشركات الأميركية والإقليمية في مجال الغاز والطاقة والصناعات التحويلية.
- منطقة الشرق الأوسط تمتلك ثروات هائلة، لا سيما العراق الذي يمتلك وحده أكثر من ما قيمته 20 تريليون دولار معادن مازالت لم تستثمر وبإمكان الشركات الكبرى أن تتنافس للدخول في استثمارات واسعة النطاق، إضافة إلى احتياطات الغاز والنفط، إذ يعد العراق ثاني احتياطي للنفط بعد السعودية.
ويوضح أن هذا النشاط الصيني في العراق يأتي في إطار التنافس الاقتصادي الدولي الراهن، مشيراً إلى أن الصين تتنافس بصورة خاصة مع الشركات الأميركية والأوروبية لتقديم الأفضل.
ويضيف: نشاط الصين يأتي في إطار التنافس المشروع في العلاقات الاقتصادية الدولية؛ للحصول على أفضل المكاسب ولضمان مصالح الصين واحتياجاتها من المعادن والطاقة في ضوء امتلاكها أفضل التكنولوجيا المتطورة في الصناعات المختلفة.
ووفق البيانات الصينية الرسمية، الصادرة عن الإدارة العامة للجمارك، فإن واردات بكين من النفط الخام وصلت في 2023 لأعلى مستوياتها على الإطلاق مع تعافي الطلب على الوقود بعد التراجع الناجم عن جائحة كورونا، وذلك رغم الرياح الاقتصادية المعاكسة.
ارتفعت الواردات 11 بالمئة مقارنة مع 2022 إلى 563.99 مليون طن أو ما يعادل 11.28 مليون برميل يوميا، ارتفاعا من المستوى القياسي السابق المسجل في 2020 وبلغ 10.81 مليون برميل يوميا.
أهداف استراتيجية
من جانبه، يوضح استاذ الاقتصاد بالعراق، نبيل المرسومي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أنه:
- من الملاحظ أن ثمة سيطرة واسعة للصين على الحقول المعروضة ضمن جولة التراخيص الحالية للتنقيب التي تم طرحها من قبل وزارة النفط.
- معظم الشركات الصينية التي فازت بعقود متواجدة بالفعل في العراق.
- أهم المناطق والحقول التي تمت ترسيتها كانت من حصة الشركات الصينية بشكل خاص.
ويرجع اهتمام الصين بالعراق إلى وجود بغداد كمركز للطاقة العالمية وباعتبارها أحد أكبر المنتجين، مضيفاً أن الصين مستورد كبير للنفط، وبالتالي هي في حاجة لتأمين إمدادات الطاقة بصورة منتظمة، والعراق يحقق ذلك.
كما يوضح أن العراق مكاناً مناسباً للصين في ضوء قدرة الشركات الصينية على الانسجام مع البيئة العراقية، وبالتالي دعم قدرتها على تحقيق أهداف استراتيجية.
وكان وزير النفط العراقي، حيان عبد الغني، قد عبر، السبت، عن أمله في أن يتجاوز احتياطي البلاد النفطي 160 مليار برميل، وذلك خلال إطلاق جولتي تراخيص جديدة للاستثمار في 29 حقلاً، بجانب رقع استكشافية من النفط والغاز.
وشملت الجولتان حقولاً ورقعاً استكشافياً في 12 محافظة وبقعة تقع في المياه الإقليمية العراقية.
بيئة استثمارية هامة
وإلى ذلك، يلفت الخبير الاقتصادي العراقي، الدكتور جعفر الحسيناوي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أنه:
- لا شك أن العراق يمثل بيئة استثمارية مهمة لجميع الشركات العالمية لما يمتلكه من موارد طبيعية هائلة من نفط خام ومكامن غاز كبرى غير مستثمرة وكميات كبيرة من الفوسفات والكبريت وما إلى ذلك.
- تتهافت تلك الشركات على العراق -ومنها الشركات الصينية- مدفوعة بالرغبة في تحقيق عوائد اقتصادية وفرص استثمارية حقيقية، من الناحية الاقتصادية.
- على صعيد الناحية السياسية، يكتسب موقع العراق أهمية خاصة في المنطقة، ولذلك تحاول الصين التواجد هناك وإبعاد السيطرة (النفوذ) الأميركية.
وقال رئيس الوزراء العراقي،محمّد شياع السوداني خلال انطلاق جولة التراخيص إن “العراق يتوقع الحصول على أكثر من 3459 مليون قدم مكعب قياسي يومياً من الغاز، وأكثر من مليون برميل من النفط باليوم، من خلال هاتين الجولتين”.
وأضاف: “ستسهم هذه المشاريع الاستراتيجية بزيادة الاستثمارات في تلك المحافظات، بما يساعد على تحسين واقعها الاقتصادي والخدمي”.
علاقات متطورة
ويلفت المستشار في شؤون الطاقة مصطفى البزركان، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أن العلاقات التجارية والسياسية بين الصين والعراق “متطورة” وهنالك دعم شعبي لخطوات الحكومة في تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية خاصة في ظل مواقف شعبية معارضة لتعزيز العلاقات مع واشنطن ولندن، فكان ذلك صالح العلاقات المتطورة مع الصين.
ويستطرد: خلال العامين الماضيين كان هناك أكثر من مغادرة لشركات أميركية وغربية نفطية من العراق، ما دفع بالشركات الصينية لتوجيه استثماراتها وخبراتها التقنية إلى العراق، وآخرها كان يوم الاثنين الماضي بفوز شركة صينية باستثمارات نفطية في منطقة جبل سنام على الحدود مع الكويت.
وتشكل مبيعات النفط الخام 90 بالمئة من إيرادات الميزانية العراقية. ولكن على الرغم من ثروتها النفطية الهائلة، لا تزال البلاد تعتمد على الاستيراد لتلبية احتياجاتها من الطاقة، وخصوصاً الغاز لتشغيل الكهرباء.
وقد أعلن العراق، العضو المؤسس في منظمة أوبك، التزامه كما دول أخرى بتخفيض الانتاج الطوعي لدعم الأسعار المتضررة من حالة عدم اليقين الاقتصادي.
وقال وزير النفط العراقي حيان عبد الغني الأحد، إن بغداد ستلتزم بتخفيضات الإنتاج الطوعية التي توصل إليها تحالف أوبك+ في اجتماعه المقبل في الأول من يونيو. ويضم التحالف منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجين من خارجها بقيادة روسيا.
ويعدل الوزير بهذه التصريحات عن أخرى أدلى بها، السبت، بأن العراق أجرى ما يكفي من التخفيضات الطوعية ولن يوافق على أي تخفيضات جديدة في الإنتاج.